يهود مؤيدون لسياسة ترامب (تويتر)
لم يغير انتخاب رئيس المعسكر الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ، الأسبوع الماضي، رئيسا للوكالة اليهودية، خلفا للجاسوس نتالي شيرانسكي، شيئا في مؤشر العلاقات بين الإسرائيليين ويهود الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التوتر القائم بين حكومة نتنياهو وتحالفها الديني واليهود الإصلاحيين والمحافظين في الولايات المتحدة، الذين لا تعترف المؤسسة الدينية الأرثوذكسية المسيطرة في إسرائيل بيهوديتهم، وتطالب بإجراءات تهويد متشددة لهم.
لكن الخلاف على خلفية الهوية الدينية والنقاش بين يهود الولايات المتحدة والمؤسسة الإسرائيلية، لا يقف عند هذه المسألة، ولا عند مسألة الزواج المختلط ورفضه من قبل الأحزاب الرئيسية في إسرائيل، باستثناء حزبي يسرائيل بيتينو بقيادة ليبرمان (الذي يمثل مئات آلاف اليهود الروس الذين لا تعترف المؤسسة الدينية في إسرائيل بيهودية الآلاف منهم)، وحزب "ميرتس" اليساري، بل بات يتعداه إلى خلاف جوهري في المواقف السياسية، خصوصًا في ظل دعم اليهود الأميركيين بشكل عام للحزب الديمقراطي ونفورهم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحزب الجمهوري، باستثناء التيار الديني الأرثوذكسي، الذي ينتمي إليه السفير الأميركي المستوطن، ديفيد فريدمان.
لكن المفاجأة في المواقف المتشدّدة إزاء يهود الولايات المتحدة، الذين كان يرمز إليهم في الثقافة الإسرائيلية الاجتماعية والسياسية بتعبير العم، جاءت بالذات من أوساط مَن يسمّون بالعلمانيين في المجتمع الإسرائيلي وبنسب عالية مقارنة بما هو متوقع.
وبيّن استطلاع للرأي، نشرت نتائجه في صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، أن 43 في المائة من العلمانيين في إسرائيل غير معنيين بهجرة غالبية يهود الولايات المتحدة إلى إسرائيل، على الرغم من أن 84 في المائة من الإسرائيليين قالوا إنهم واثقون من أنه في حال تعرض إسرائيل لخطر عسكري وجودي، فإن الولايات المتحدة ستسارع للوقوف إلى جانبها ودعمها. كما بيّن الاستطلاع الذي أجري بمناسبة ذكرى الاستقلال الأميركي، أن هذه الثقة تنسحب على كل فئات المجتمع الإسرائيلي من كل التيارات، ولكن بدرجة أقل في صفوف الفلسطينيين في إسرائيل. وأعلن 64 في المائة من الإسرائيليين أن التحالف الأميركي الإسرائيلي ثابت ومستقر ودائم لسنوات طويلة، مقابل نسبة متدنية في صفوف اليهود الحريديم، الذين قال 45 في المائة منهم إنهم يعتقدون بأن التحالف الأميركي الإسرائيلي سيصمد في كل الأحوال.
وتبعا لذلك، قال 47 في المائة من مجمل الإسرائيليين إنه ينبغي على دولة إسرائيل منح اليهود المحافظين واليهود الإصلاحيين مساواة تامة، في حين قال 30 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يؤيدون ذلك. واعتبر 50 في المائة من مجمل الإسرائيليين إنهم يؤيدون أن تهاجر غالبية اليهود الأميركيين إلى إسرائيل. وبيّن الرد على هذا السؤال أن 88 في المائة من "الحريديم" يرغبون بهجرة اليهود الأميركيين إلى إسرائيل، مقابل 40 في المائة من العلمانيين الذين أيدوا ذلك، فيما قال 43 في المائة من العلمانيين إنهم لا يؤيدون ذلك.
ووفقا لنتائج الاستطلاع، فإن الرئيس ترامب يحظى بتأييد كبير من 49 في المائة من الإسرائيليين وتأييد بدرجة قليلة من 23 في المائة منهم، مقابل تأييد كبير بنسبة 19 في المائة للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي قال 30 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يؤيدونه بنسبة قليلة. وعند تحليل هذه المعطيات، يتضح أن التأييد للرئيس ترامب يأتي بالأساس من أوساط اليهود الحريديم واليهود المتدينين في التيار الديني الصهيوني (حزب البيت اليهودي بقيادة نفتالي بينت)، واليهود التقليديين المحافظين على تقاليد يهودية معينة دون أن يكونوا متدينين. إذ تبين أن نسبة مؤيدي ترامب بين هذه الفئات تراوح بين 60 في المائة و70 في المائة، مقابل نسبة تأييد بحجم 48 في المائة في أوساط اليهود العلمانيين (ويأتي هؤلاء من أنصار معسكر اليمين الإسرائيلي وخاصة حزب الليكود بقيادة نتنياهو وحزب يسرائيل بيتينو، بقيادة أفيغدور ليبرمان).
ويتفق هذا التقسيم مع قول 66 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يؤيدون بالمطلق سياسة نتنياهو في إدارته للعلاقات مع الولايات المتحدة ونسب التحول في سياسة الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب، لصالح تبني المواقف الإسرائيلية وتأييد إسرائيل لبنيامين نتنياهو.
في المقابل، يحصل نتنياهو على تقييم منخفض في تعامله مع يهود الولايات المتحدة، إذ أعرب 44 في المائة من الإسرائيليين عن رضاهم على أدائه وتعامله مع يهود الولايات المتحدة. وهنا يتضح مجددًا أن نتنياهو يلقى تأييدًا كبيرًا في هذا الشأن في صفوف الحريديم واليهود المتدينين الصهيونيين والمحافظين من الطوائف الشرقية، وذلك بفعل توافق في الموقف من مسألة الزواج المختلط، الشائع في صفوف يهود الولايات المتحدة، والخلافات بشأن القضايا والأحكام الدينية، وهو ما يتجلى أيضًا بالخلاف بشأن السماح ليهود الولايات المتحدة من أنصار الحركتين الإصلاحية والمحافظين بأداء شعائر الصلاة اليهودية في باحات حائط البراق بشكل مختلط بين النساء والرجال.
وينسحب هذا كله للمرة الأولى على تحول عام في موقف الإسرائيليين من حق اليهود الأميركيين انتقاد سياسات إسرائيل، إذ قال 52 في المائة من الإسرائيليين المشاركين في الاستطلاع إنه لا يحق ليهود الولايات المتحدة انتقاد سياسات إسرائيل علنا.
إلى ذلك، قال 32 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يرغبون بدرجة كبيرة في الانتقال للعيش في الولايات المتحدة، 42 في المائة من هؤلاء هم من الإسرائيليين العلمانيين، و22 في المائة هم من الفلسطينيين العرب في إسرائيل، مقابل 20 في المائة فقط من اليهود المتدينين، و5 في المائة من اليهود الحريديم.