الأردن... "رؤيا" مشوشة

09 سبتمبر 2015
+ الخط -
لا يختلف اثنان في الأردن على أن قناة "رؤيا" التلفزيونية الخاصة قد أخطأت أو أساءت التقدير عندما بثت عبر شاشتها التي تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، مقطعاً فكاهياً تضمن إيحاءات جنسية. وقد يتفق الغالبية على أن المنتج الكوميدي الذي تقدمه القناة ممل وساذج في معظم الأحيان، لكن أحداً لم يقتنع بعد بث المقطع الفكاهي، والذي شغل الرأي العام الأردني، سوى بموقفه الخاص في معالجة ما اعتبره جمهور عريض تجاوزاً على الأخلاق العامة وما رأى فيه البعض حرية يجب الدفاع عنها.

كانت "رؤيا" تعتقد أنها تقدم خدمة للمجتمع من خلال برنامجها الساخر الذي استنسخته عن برنامج بريطاني مخصص للآباء ينتقد القصص والبرامج الموجهة للأطفال ويكشف عيوبها أمامهم، وهو ما أشارت إليه القناة في بيانها الذي اعتذرت فيه عن سوء فهمها خلال محاولتها "تقديم نقد ساخر لما وصلت إليه بعض وسائل الإعلام العربية في تقديمها للبرامج المخصصة للأطفال، بعيداً عن الضوابط التربوية"، لكن الثابت أن "رؤيا" وفي محاولتها كشف واقع البرامج الموجهة للأطفال أمام الآباء وقعت في الخطأ الذي قادهم إلى سوء الفهم والمتمثل بعجزها عن استنساخ تجربة البرنامج الأصلي بروح إبداعية جديدة تراعي الضوابط الاجتماعية المحلية وتلتزم بقوانين ترخيص القناة. أخطأت القناة، وهو خطأ يمكن تجاوزه باعتذارها، مع التعهد بالرقابة على منتجها ليتناسب وقيم المجتمع المحافظ الذي يمتلك بكبسة "ريموت كنترول" خيارات لا حصر لها من القنوات التي تبث ما هو أكثر من الإيحاءات الجنسية الساذجة.

يكفي أن تحاسب على خطئها أمام القضاء الذي أحيلت إليه على خلفية المقطع المثير، لكن الأخطاء التي يصعب تجاوزها، هي تلك التي اقترفها المجتمع المنقسم على نفسه حول ما أقدمت عليه "رؤيا". أصوات تتعالى مطالِبة بإغلاق القناة التي حققت قفزة بحرية الإعلام، وحملات تنظم لهذا الهدف تحت مبرر القضاء على الفاحشة والرذيلة، اتهامات بالعمالة والجاسوسية تلاحق مالكها "النصراني"، وثورة "إسلامية" تهاجم من يدافع عنها وتتهمه بالانحلال والفسق، ومدافعون عنها يصفون معارضيها بالظلاميين والمتخلفين، كل هذا والأردن يواصل التغني بوحدة النسيج الوطني وتماسكه.
دلالات