ازدياد شعبية حميات الصوم لإنقاص الوزن

ازدياد شعبية حميات الصوم لإنقاص الوزن

09 سبتمبر 2019
خبراء يدافعون عن الصيام (روبرتو ماشادو نوا/Getty)
+ الخط -


أثبتت العديد من الدراسات العلمية، فعالية الصوم في إنقاص الوزن. سواء كنا نستهلك 800 سعرة حرارية يوميًا أو مرتين في الأسبوع، أو نأكل كل طعامنا في غضون ثماني ساعات كل 24 ساعة، أو نحصر أنفسنا في وجبة واحدة يوميًا، فنحن جميعًا نتبع شكلاً من أشكال الصوم.

وازدادت شعبية اتباع نظام الصوم، أو تلقت دفعة إيجابية، بعد أن نشرت مجلة "سيل ميتابوليسم" دراسة حول تأثيرات الصيام. ووجد علماء من جامعة "غراتس" في النمسا أنه بعد أربعة أسابيع من تناول الطعام في غضون 12 ساعة فقط من كل 48 ساعة، فقد المشاركون من وزنهم بمعدل 3.5 كلغ. كما انخفض لديهم مستوى الكوليسترول وضغط الدم الانقباضي والدهون في البطن وعلامات الالتهاب.

ونقلت صحيفة "ذا تايمز" أنّ الفئات الرئيسية الثلاث للصيام هي الأكل خلال فترة زمنية محددة، والصيام المتقطع والصيام الدوري. وتبيّن وفقًا لمسح أجرته مؤسسة المعلومات الدولية للأغذية عام 2018، أن واحداً من كل عشرة أشخاص يتبع حمية الصيام.

إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أنّ انتشار الصوم الحديث في كل مكان، لا يقتصر على آثاره الإيجابية بفقدان الوزن، بل يتجاوز ذلك إلى فوائده الصحية الكثيرة، مثل إمكانية تحسين الوظيفة الإدراكية وصحة الأيض، وإبطاء ظهور مرض الزهايمر ومرض السكري من النوع الثاني.

وفي التسعينيات من القرن الماضي، وجد الباحث في علم الحيوان، مارك ماتسون، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة "جونز هوبكنز"، أنّ الطريقة الوحيدة لإبطاء عملية الشيخوخة التي تزيد من خطر بعض الأمراض مثل الزهايمر، والباركنسون والسكتة الدماغية، أثناء دراساته على الحيوانات، هي تقليص استهلاكهم الطاقة. وتساءل ما الذي يجعل خلايا الدماغ الخاصة بهم مقاومة للانحطاط والاختلال الوظيفي؟

يقول ماتسون، إنّهم وجدوا أن الصيام المتقطع يعزز مقاومة الخلايا العصبية لأنواع مختلفة من الإجهاد، التي يعتقدون أنها السبب في كل هذه الاضطرابات، مثل الإجهاد التأكسدي، والإجهاد الأيضي.

وتابع ماتسون، هذا الاكتشاف بدراسات تعاونية أظهرت إيجابيات الصيام عند البشر. ففي عام 2007، درس تأثير وضع مرضى الربو وفق نظام يسمح لهم بتناول 600 سعرة حرارية في اليوم، وقد تبين بعد اتباع هذا النهج لمدة شهرين، تحسّن الأعراض بشكل كبير وتناقص الالتهابات.

وعمل ماتسون مع الدكتورة ميشيل هارفي، أخصائية تغذية في وحدة أبحاث سرطان الثدي في مانشستر، التي اكتشفت أن فقدان الوزن يمكن أن يقلّل من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 25 في المائة إلى 40 في المائة، وطوّرت واختبرت نظاما غذائيا للصيام المتقطع لفقدان الوزن والوقاية من سرطان الثدي منذ عام 2006. وفي عام 2013 نشرت كتاب "النظام الغذائي لمدة يومين".

