الأردن: المدينة والمواطن

الأردن: المدينة والمواطن

01 نوفمبر 2017
أعلنت الحكومة نيتها إقامة مدينة جديدة (عوض عوض/فرانس برس)
+ الخط -
بشكل مفاجئ، أعلنت الحكومة الأردنية نيّتها إقامة مدينة جديدة تكون إلى الجنوب من العاصمة عمّان، وهو مشروع لو قدر له أن يرى النور سيكون الأكبر في التاريخ الحديث للدولة.

يفترض بمشروع بهذا الحجم أن يُحاط بدقة وحرص شديدين في جميع مراحله منذ أن بدأ فكرة مروراً ببلورته واتخاذ قرار بالسير في تنفيذه وما يستتبع من إجراءات تتعلق باختيار المكان ووضع المخطط الشمولي وخطط التمويل.

الأهم من ذلك كله اختيار طريقة لائقة في طرح المشروع أمام الرأي العام، بشكل يحترم وعي المواطنين المتوجسين بشكل دائم من القرارات الحكومية نتيجة لفجوة الثقة.

كالعادة، اختارت الحكومة طريقة بدائية للإعلان عن المشروع، معتمدة على تصريحات موجزة غابت عنها المعلومات، لتفتح الباب على مصراعيه لانتقال المشروع من طموح كبير على الأرض إلى مادة للسخرية والتندر مساحتها مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أثارت التصريحات المتضاربة حول المشروع، والتعتيم والسرية التي فرضت أعقاب الإعلان، شكوك المواطنين الذين تراءت لهم المدينة قصة فساد جديدة.

طرح مشروع المدينة الجديدة بداية الأمر لتكون عاصمة بديلة عن عمّان، قبل أن يجري التراجع عن الطرح، وأخفي موقعها حتى لا يكون الكشف عنه سبباً في ارتفاع أسعار الأراضي التي ستقام عليها ليتبين لاحقاً أنها ستقام على أراضٍ تملكها الخزينة، وصورت على أنها مجمع دوائر حكومية ليظهر أنها مدينة متكاملة بمعنى الكلمة.

ماذا كان يضير الحكومة لو خرجت على الرأي العام بملف متكامل تشرح فيه دوافع المشروع وأهدافه وآليات تنفيذه ومصادر تمويله، حتى لا تجد نفسها مضطرة كما هو الحال للدفاع عن نفسها أمام سيل الاهتمامات الجارف؟

وماذا كان يضيرها لو تعاملت مع المواطنين على قاعدة الشراكة في التخطيط لمستقبل الوطن، بدلاً من الاستمرار في أداء دور الوصي حتى على أحلامهم وآمالهم؟

في الوقت الذي تخوض فيه الحكومة تجربة محفوفة بالاحتمالات في بناء المشروع الكبير، كان حريّاً بها أن تشرع قبل ذلك في بناء مشروع أكبر يكون أساسه تعزيز قيمة المواطن والارتقاء به إلى مستوى الشريك، وبعدها تكون الانطلاقة. 

دلالات

المساهمون