اتساع حوادث العنف في حملات الرئاسة الأميركية

اتساع حوادث العنف في حملات الرئاسة الأميركية

14 مارس 2016
تعرّض ترامب لاهتزازٍ بتجمّع تابع له (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -


في وقتٍ كانت فيه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في إحدى الكنائس بمدينة كليفلاند في ولاية أوهايو، تشارك في مهرجان انتخابي وسط حشد كبير من الأميركيين الأفارقة، وتشنّ فيه أقوى هجوم على منافسها الجمهوري المحتمل دونالد ترامب، محمّلة إياه المسؤولية عن حوادث العنف التي تشهدها مهرجاناته، تعالى الصراخ من وسط قاعدة الكنيسة، واقتاد رجال الشرطة أحد الحضور خارج القاعة، بعد أن أدى صراخه إلى مقاطعة كلينتون، وهو ما دفعها إلى التوقف عن الكلام إلى حين عودة الهدوء إلى القاعة.

حدث ذلك في وقت تشهد فيه حملات الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية في العام الحالي ظاهرة جديدة غير معروفة من قبل، تتجلّى في اتساع نطاق حوادث العنف وتكرارها في العديد من المسيرات والمهرجانات الانتخابية، خصوصاً تلك التي تنظمها حملة ترامب.

وتصاعدت هذه الحوادث لتقترب، يوم السبت، في ولاية أوهايو أيضاً، من ترامب نفسه، إذ حطت طائرة ترامب الخاصة في مطار بالقرب من مدينة كليفلاند، وأحاط بها أكثر من أربعة آلاف من أنصاره، فأقام بجانب طائرته مهرجاناً انتخابياً في الهواء الطلق.

فجأة اهتزت المنصّة التي كان يقف عليها ترامب، بعد أن عكّر رجل أبيض في الثلاثينات من عمره، قيل إنه من أنصار المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، الاحتفال. تخطّى الرجل الحاجز الأمني المحيط بترامب، الذي كاد أن يسقط لولا أن أحاط به رجال الشرطة لحمايته. وقال ترامب إنه "كان مستعداً للرجل إلا أن الشرطة كفته عناء ذلك". يشار إلى أن ترامب هو المرشح الوحيد الذي اعترف بأنه يحمل سلاحاً شخصياً بصورة دائمة، ولديه عضوية في نوادي التدريب على إطلاق النار.

اقرأ أيضاً: المواجهات ترافق ترامب في لقاءاته الجماهيرية بسبب تصريحاته

وقبل اهتزاز المنصّة كان ترامب يلقي كلمته متنصلاً ممّا حدث في شيكاغو بولاية إيلينوي، يوم الجمعة، من اشتباكات بين مؤيديه والناقمين عليه، أدت إلى إلغاء المسيرة التي جرى تحضيرها من أجله في المدينة، التي أوصلت رجلاً أميركياً أسود إلى البيت الأبيض، فجاء إلغاء مهرجان ترامب خوفاً من أن يتحول المهرجان إلى اشتباكات عرقية.

وعلى الرغم من أن حوادث العنف اقتصرت حتى الآن على اشتباكات بالأيدي أو تبادل الصراخ والتهديد بين أنصار المرشحين وخصومهم، إلا أن نسبة المخاوف بدأت ترتفع على نطاق الولايات المتحدة، من احتمال تصاعد الأمر إلى درجة اللجوء للسلاح، لأن السلاح في متناول اليد في جميع أنحاء البلاد، وحتى أن الحصول عليه أسهل أحياناً من الحصول على أي سلعة أخرى.

أما عن "المتسبب" في انتشار ظاهرة العنف، فيتبادل المرشحون التهم في ما بينهم بالتسبّب أو التحريض في أعمال العنف، لكن ترامب حظي بالنصيب الأكبر، قبل انتخابات، غداً الثلاثاء، التي يأمل قادة الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري، أن تضع خلالها أوهايو حدّاً لاستمرار السباق بحسمه، وهو ما لا يمكن حدوثه في ظلّ التقارب بين المرشحين، وعدم قدرة أي منهم على توحيد جميع أطياف الناخبين في اتجاه يمكن عن طريقه حسم السباق. ولا يواجه ترامب في هذا السباق مرشحاً واحداً أو حزباً واحداً بل جميع المرشحين المنتمين لحزبين كبيرين، بعد أن أصبح هو شغلهم الشاغل وأصبحوا هم شغله الشاغل.

مع العلم أن ظاهرة العنف الجديدة على الحملات الرئاسية الأميركية، قد بزغت في بداية الموسم الانتخابي، عبر تبادل العنف اللفظي بين المرشحين، لكن الظاهرة سرعان ما تحوّلت إلى اشتباكات بالأيدي، ورافقها تشجيع من ترامب نفسه لأنصاره على طرد المناوئين من مهرجاناته وتوجيه اللكمات لهم في وجوههم.

وتفاخر ترامب بقدرته على الحزم وضبط الأمور بالقوة، ولكن الإفراط في الحزم تحوّل لاحقاً إلى انفلات الأمر، الذي دفع ترامب إلى اتهام المرشحين الديمقراطيين بيرني ساندرز وهيلاري كلينتون بالوقوف ورائه بصورة مدروسة. ولم يسلم من التهم ذاتها منافساه الجمهوريان تيد كروز وماركو روبيو، اللذين سخر منهما ترامب، واعتبر أن مهرجاناتهما لا يحضرها أحد فتتحول إلى حوار بين أربعة أشخاص، ولذلك فهما ناقمان عليه بسبب التأييد الواسع الذي يحظى به.

وحاول ترامب امتصاص الغضب السائد من تحريضه المستمر لأنصاره على العنف، فأعلن أخيراً أنه سوف يعمل على مقاضاة المشاغبين من الشباب، معرباً عن أسفه لما سوف يؤدي إليه ذلك من تدمير لمستقبل المشاغبين، وعدم قدرتهم على الحصول على أي عمل مستقبلاً بعد تلطيخ سجلهم الجنائي بدخول السجن.

ولا يقصد ترامب أنصاره بالطبع، بل يقصد من تحذيره المتظاهرين المبتهجين بإلغاء مهرجان شيكاغو الانتخابي يوم الجمعة، وهو المهرجان الذي لم تجرؤ حملة ترامب على إعلان موعد آخر له. وكان الإلغاء قد تسبب في إحباط أنصار ترامب، الذين تجمّع أكثر من عشرة آلاف شخص منهم في شيكاغو لرؤية الرجل، فكانت صدمتهم كبيرة عندما نقل أحد مساعديه من على المسرح المعد للمهرجان نبأ الإلغاء بعد نحو نصف ساعة من الموعد الذي كان مقرراً أن يبدأ فيه المهرجان.

وقوبل هذا الإعلان بالتهليل والهتاف من الناقمين على ترامب الذين مزّقوا صوره وشعارات أنصاره وانتزعوها من أيادي البعض منهم. وتدخلت الشرطة لإخلاء الشوارع التي وقعت بها المشاحنات، في حين تعالت الهتافات "تخلّصنا من ترامب، تخلّصنا من ترامب"، التي هتف بها طلاب جامعة إيلينوي في شيكاغو من قلب مكان التجمع.

اقرأ أيضاً قيادي جمهوري: ترامب بذيء والحزب لا يرغب في نجاحه