الأردن.. ارتياح حزبي لإجراء انتخابات مجلس النواب في موعدها الدستوري

الأردن.. ارتياح حزبي لإجراء انتخابات مجلس النواب في موعدها الدستوري

30 يوليو 2020
حكومة الرزاز باقية ما لم تصدر إرادة ملكية بحلّ مجلس النواب(شادي النسور/الأناضول)
+ الخط -

صدر، أمس الأربعاء، مرسوم ملكي في الأردن بإجراء الانتخابات لمجلس النواب، وفق أحكام القانون، وهو ما يعني أنّ حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز باقية ما لم تصدر إرادة ملكية بحل المجلس، فيما حددت الهيئة المستقلة للانتخاب في اجتماع لها، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً للانتخابات النيابية.

وعلى الرغم من أنّ العديد من الأحزاب الأردنية ترى أنّ قانون الانتخاب الحالي لا يخدم الأحزاب بشكل حقيقي للوصول إلى مجلس النواب، ويصبّ بقدر أكبر في مصلحة المعتمدين على المال السياسي والجهويات للوصول إلى البرلمان، إلا أنها رحبت بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وتتجه للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

ووفق قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب الحالي، في مارس/ آذار عام 2016، يجري الترشح لملء المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية بنظام القائمة النسبية المفتوحة، التي يجب أن تضمّ عدداً من المرشحين لا يقلّ عن ثلاثة، ولا يتجاوز عدد المقاعد النيابية المخصصة للدائرة.

ويُدلي الناخب بصوته لقائمة واحدة فقط من القوائم المرشحة أولاً، ثمّ يصوت لكل واحد من المرشحين ضمن هذه القائمة، أو لعدد منهم.

يُدلي الناخب بصوته لقائمة واحدة فقط من القوائم المرشحة أولاً ثمّ يصوت لكل واحد من المرشحين ضمن هذه القائمة أو لعدد منهم

وقال الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي" مراد العضايلة، أكبر الأحزاب الأردنية تمثيلاً في مجلس النواب الحالي الثامن عشر، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ قرار المشاركة في الانتخابات "يحتاج إلى قرار من مجلس شورى الحزب، وهو من يقرر المشاركة من عدمها".

وأضاف العضايلة أنّ "هناك رغبة ومطالب بأن تظهر الحكومة والهيئة المستقلة والأجهزة الرسمية حياداً في مختلف مجريات العملية الانتخابية، وأن يكون هناك مؤشرات واضحة على نزاهة الانتخابات وعدم التدخل فيها حتى يرتاح المواطن"، معتبراً أن الثقة في العملية الانتخابية عند الكثير من المواطنين "غير كبيرة، وهذا يحتاج إلى إعادة الثقة وترسيخها لدى المواطنين".

وعن عدم إجراء أي تغييرات على قانون الانتخاب، قال العضايلة، لـ"العربي الجديد"، إنه كانت هناك مطالب من فئة واسعة من المواطنين والأحزاب لتعديل أو تغيير قانون الانتخاب، إلا أنه لم يحدث أي تجديد أو تغيير. ولفت إلى أن القانون "ظهرت فيه عيوب كثيرة ولم يجرِ تعديلها أو تغييرها".

وبرأيه إن "عدم وجود إصلاح سياسي حقيقي، يفاقم الأزمات، ويفقد الناس ثقتهم بالكثير من مؤسسات الدولة، ويضعف المشاركة في الانتخابات".

تحديات كبيرة

من جانبه، يرى الأمين العام لـ"الحزب الوطني الدستوري" الأردني أحمد الشناق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "تحديات كبيرة تواجه الأردن، وهي اقتصادية سياسية"، معتبراً أنّ تحديد موعد الانتخابات "تأكيد لمبدأ أنّ الانتخابات استحقاق دستوري لا يرتبط بأي ظرف آخر لإجرائها".

