اغتيال كاتم أسرار صواريخ الأسد: من هو عزيز إسبر؟

اغتيال كاتم أسرار صواريخ الأسد: من هو عزيز إسبر؟

05 اغسطس 2018
إسبر لم يكن ضابطاً عادياً (تويتر)
+ الخط -

أثار اغتيال مدير مركز البحوث العلمية في مصياف، عزيز إسبر، وسائقه، ليل أمس السبت، إثر تفجير استهدف سيارته، موجةً من السخط في صفوف مؤيدي النظام السوري، نظراً للمكانة التي يتمتّع بها من بين قيادات النظام، إذ تشير المعلومات المُتاحة عنه إلى أنّه لم يكن ضابطاً عادياً بل هو من سلسلة الرجال الذين يلتفون حول رئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وتبنّت "سرية أبو عمارة" عملية الاغتيال، قائلةً في بيانٍ لها: "تمكّنت سرية أبو عمارة للمهام الخاصة، بعد عملية رصد ومتابعة، من زرع عبوات ناسفة وتفجيرها بمدير البحوث العلمية في سورية عزيز إسبر، في منطقة مصياف، ما أدّى لمقتله هو وسائقه على الفور".

من هو عزيز إسبر؟

يعتبر إسبر من الشخصيات المحاطة بهالة من السرية، فهذا الشخص لم تتم معرفته بشكلٍ مباشر، إلّا بعد أن فرضت الولايات المتّحدة عليه عقوباتٍ ووضعته ضمن الأسماء التي طاولتها العقوبات الأميركية في سورية، باعتباره مساهماً فعّالاً في تطوير صواريخ بعيدة المدى.

تقول مصادر "العربي الجديد" إن السرية التي يحاط بها إسبر تعود إلى المهام التي أوكلها إليه بشار الأسد في تطوير منظومة السلاح لسحق المعارضة السورية، لا سيما في مجال تطوير صناعة الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى.

وأشارت المصادر إلى أن إسبر هو كاتم أسرار صاروخ "فاتح" الإيراني، وأنه كان "محط ثقة" الأسد، إذ جعله هذا الأمر صلة الوصل بين الخبراء الإيرانيين والكوريين الشماليين، فضلاً عن الخبراء السوريين، أيضاً. وتقول المصادر الموالية، إن إسبر هو إحدى الشخصيات القليلة جداً التي حظيت بثقة "حزب الله" في سورية، وذلك لأنه حظي بثقة الإيرانيين، وحصل إسبر على توكيل لبناء مخازن أسلحة خاصة بسورية.

وبسبب تكليف إسبر بأمرٍ مباشر من بشار الأسد، فإن التواصل بينهما كان مباشراً دون أي وسيط يُذكر. وتعرّض مركز البحوث العلمية في مصياف سابقاً لقصفٍ إسرائيلي أسفر عن إحداث دمارٍ فيه، لكن وسائل إعلام النظام تقول إن الهدف من الضربة كان إسبر تحديداً وليس المركز، كونه واجهة إيرانية ويندرج ضمن الحرب الإسرائيلية على إيران في سورية.

ومن المرجح أن خبر اغتيال إسبر شكّل صدمةً لإيران قبل أن يكون كذلك للنظام السوري، نظراً للعلاقات المميزة بين الطرفين. وكان إسبر يشغل منصب مدير القطاع الرابع لمركز البحوث العلمية السوري، وهو القطاع الشمالي لمركز البحوث، وتوجد مواقعه في حماة.


وكانت قناة "الآن" قد بثّت تقريراً نقلت فيه عن عمال كانوا يعملون في مركز البحوث العلمية بحماة، قولهم إن إسبر هو المدير العام لمعهد يحمل رقم "4000"، وتوجد فيه مشاريع عدة لصناعة الأسلحة الكيميائية بشكل حصري.

وفي وثيقة استخباراتية نشرها موقع "بي بي سي" في شهر مايو/ أيار من عام 2017، حددت ثلاثة مواقع يصنع فيها الكيميائي في سورية، هي مدينة مصياف بمحافظة حماة، وضاحيتا برزة وجمرايا بمحيط العاصمة دمشق. وتتخصّص منشأتا مصياف وبرزة في تركيب الأسلحة الكيميائية والصواريخ طويلة المدى وقذائف المدفعية.

اغتيال غامض

المعلومات التي جمعها "العربي الجديد" عن الاغتيال أشارت إلى أنه في ليل السبت كان إسبر قد استقل سيارته مع سائقه وغادرا المنزل في مدينة مصياف، واتجها نحو قرية دير ماما حيث انفجرت عبوات ناسفة لم تتم معرفة عددها على طريق مصياف، ما أسفر عن مصرع إسبر وسائقه على الفور.

