احذروا الإسترليني ولو مؤقتاً

احذروا الإسترليني ولو مؤقتاً

02 نوفمبر 2016
الإسترليني فقد 17% من قيمته خلال شهور(جاستن تاليس/فرانس برس)
+ الخط -


لسنوات طويلة، ظلّ الجنيه الإسترليني العملة الأقوى عالمياً، لما يتمتع به الاقتصاد البريطاني من نقاط قوة، فهو سادس أضخم اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وأكبر اقتصاد في أوروبا بعد ألمانيا وفرنسا، وداخل هذا الاقتصاد يوجد فرص استثمارية لا حدود ضخمة، وتتنوع مصادر الدخل والإيرادات الحكومية، وتتعدد الأنشطة الاقتصادية.

ولدى هذا الاقتصاد أيضاً قطاعات حيوية مثل الخدمات والسياحة والصناعة والتصدير والطاقة والبنية التحتية، إضافة إلى امتلاكه أكبر مركز مالي في العالم، فقد تحوّلت لندن، ومنذ سنوات طويلة، إلى عاصمة المال في العالم، والمدينة الأكثر جذبا للاستثمارات الأجنبية، والمقر الرئيسي لكبريات البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية العالمية.

لكن هذا الوضع قد يتغير بعض الشيء خلال الفترة المقبلة مع بدء إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وزيادة التحذيرات من فداحة الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد جراء هذه الخطوة.

ومع زيادة المخاطر وحالة الغموض زادت تحذيرات المؤسسات المالية الكبرى من حيازة الإسترليني كأداة استثمار سواء من قبل الأفراد أو المستثمرين، أو كونها العملة الأقوى، إلى جانب الدولار، ضمن سلة العملات الرئيسية لاحتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية ومؤسسات النقد العالمية.

حتى اليوم، كانت التحذيرات من حيازة الإسترليني ربما تكون خافتة وخجولة، إلا أن التحذير القوي الصادر من أكبر مؤسسة متخصصة في التصنيف الائتماني، قد يجعل هذه التحذيرات تتحول إلى واقع وبصوت عال. فلأول مرة منذ سنوات تخرج علينا وكالة "موديز" لتعلن، اليوم، أن بريطانيا تواجه خطر تخفيض تصنيفها الائتماني حال فشلت في الحفاظ على العوامل الأساسية التي تضمن وصولها للسوق الأوروبي الموحد.

بل وحذرت الوكالة الدولية من أن التصنيف السيادي للمملكة المتحدة "Aa1" قد يتم تخفيضه أيضاً إذا خسرت بريطانيا حق الوصول إلى السوق الأوروبي الموحد في أعقاب قرارها بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي من شأنه إضعاف معدلات النمو وتقويض مصداقية السياسة المالية للبلاد.

وتزامن مع هذا التحذير تقرير آخر صادر عن "بنك أوف أميركا" الشهير يتوقع انخفاض سعر صرف الإسترليني أمام الدولار إلى 1.15 خلال الربع الأول من العام القادم 2017.

وتزداد أهمية هذه التوقعات مع فقدان الإسترليني أكثر من 17% خلال فترة تزيد قليلا عن أربعة شهور ومنذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 23 يونيو الماضي.

لكن في مقابل هذه التحذيرات، خرجت علينا وكالة تصنيف أخرى لا تقل شهرة عن موديز هي "ستاندرد آند بورز"، اليوم، لتؤكد أن العملة البريطانية مقوّمة الآن بأقل من قيمتها بنسبة 15%، وهو ما يعني جاذبيتها للاستثمار على المدى البعيد، بل وتوقع محللو بنك "جي بي مورغان تشيس" الأميركي ارتفاع الإسترليني مقابل الدولار إلى 1.23 بنهاية شهر مارس 2017.

ومع التناقض في التوقعات، يصبح الوضع غامضاً بالنسبة للإسترليني، وباتت المضاربة عليه محفوفة بالمخاطر، فإما تحقيق المستثمر أرباحاً ضخمة، وإما خسائر ضخمة كذلك، وإذا أراد المستثمر البعد عن المخاطر فليبعد عن الإسترليني ولو مؤقتاً.