افتتاح باهت لمنتدى الاستثمار السعودي وسط مقاطعة دولية

افتتاح باهت لمنتدى الاستثمار السعودي وسط مقاطعة دولية

23 أكتوبر 2018
+ الخط -
بدأت في السعودية، اليوم الثلاثاء، أعمال منتدى "دافوس في الصحراء" الاستثماري، رغم مقاطعة دولية بارزة وانسحاب قيادات أعمال ورجال أعمال ومسؤولين كبار من عدة دول منه، على خلفية تطورات قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وافتتحت أعمال منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار"، الذي ينظمه "صندوق الاستثمارات العامة" برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، في نسخته الثانية في الرياض، عند الساعة 09,00 صباحا بالتوقيت المحلي (06,00 ت غ)، وستتواصل حتى الخميس.

وفي حين نقلت وسائل الإعلام السعودية خبر مشاركة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس الإماراتي حاكم إمارة دبي في المنتدى، كان لافتاً غياب مشاركة وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، رغم تواجده في الرياض.

ويطغى اغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول على المؤتمر الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام اسم "دافوس في الصحراء"، تيمّناً بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

سوفت بنك يلغي كلمته

وقال مصدر مطلع لرويترز إن ماسايوشي سون الرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك قد ألغى الكلمة التي كان من المقرر أن يلقيها خلال مؤتمر الاستثمار في السعودية. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إنه لم يتضح ما إذا كان سون سيشارك في المؤتمر الذي بدأت أعماله اليوم الثلاثاء. 

وغياب رجل الأعمال الياباني سون (61 عاما) عن المؤتمر سيكون على النقيض تماما من حضوره البارز للمؤتمر الأول العام الماضي، والذي أعطي مصداقية لجهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لجذب الاستثمارات إلى المملكة.

ولم ترد متحدثة باسم سوفت بنك علي طلب للتعقيب. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من أورد اليوم إلغاء سون كلمته. وجاء نحو نصف المبلغ الذي جُمع العام الماضي لتأسيس صندوق رؤية التابع لسوفت بنك، والذي تجاوز 93 مليار دولار، من السعودية

وكان ياسر الرميان مدير صندوق الاستثمارات العامة السعودي قال في المؤتمر اليوم الثلاثاء إن صندوق الثروة السيادي للمملكة استثمر في 50 أو 60 شركة عبر صندوق رؤية التابع لمجموعة سوفت بنك وإنه سيجلب معظم تلك الشركات إلى السعودية.

ووافق الصندوق السعودي على استثمار 45 مليار دولار في صندوق التكنولوجيا العملاق لسوفت بنك ويعمل الطرفان مع جهات أخرى على عدد من المشروعات الضخمة التي تتكلف مليارات الدولارات وترتبط بقطاع الطاقة الشمسية.

وتتجاوز أصول صندوق الاستثمارات العامة، الداعم الرئيسي لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، 250 مليار دولار وهو القاطرة الرئيسية لخطة المملكة لتنويع مواردها الاقتصادية التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط. 

ومقاطعة دولية واسعة

وعشية افتتاح المؤتمر، التقى ولي العهد الشاب (33 عاما) وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في الرياض، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية، علما أن المسؤول الأميركي ألغى مشاركته في المؤتمر على خلفية قضية خاشقجي.

ولم يتضمن الموقع الرسمي للمنتدى على الإنترنت أي تفاصيل حول المنتدى والمشاركين به، إذ اكتفت الصفحة بنقل كلمات عدد من المشاركين من أية تفاصيل أخرى. 

وإلى جانب منوتشين، ألغى مسؤولون دوليون ورؤساء شركات مشاركتهم في المؤتمر، بينهم رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، وزير مالية هولندا، فوبكه هويكسترا، ورئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، ورؤساء تنفيذيون لشركات عالمية.

كذلك، أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أمس الإثنين، تعليق صادرات المعدات العسكرية إلى المملكة، لحين الكشف عن المزيد من المعلومات بشأن خاشقجي.

كما أعلن وزير الخارجية الدنماركي أندرس صموئيلسن، عدم مشاركة بلاده في مؤتمر "دافوس الصحراء" الاستثماري في السعودية. جاء ذلك في تصريح صحفي، الثلاثاء، حيث أكد عدم ارسال الدنمارك ممثلا لها إلى المؤتمر. وشدد على أن ذلك رسالة واضحة، على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.