وشدد الشناق على "ضرورة أن يبدي الشعب رأيه بالتحديات الاقتصادية والسياسية عبر العملية الانتخابية، ويشكل البرلمان الذي يريده باختيار النائب الذي يمثله لمواجهة التحديات، كالفقر والبطالة والمديونية"، مبيناً أنّ "المرحلة القادمة مرحلة صعبة إقليمياً، والشعب يجب أن يقرر من يمثله في المجلس القادم، ويجب أن يكون المجلس القادم ممثلاً بشكل حقيقي وقوي للشعب".

وقال إنّ "الحكومة قدمت نظاماً مالياً لدعم الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية، وعنوان هذا الدعم المالي قائم على الائتلافات الحزبية، والآن الكرة في مرمى الأحزاب، تصوغ برامجها وتقدم مرشحيها"، مشدداً على "ضرورة أن يكون البرلمان القادم فيه تمثيل حزبي حقيقي".

وأضاف الشناق أنّ "على الأحزاب ترتيب بيتها الداخلي الحزبي، وتقديم برامج واضحة ومحددة"، داعياً المواطنين إلى مراجعة أنفسهم عند اختيار النواب، واصفاً البرلمان الحالي بأنه "من أضعف البرلمانات التي مرت على البلاد".

ولفت إلى أن العشائرية والمال السياسي "لا يمكن إلغاؤهما"، لكنه شدد على ضرورة ممارسة الشباب الأردني دوره في اختيار النائب المناسب في العملية الانتخابية وتحديد أولوياته، لتجديد الحياة السياسية والبرلمانية من خلال المجلس القادم.

الشناق: الكرة في مرمى الأحزاب، تصيغ برامجها وتقدم مرشحيها

من جانبه، أصدر ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، بياناً، اليوم الخميس،اعتبر فيه أنّ اعتماد القانون الحالي للانتخاب يحمل في جوهره "إقصاءً متعمداً للقوى والأحزاب السياسية وانحيازاً للصوت الواحد الفئوي، الذي عانى من نتائجه الشعب الأردني على امتداد دورات نيابية طويلة".

وقال البيان إنه "بعد صدور الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات النيابية للمجلس النيابي التاسع عشر، وذلك بتاريخ 10 نوفمبر/ تشرين ثاني، كما صدر عن الهيئة المستقلة للانتخابات، فإننا نرى أن الضرورات الوطنية الملحة والتحديات غير المسبوقة التي تواجه الوطن والشعب الأردني على جميع الاصعدة، تستدعي إجراءات جوهرية على قانون الانتخابات الحالي، لتؤسس لمجلس نيابي قادر على التصدّي للموجبات الوطنية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

وأضاف الائتلاف أنّ إجراء الانتخابات النيابية "حق دستوري وواجب وطني، ونتطلع إلى أن تشكل نتائج الانتخابات مدخلاً موضوعياً لإرساء قواعد جديدة في العمل السياسي تقوم على احترام التعدد والحرص على تمثيل أوسع الفئات الاجتماعية في البرلمان على قاعدة المساواة والعدالة وترميم العلاقة بين المؤسسات الرسمية والشعب".

وأوضح قائلاً: "لقد تقدمت كثير من الأحزاب والقوى بمقترحات تعديلية على القانون، كان أهمها وأكثرها توافقاً، تلك المتعلقة باعتماد القوائم الوطنية المغلقة ومبدأ التمثيل النسبي الذي لا يتحقق إلا بالاقتران بالقوائم المغلقة، وعليه فإننا نتقدم باقتراح يدعو إلى عقد دورة استثنائية لمجلس النواب من أجل مناقشة وإقرار التعديلات التي طالبت بها معظم القوى والأحزاب الوطنية وإرساء قاعدة تشريعية متينة للتمثيل الديمقراطي الواسع في البرلمان القادم".

ويضم ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية أحزاب البعث العربي الاشتراكي، البعث العربي التقدمي، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة، الشعب الديمقراطي الأردني (حشد)، والشيوعي الأردني وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني "الوحدة".