في هذه الأثناء، اكتشف فالتر لونغو، أستاذ علوم الشيخوخة والعلوم البيولوجية بجامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس ومدير معهد طول العمر، في عام 2008 أن الصيام لمدة يومين يحمي الخلايا السليمة من سموم العلاج الكيميائي. وفي عام 2017، نشرت مجلة "سيل ميتابولسم"، دراسته التي قللت من دهون البطن لدى الفئران المسنة التي وضعت على دورات نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية لمدة أربعة أيام. وفي المقابل، زادت أعداد الخلايا الجذعية في العديد من الأعضاء، بما في ذلك  تعزيز الذاكرة والتجدد العصبي.

بدوره، يقول الدكتور مايكل موسلي، الذي لفت الانتباه في عام 2012 إلى أهمية الصيام المتقطّع، إن إحدى النظريات هي أن الوجبات الفاخرة والمجاعة كانت جزءًا من تطورنا. ويوضح أن "أسلافنا لم يتناولوا ثلاث وجبات في اليوم. كانوا يأكلون، ثم يقضون فترات طويلة من دون طعام. تطورت أجسادنا لتعمل على نظامين مختلفين للطاقة تعتمد على السكر والدهون... والسكر مثل المال في جيبك. أمّا الدهون فتشبه الأموال الموجودة في حسابك المصرفي".

وتقول الصحيفة "ذا تايمز"، إنّ موسلي يوضح أنّه عندما تنفد نقودنا، نذهب إلى البنك، ولكن "لا ندخل أبدًا في مرحلة حرق الدهون لأننا نتناول الطعام طوال اليوم، ونحن نتناول الطعام حتى وقت متأخر من الليل وكذلك في الصباح. إمدادات السكر في الدم لا تنفد حقًا. وتستمر الدهون في التراكم. وتنقل عنه قوله "فقط عندما تصوم لأكثر من 12 ساعة، يمكنك البدء بحرق الدهون. وهي مرحلة تعرف باسم تقليب مفتاح التمثيل الغذائي".

التقليب أو التبديل الأيضي، يدفع الجسم إلى مقاومة الإجهاد. وبدلاً من حرق الغلوكوز، نحرق الكيتونات من الدهون. هذه تنشط التغييرات الإيجابية في خلايا الدماغ العصبية المرتبطة بالتعلم والذاكرة وتبدأ عملية الحفاظ على الوظيفة الصحية للخلايا، وتشجيع الخلايا على الإصلاح والتجدد.

إنّ الصيام المتقطع هو المفتاح، ويتابع ماتسون: "عندما تأكل بعد الصيام المتقطع ترتفع نسبة البروتين وتنمو الخلايا". ويقارن هذه العملية بنمو العضلات الذي يحدث بسبب التمرين، وليس أثناءه. ويضيف: "إذا تناول الناس ثلاث وجبات يوميًا بالإضافة إلى وجبات خفيفة متباعدة، لن يحصلوا أبدًا على هذا المفتاح الأيضي ... حتى لو كان الشخص يتمتع بوزن الجسم الطبيعي".

في المقابل، تحذّر الدكتورة هارفي من أنّ شعبية هذا النظام الغذائي قد تجاوزت البحوث وتحذّر الحوامل وكبار السن والاطفال والمراهقين من اتباعه، كما تنصح مرضى السكري أو الأشخاص الذين يعانون من أي مشاكل صحية باستشارة الطبيب.

لذلك فإن أنواع الصيام جيدة لنا إن لم نتجاوزها بشكل يؤذي صحتنا، وهي تتنوع بين "صيام يوم بديل" أو "الحمية السريعة" التي تقضي بتناول 800 سعرة حرارية فقط تزيد عن 600 من الخضروات والفواكه والبروتين الخالي من الدهون، لمدة يومين غير متتاليين كل أسبوع وتناول الطعام بشكل طبيعي في أيام أخرى. أو نظام "الأكل المقيد بالوقت" (معظم الناس يتوقفون عن تناول الطعام من الساعة 8 مساءً وحتى الظهر من كل يوم). أو نظام "وجبة واحدة في اليوم" (الصيام لمدة 23 ساعة يوميًا، وتناول وجبة واحدة كبيرة في غضون ساعة واحدة). أو "النظام الغذائي الذي يحاكي الصيام" (تناول ما يصل إلى 500 سعرة حرارية كل يوم لمدة خمسة أيام متتالية في شهر كل أربعة أشهر).

المساهمون