جلس آلاف الأردنيين أمام شاشة تلفازهم الوطني، عند الثامنة من مساء الثلاثاء، ينتظرون خطاب الملك عبد الله الثاني الموجه "للأسرة الأردنية الواحدة"، والذي أعلن عنه فجأة، متوقعين حدثاً استثنائياً أو قرارات مصيرية في تاريخ مملكتهم، وهم الذين استغربوا توقيت الخطاب، من ملكهم المقل منذ توليه مقاليد الحكم في توجه الخطابات إلى الداخل.
الخطاب المسجَّل الذي بث في مقدمة نشرة الأخبار الرئيسية، واستمر قرابة 14 دقيقة لامس ظاهر الأشياء دون جوهرها، تحدث فيه عن أحلام المستقبل وهموم الحاضر، وتحدث عن الإرهاب الممارس باسم الإسلام والذي حاول فرض مستقبل ظلامي على الأردنيين، وعرج على ذكر التحديات التاريخية التي تعيشها المنطقة والعالم، متطرقاً إلى قدرة بلاده على الصمود في وجه هذه التحديات، حين أفشل رهانات من راهنوا على سقوطه.
لم ينس الملك التطرق إلى الشأن الداخلي مؤكداً العزم على المضي في ترسيخ المسيرة الديمقراطية وتنمية المجتمعات وتعميق المواطنة الفاعلة القائمة على أساس العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وكل ذلك تحدث عنه في إيجاز دون تفصيل حول آليات تحقيقه، أو أدوات مواجهة التحديات والأخطار، أو الكشف عن أي قرارات مستقبلية ليفتح التكهنات على مصراعيها، في ظل الشائعات التي تتردد عن أدوار ستناط بالأردن قريباً متعلقة بالصراعات التي تعيشها المنطقة. انشغل الأردنيون فقط في العبارة التي كررها الملك عشر مرات، وهي "ارفع رأسك"، في دعوة للأردنيين إلى التفاخر "بمنجزاتهم وتضحياتهم، وتميزهم في شتى مجالات العمل". وقبل أن ينتهي الخطاب أطلق المؤيدون دائماً على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ #ارفع_راسك مقتبسين فيه عبارات قالها الملك، فيما بدلوا صورهم بصورة يبدون فيها رافعين رؤوسهم بشكل مبالغ فيه، في المقابل اقتحم المعارضون دائماً نفس الهاشتاغ متسائلين عن السبب الذي يدعو الأردنيين إلى رفع رؤوسهم في ظل اتفاقيتي الغاز ناقل البحرين الموقعتين مع إسرائيل، وفي ظل التبعية والفقر... في النهاية، لم يسأل أحدهم أين باقي الخطاب، وأين خطط وآليات تحقيق الأحلام المزمنة دون تحقيق، والأهم: لا ينقصنا في الاردن شعار جديد.