الأردن ..المؤسسة العسكريّة حلم الشباب

الأردن ..المؤسسة العسكريّة حلم الشباب

25 مارس 2015
هناك ارتباط عاطفي بالمؤسسة العسكرية (الأناضول)
+ الخط -

"كلّ الأردن عسكر". عبارةٌ يستخدمها الأردنيون بكثرة، للدلالة على انخراط عدد كبير من الشباب بالمؤسسات العسكرية، بدءاً من تأسيس القوات المسلحة الأردنية وحتى اليوم. ويرى الأردنيون أن هذا الإقبال هو بمثابة تأكيد على أن الشباب على استعداد للدفاع عن بلادهم في مواجهة أي خطر.

ويكادُ لا يخلو أي بيت من بيوت الأردنيين من رجلٍ عسكري، سواء متقاعد أو في الخدمة، عدا عن أولئك الحالمين في الالتحاق بهذه المؤسسات، وإن اختلفت دوافعهم، علماً أنها تؤمّن لهم دخلاً مقبولاً وامتيازات عدة.

في هذا السياق، يتحدث العقيد المتقاعد ماجد الكواليت عن الصورة التي كانت بمثابة دافع له، للالتحاق بالقوات المسلحة. يقول: "كنت ما زلت في المرحلة الإعدادية عندما نشرت إحدى الصحف على صفحتها الأولى، صورة للملك الراحل حسين بن طلال، وهو يرتدى اللباس العسكري ويتوسط ضباط وجنود القوات المسلحة. كانت الصورة جميلة جداً. قصصتها واحتفظت بها. وكلّما كنت أنظر إليها، زاد حلمي بالالتحاق بالقوات المسلحة".

الكواليت حقق حلمه عندما التحق بجامعة "مؤتة"، وتخرج منها ليصبح ضابطاً في القوات المسلحة، حتى تقاعد منها وهو يحمل رتبة عقيد. يقول: "عشت أجمل أيام حياتي في الخدمة العسكرية. تعلمت الانضباط الذي سعيت إلى تطبيقه في حياتي اليومية". يضيف: "لطالما شعرت بالسعادة وأنا أمشي مرتدياً البزة العسكرية. يكفي ما كنت أراه في عيون الناس".

ويتمتع المنتسبون للقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، بمنافع وميزات لا تتوفر لغيرهم من العاملين في القطاعات الرسمية أو الخاصة. يحصل هؤلاء على تأمين صحي مدى الحياة يشمل عائلاتهم، وضمان اجتماعي، ومسكن، وتعليم مجاني لأبنائهم في المدارس والجامعات. كذلك، يمكن للمتقاعدين العمل كخبراء في دول عدة قد ترغب بالاستفادة من الخبرات العسكرية الأردنية.

هذه الامتيازات جعلت الالتحاق بالمؤسسات العسكرية بمثابة حلم لدى كثير من الشباب، وخصوصاً أولئك الذين يعانون من البطالة (وصلت نسبتها العام الماضي إلى 12 في المائة بحسب دائرة الإحصاءات الأردنية). وكثيراً ما تُناشد العشائر الملك عبد الله الثاني، بفتح باب التجنيد في الجيش والمؤسسات الأمنية أمام أبنائها.

في السياق، يقول اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، إن "التجنيد العسكري يساهم في
تقليص معدلات البطالة وتنمية المجتمع"، لافتاً إلى أن من يلتحق بالجيش يعش حياة كريمة، مشيراً إلى أن الحياة العسكرية لا تقتصر على العمليات القتالية. فهناك مجالات أخرى للعمل في هذه المؤسسات، على غرار الطب والهندسة وغيرها.

يتابع أبو نوار أنه عندما اندلعت حرب 1967، طلب الالتحاق بالجناح العسكري، ليصبح طياراً عسكرياً في سلاح الجو، وهذا ما حدث، مؤكداً أن "غالبية أفراد القوات المسلحة يلتحقون بها من أجل الوطن، وبهدف التحول إلى أبطال". يضيف أنه بعدما أصبح طياراً عسكرياً، التحق بالعديد من الدورات العسكرية في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من دول العالم.

يحظى العسكري في الأردن باحترام وتقدير المجتمع، بسبب التضحيات التي يبذلها للحفاظ على أمن واستقرار البلاد، بحسب الباحث الاجتماعي حسين الخزاعي. ويؤكد أن العمل في المؤسسات العسكرية يتقاطع مع الطبيعة البدوية للمجتمع الأردني، الذي يتميز بالشجاعة. ويذكر أن نواة الجيش الأردني تشكلت من البدو، قبل أن تنضم إليه مختلف الشرائح الاجتماعية الأردنية.

يتابع الخزاعي إن انتشار اللباس العسكري بين المواطنين المدنيين، يدل على الارتباط العاطفي بهذه المؤسسة، بالإضافة إلى انتشار العديد من الأغاني التي تمجد الجيش، والتي أصبحت جزءاً من ثقافته.

مناصب سياسيّة

تمكن كثير من العسكريين المتقاعدين في الأردن من تبوأ مناصب سياسية مهمة، ونجحوا في أن يكونوا رؤساء وزارات ومديري مؤسسات وإدارات مدنية. وكان لآخرين دورهم في مجلس النواب، بعدما تمكنوا من الفوز بنسبة مقاعد لا بأس بها، بالإضافة إلى تعيين عدد منهم في مجلس الأعيان الذي يختاره الملك. جميع هذه المكتسبات تغري الشباب للالتحاق بالمؤسسة العسكرية.