وعلى الرغم من تبنّي "سرية أبو عمارة" عملية الاغتيال غير أن مصادر النظام الإعلامية تصرّ على أن جهات استخباراتية دولية تقف خلف اغتيال إسبر، إذ رفض مسؤول في الحكومة الإسرائيلية التعليق على مقتل إسبر، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

و"سرية أبو عمارة" هو فصيل حلبي تأسس بعد دخول المعارضة السورية إلى مدينة حلب، لكنه انتقل من العمل العسكري إلى العمل الأمني، إذ تخصّص في عمليات الاغتيال لمسؤولي النظام السوري.

وخلال السنوات الماضية، دأبت "سرية أبو عمارة" على القيام بعمليات أمنية تغتال بها قادة عسكريين وأمنيين وعناصر من "الشبيحة" وتعلن مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال تلك.

وتركّز نشاط "سرية أبو عمارة" في مدينة حلب، لكنها ما لبثت أن وسّعت نفوذها في مناطق أخرى مثل حماة ومصياف تحديداً وطرطوس، حيث نفّذت السرية عدّة عمليات اغتيال في مصياف وطرطوس بحق ضباط من النظام السوري.

وكانت "السرية" منضويةً تحت لواء "تجمع فاستقم كما أُمرت"، قبل أن تعلن انسحابها منه لدى انضمامه إلى "جيش المجاهدين" ثم باتت مستقلّة.

وحتّى الآن، ورغم التبنّي، ما زالت العملية تشي بغموضٍ كبير، لا سيما مع التوقّعات بأن مسؤولاً عسكرياً في صفوف النظام بحجم عزيز إسبر يجب أن تتوفّر له حماية كبيرة تتعدّى السائق فقط.

تصفية من النظام السوري؟

ثمّة احتمال آخر يقف خلف اغتيال إسبر، وهو أن النظام السوري عمد خلال الفترة الماضية إلى القيام بعمليات تصفية بحق مسؤولين بارزين في صفوفه، لا سيما من لهم يد في تطوير السلاح الكيميائي، وقبل ذلك من لهم تاريخ مع فترة الوصاية السورية على لبنان، التي انتشر خلالها الجيش السوري في لبنان، وانتهت هذه الفترة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وتم خلال الفترة الماضية تصفية معظم الضباط السوريين الذين شاركوا في تلك الحقبة، والذين كان أبرزهم غازي كنعان الذي لقي مصرعه في عام 2005 عندما وُجد منتحراً في مكتبه في وزارة الداخلية السورية.

كذلك قتل اللواء محسن مخلوف، قائد الفرقة الحادية عشرة، التي توجد قيادتها الأساسية في ريف حمص، وهي فرقة مدرعات كبرى بسورية، يتركز جلّ عملها بالمنطقة الوسطى في البلاد، واعتمد النظام عليها كذراع بطشٍ بحق معارضيه، خصوصاً في مدينة حمص.

وتتقاطع المعلومات عند أن مخلوف، الذي تربطه قرابة عائلية مع الأسد، قد قُتل، قُرب مدينة تدمر، الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش".



كذلك أعلنت دمشق رسمياً وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق، اللواء رستم غزالي، عن عمر ناهز 62 سنة، قضى معظمها في خدمة النظام، في مختلف المناصب العسكرية والأمنية.

وكان غزالي يُعتبر من أرفع الضباط الأمنيين، والموثوقين من قبل النظام، الذي اعتمد عليه بشكل رئيسي أثناء وجود قواته في لبنان سابقاً.

وجاءت وفاة غزالي في مستشفى الشامي بدمشق بعد أن تواردت معلومات عن تعرّضه للضرب على يد مرافقي رئيس شعبة الأمن العسكري رفيق شحادة، إثر نشوب خلاف حاد بينهما، أدى لاحقاً إلى إقالة شحادة من منصبه.

وفي مارس/ آذار 2014، قُتلت أول شخصية عسكرية رفيعة المستوى من آل الأسد، خلال الثورة السورية، وهو هلال الأسد قائد، مليشيا الدفاع الوطني باللاذقية، ونعاه الإعلام الرسمي على أنه قضى في إحدى معارك الساحل. وسبق مقتل الأسد الإعلان عن مقتل اللواء جامع جامع، بعد إطلاق النار عليه في دير الزور، حيث كان رئيساً للاستخبارات العسكرية، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2013.

كذلك قُتل أيضاً، العميد المعروف في قوات النظام عصام زهر الدين، من جرّاء انفجار لغم من مخلفات تنظيم "داعش"، في منطقة حويجة صكر بريف دير الزور.

وزهر الدين أحد أكبر ضباط النظام السوري إجراماً، ومتهم بارتكاب جرائم حرب، وارتكاب مجازر بحق المدنيين.


وقاد زهر الدين العديد من العمليات العسكرية، من بينها عملية اجتياح حي بابا عمرو في فبراير/ شباط عام 2012، التي انتهت بتدمير الحي وتهجير سكانه، وشغل منذ ذلك الوقت منصب قائد قوات النظام في دير الزور.

المساهمون