بدوره، رحب حزب "الوسط" الإسلامي، في بيان له، بصدور الإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات النيابية وفقاً لأحكام الدستور، معتبراً أنّ القرار "ترسيخ للنهج الديمقراطي"، مبيناً أنه استكمل استعداداته للمشاركة في الانتخابات القادمة "تحقيقاً للمصلحة الوطنية ودعماً للنهج الديمقراطي والمشاركة في الإصلاح ضمن القنوات الدستورية".

مجلس يسلم مجلساً

من جهته، يقول الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه بصدور الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات البرلمانية وفقاً لأحكام القانون، فإن هذا يعني ضمناً أن مجلس النواب الحالي سيسلّم مجلس النواب، دون المرور بحلّ مجلس النواب، وحلّ الحكومة كما يشير الدستور، وهذا ما أشار إليه الملك في أوراقه النقاشية، بأن مجلساً يسلّم مجلساً، وحكومة تسلّم حكومة، أي كلاهما يكمل مدته القانونية".

ويضيف شنيكات أن "الأداء الضعيف للمجلس، وعدم تأثيره في الحياة السياسية، لا يلغي وجوده وضرورته، وأسباب ضعفه متعددة، منها ما هو مؤسسي، ومنها ما هو موضوعي، ومنها ما هو متعلق بقوانين الانتخاب والأحزاب السياسية التي لا تساهم في إفراز مجلس النواب القادر على القيام بواجباته".

وتابع: "لقد كانت المشاركة في الانتخابات الماضية ضعيفة، ومن غير المتوقع أن يتغير الوضع، لأن القوانين بقيت كما هي، والحقيقة أن كمّ الإحباط واليأس من المجلس كبيرة، وهذا يعطي انطباعاً بأن المشاركة ستكون ضعيفة لأسباب متعلقة بأداء المجلس نفسه، ولعدم تغيير قوانين الانتخاب والأحزاب الحالية لكي تصبح جاذبة للعمل السياسي، وتكون أكثر تعبيراً عن خيارات الناس، وترفع من أداء مجلس النواب بوصفه محركاً أساسياً في صنع السياسات العامة، كذلك التدخلات السابقة في العملية الانتخابية كما أشار إليها رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في محاضرة سابقة له.

ويرى أنّ "من غير المتوقع حدوث مشاركة كبيرة في ظل الأسباب السابقة، ومن غير المتوقع أن يتطور ويتعزز أداء مجلس النواب في ظل المعطيات السابقة أيضاً".

وتابع شنيكات: "لذلك، لن نشهد تكتلات انتخابية على أساس حزبي وبرامجي، بل سنشهد تكتلات على أساس مصلحي ضيق أو عشائري أو مناطقي، وهو مشابه لما جرت عليه الانتخابات البرلمانية السابقة، وهذا ما أفرز مجلس نواب ضعيفاً، بالإضافة إلى أن حجم التحديات الكبير قد ولد إحساساً وشعوراً بأنّ من الصعوبة على المجلس أياً كان أن يجري تغييرات في ظل هذه المعطيات المتوافرة. لذلك، نحن بحاجة إلى نظرة أكثر شمولاً تعالج الأمر بالأبعاد كافة".

شنيكات: لن نشهد تكتلات انتخابية على أساس حزبي وبرامجي بل سنشهد تكتلات على أساس مصلحي ضيق أو عشائري أو مناطقي

وجاء الإعلان الملكي وسط حالة من الترقّب في الأوساط السياسية حول موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، خصوصاً أنه منذ مرحلة الانفراج الديمقراطي عام 1989 لا يوجد موعد ثابت وحاسم لإجراء الانتخابات النيابية، فقد اعتاد الأردنيون حلّ مجلس النواب قبل انتهاء ولايته، رغم أن الأصل الدستوري يحدد عمر مجلس النواب الأردني بأربع سنوات.

وينتهي عمر مجلس النواب الحالي الـ18 دستورياً، في أواخر سبتمبر/ أيلول المقبل، والحل المبكر جائز للملك، وفقاً للدستور، لكنه محكوم بضوابط دستورية وتقديرات صاحب القرار للمصلحة الوطنية العليا، غير أن حلّ مجلس النواب يعني رحيل الحكومة دستورياً.