في حين شدد نائب رئيس الوزراء البلجيكي، ألكساندر دو كرو، اليوم الثلاثاء، على ضرورة إيقاف بلاده صادراتها من السلاح إلى السعودية، على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وطالب وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، أمس الإثنين، دول الاتحاد الأوروبي بموقف "موحد" بشأن وقف بيع السلاح إلى السعودية، حتى الكشف عن حقيقة ملابسات مقتل الصحفي جمال خاشقجي، داخل قنصلية الرياض في إسطنبول.

وقال ألتماير، في تصريحات صحفية لقناة "زد دي إف"، "فقط إذا وافقت الدول الأوروبية (على وقف بيع السلاح للسعودية)، سيكون لذلك القرار تأثير على الحكومة السعودية".

كما يغيب الرؤساء التنفيذيون لـ"دويتش بنك"، و"جيه بي مورجان تشيس"، و"بلاك روك إنك" عن المؤتمر. 

وكان آخر الشخصيات المنسحبة رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء فرنسا "أو دي إف"، جان برنار ليفي. وسبقه في ذلك رئيس مجلس إدارة شركة "سيمنز"، جو كايزر، الذي كتب في رسالة طويلة على موقع "لينكد إن" أنه "القرار الأنسب لكنه ليس الأكثر شجاعة".

وسبق أن أعلنت مؤسسات إعلامية، بينها بلومبرغ و"سي ان ان" و"فايننشال تايمز"، انسحابها أيضا، إلا أن رؤساء شركات آخرين قرروا المضي في مشاركتهم، وبينهم باتريك بوياني رئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية "توتال".

وشارك في الجلسة الأولى للمنتدى، ياسر الرميان الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمارات العامة، وكيريل ديميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي، وخلدون المبارك، مدير عام صندوق مبادلة الإماراتي.

وكانت آثار خاشقجي قد اختفت، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول بتاريخ 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإنهاء معاملة رسمية خاصة به.

وبعد نفي دام أكثر من أسبوعين، أقرت الرياض، بمقتل خاشقجي داخل القنصلية، إثر ما قالت إنه "شجار" مع مسؤولين سعوديين، وأعلنت توقيف 18 سعوديا، دون أن توضح مكان جثمان خاشقجي.

ويوجه غياب الكثير من الشخصيات والشركات والمصارف "ضربة" لجهود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان (33 عامًا) ومساعي المملكة، التي بنت علاقات وثيقة مع المديرين التنفيذيين في "وول ستريت"، وتعتمد إلى حد كبير على البنوك العالمية لتمويل خططها.

مقابل هذه المقاطعة الغربية، قررت روسيا المشاركة في مؤتمر الرياض بوفد يضم أكثر من ثلاثين من رجال الأعمال ورؤساء الشركات والشخصيات العامة الروسية.

وشجع كيريل ديميترييف قادة الأعمال الروس في مجالات تشمل البتروكيماويات والماس والبنوك على حضور المؤتمر الاستثماري السعودية لاغتنام الفرص المتاحة.

وديميترييف هو الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، الذي تديره الدولة، واللاعب الأساسي في دفع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى توثيق العلاقات مع السعودية.

كذا، غادر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الثلاثاء، إلى السعودية في زيارة عمل يجري خلالها مباحثات مع الملك سلمان بن عبدالعزيز ويحضر جانبا من مؤتمر "منتدى مبادرة الاستثمار"، وجاء ذلك وفق ما أعلنه الديوان الملكي الأردني في بيان مقتضب لم يقدم أية تفاصيل أخرى.

وعود واتفاقيات

ووصف وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، اليوم الثلاثاء، في منتدى مستقبل الاستثمار قتل الصحفي السعودي خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، "مقيت ولا يمكن تبريره".

وأبدى وزير الطاقة السعودي، تفاؤله بشأن إمكانية توقيع اتفاق مع (أوبك +)، لتعزيز استقرار سوق النفط العالمي. وقال إن من شأن توقيع اتفاق في ديسمبر/ كانون أول المقبل، تحقيق الاستقرار للعرض والطلب العالميين على النفط والخام، وكذلك الأسعار.

وتتألف (أوبك +) من منتجي النفط الأعضاء في المنظمة، إضافة إلى منتجين مستقلين بقيادة روسيا، شاركوا في اتفاق خفض الإنتاج مطلع 2017، وينتهي أجله في ديسمبر/ كانون أول 2018.

ونوه الوزير السعودي إلى أن سوق النفط حاليا متوازنة، لكنه أبدى حالة من عدم اليقين، إزاء العرض والطلب خلال الفترة المقبلة.

ومن المنتظر أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية في 4 نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، حزمة عقوبات على إيران تمس صناعة النفط وصادراته، وسط توقعات بتأثر الإمدادات العالمية.

