الأخطاء الطبية في لبنان تستمر.. شلل الطفلة صوفي

الأخطاء الطبية في لبنان تستمر.. شلل الطفلة صوفي

16 يونيو 2016
مأساة صوفي تعيد طرح ملف الأخطاء الطبية (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يتجاوز اللبنانيون بعد صدمة فقدان الطفلة إيلا طنوس أطرافها الأربعة، نتيجة "خطأ في التشخيص الطبي"، حتى تحولت الطفلة صوفي مشلب إلى إيلا جديدة، بعدما أصيبت بالشلل الكامل، بعد إجراء عملية استئصال ورم غير خبيث من أسفل ظهرها، بعد أقل من شهرين على ولادتها.

يؤكد والد الطفلة، فوزي مشلب، لـ"العربي الجديد"، أن "ابنته ولدت في بداية الشهر الثامن من الحمل، وخضعت لعملية في البلعوم بعد ثلاثة أيام من ولادتها، وكانت صحتها جيدة، إلى أن اكتشف الطبيب وجود ورم غير خبيث في أسفل ظهرها".

قرر الطبيب، بحسب الوالد، إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم، "وبعد العملية انخفض ضغط الدم لدى صوفي بشكل كبير لمدة ثماني ساعات، ما استدعى نقل دم لها، فأخبروني في المستشفى بأن الدم بحاجة إلى نوع من المعالجة، وهي عملية تتطلب أجهزة خاصة غير موجودة في المستشفى، فنقلت الدم بسيارتي إلى مستشفى آخر في بيروت للمعالجة، وعدت ليتم تزويد صوفي به".

ويتابع "قُدت السيارة بشكل جنوني خلال نقل الدم، ولم أفهم سبب عدم قيام المستشفى بذلك". وكانت الفحوصات السابقة للعملية قد أظهرت إصابة الطفلة بفقر دم شديد، "ومع ذلك قرر الطبيب المضي في إجراء العملية". تعرضت كليتي صوفي لضغط شديد خلال العملية، نتيجة انخفاض حاد في ضغط الدم، وكادت أن تحتاج لعملية غسل كلى، "لكن الأمور مرت على خير أو اعتقدنا ذلك"، يقول الوالد.

خلال الأشهر اللاحقة للعملية لاحظ أهل صوفي تباطؤ استجابتها لهم وتوقف جسدها الصغير عن النمو، فراجعوا الأطباء المعالجين، "الذين أكدوا بداية أنه أمر طبيعي لطفلة ولدت في الشهر الثامن، ثم قرروا إجراء صور أشعة لها، ولكن بعد تخديرها، فرفضت"، بحسب الأب.
أصر الوالد على رفض التخدير بسبب الوضع غير السليم لكليتي طفلته الرضيع، "قمت بنقلها إلى مستشفى آخر لإجراء الصورة، وبالفعل أكد طبيب الأشعة في المستشفى الثاني إمكانية إجراء الصورة من دون تخدير".


شكلت نتيجة الصورة صدمة للأهل وصفحة أولى من مأساتهم التي يعيشونها منذ ذلك الحين "فالدماغ عملياً غير موجود. أظهرت الصورة تآكلاً كبيراً في خلايا الدماغ، وهو ما أدى إلى إصابتها بشلل في مختلف الحواس". ويؤكد الوالد، الذي راجع عددا من أخصائيي الأطفال، أن "تأجيل العملية كان الخيار الأفضل، وهو ما أجمع عليه أخصائيون لبنانيون وأجانب قمت بمراجعتهم وعرض التقارير الطبية لصوفي عليهم".

راجع الوالد إدارة المستشفى بشأن تراجع الوضع الصحي لطفلته الرضيع، وطلب تسليمه الملف الطبي الخاص بها، فرفضت إدارة المستشفى. ويقول الوالد إنه أوضح لإدارة المستشفى أن هدف طلب التقرير هو إرساله إلى مستشفى "جون هوبكينز" في الولايات المتحدة الأميركية لدراسته وتقرير الخطوات اللاحقة في مسيرة صوفي الصحية، ومع ذلك تواصل الرفض.

لجأ الوالد إلى الخيار القضائي، وتم تسليمه الملف. كما قرر وزير الصحة، وائل أبو فاعور، فتح تحقيق في قضية الطفلة، وطلب الملف من المستشفى واستدعاء الأهل والطبيب المعالج إلى الوزارة.

ويؤكد والد الطفلة أنه غير معني بمهاجمة القطاع الطبي في لبنان، "بل على العكس لدينا في لبنان مجموعة كبيرة من الأطباء المهرة، لكن المشكلة تكمن في النظام الصحي اللبناني ككل". ويدعو الوالد، وزارة الصحة إلى إقرار "إلزام تسليم التقرير الطبي للمواطنين بشكل تلقائي من دون الحاجة إلى إخضاع ضحايا الحوادث المماثلة لضغوط قانونية ومادية، إلى جانب معاناتهم النفسية مع المأساة التي يعيشونها".

مأساة صوفي مشلب تعيد طرح ملف الأخطاء الطبية في لبنان، وسبل معالجة هذه الأخطاء ومحاسبة المُتسببين فيها. ولا يمكن التطرق إلى هذا الملف من دون الحديث عن الصلاحيات الواسعة والاستثنائية الممنوحة لنقابات المهن الحرة في لبنان، ومنها نقابة الأطباء، التي أضرب منتسبوها بسبب توقيف الطبيب الذي تسبب في بتر أطراف إيلا طنوس العام الماضي.

 

المساهمون