كما أوردت قناة "الإخبارية" السعودية، اليوم الثلاثاء، أن "أرامكو"، أكبر شركة نفط في العالم، ستوقع 15 اتفاقية، قيمتها أكثر من 30 مليار دولار.

وجرى توقيع جانب من الاتفاقيات، على هامش فعاليات اليوم الأول من منتدى مستقبل الاستثمار، الذي ينظمه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في العاصمة الرياض، وانطلقت فعالياته اليوم الثلاثاء.

وسيتم توقيع باقي الاتفاقيات، خلال الجلسات المقبلة للمنتدى، الذي تستمر أعماله حتى الخميس المقبل.


تراجع الثقة بالبرنامج الاقتصادي

وقال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة (يوراسيا): "هناك المزيد من التحول نحو الرؤساء التنفيذيين الإقليميين والآسيويين؛ لأن القيادة (السعودية) كانت مصممة على عقد المؤتمر مهما كان الثمن".

وأضاف كامل، في تصريح لوكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية، مؤخرًا: "يمكن للقيادة السعودية أن تمضي قدمًا في عقد المؤتمر بحيث لا يخفق أو ينجح، لكن خلال أشهر قليلة، سيكون التأثير الأكثر أهمية على البلاد هو تراجع الثقة الدولية في برنامج الإصلاح الاقتصادي".

والسعودية هي أكبر منتج للنفط الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وثالث أكبر منتج عالمي بعد روسيا والولايات المتحدة، وأكبر مصدر للنفط بمتوسط 7.2 مليون برميل يوميًا.

وقبل أشهر من مقتل خاشقجي، وتحديدًا في 16 يوليو/ تموز 2018، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن نمو اقتصاد السعودية إلى 1.9 بالمائة في 2018، مقابل 1.7 بالمائة في توقعات سابقة.

وهذه هي المرة الثالثة، منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، التي يرفع فيها الصندوق توقعاته بشأن اقتصاد المملكة الخليجية، الذي شهد انكماشًا بنسبة 0.9 بالمائة، في 2017.

وتوقعت مؤسسة "جدوى للاستثمار" للدراسات الاقتصادية، في وقت سابق من العام الجاري، أن تزيد السعودية إنتاجها النفطي، ليبلغ معدله 10.3 ملايين برميل يوميًا، بنهاية 2018.

ومنذ بداية 2018، تنتج المملكة 9.9 ملايين برميل يوميًا، ما يعني أنه سيتوجب عليها إنتاج 10.6 ملايين برميل يوميًا في الأشهر الستة المتبقية، ليبلغ معدل إنتاجها 10.3 ملايين برميل، بنهاية السنة.

وسجلت موازنات السعودية، في السنوات الأربع الماضية، عجزًا متواصلًا، ما دفعها إلى الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية ورفع أسعار الطاقة.

وكان تأجيل طرح أرامكو المبهم، قد زاد من سوداوية المستقبل الاقتصادي للسعودية، وألقى بظلاله على الثقة بمشاريع بن سلمان وخصوصاً "رؤية 2030" التي تعتمد بشكل أساس على طرح أرامكو لتمويل المشاريع. 

وجاء التأجيل بعد الكثير من الارتباك من قبل السلطات السعودية، إثر موافقة الرياض على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة إنتاجها النفطي بغية المحافظة على توازن السوق بعد فرض عقوبات نفطية على إيران. وهذه الزيادة خفضت من طموحات السعودية في رفع أسعار النفط لزيادة قيمة أرامكو، التي قدرها بن سلمان بتريليوني دولار، في حين شكك الكثير من المتابعين لهذا الملف بصحة هذه التوقعات.

(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة

سياسة

قرر مجلس النواب الأردني، في جلسة اليوم الأربعاء، فصل النائب محمد عناد الفايز، إثر رسالة وجهها إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الماضي بشأن المساعدات التي تُقدّمها السعودية للأردن، متهماً الجهات الرسمية بالفساد وعدم إيصال المساعدات إلى الشعب.
الصورة

سياسة

وصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى السعودية اليوم الجمعة آتياً من إسرائيل، على متن الطائرة الرئاسية الأميركية؛ في رحلة جوية هي الأولى بين الدولة العبرية والمملكة الخليجية.
الصورة

منوعات

استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، لدى وصوله إلى محافظة العلا في المملكة العربية السعودية، اليوم الثلاثاء، لحضور القمة الخليجية، بعد إعلان الكويت عن فتح الحدود بين البلدين.
الصورة

منوعات

نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، حيث كان يكتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي قبل اغتياله في 2 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ملفّاً ضم سلسلة مقالات رأي لكتّاب عرب وأجانب عن الجريمة و"العدالة التي لم تتحقق" في ذكراها الثانية.