إيفو موراليس... نهاية 14 عاماً من حكم بوليفيا

إيفو موراليس... نهاية 14 عاماً من حكم بوليفيا

لاباز

العربي الجديد

العربي الجديد
11 نوفمبر 2019
+ الخط -
بإعلان استقالة أو إقالة الرئيس البوليفي، إيفو موراليس، على لسان أحد ضباط الجيش البوليفي، وعلى التلفاز الرسمي، مساء الأحد، تنتهي مسيرة حكم الرجل الذي استلم مطلع عام 2006 دفة إدارة بلد كان الأفقر في القارة اللاتينية قبل أن يقلب المعادلة بسياسته الاقتصادية والاجتماعية، ليتحول موراليس إلى ملاحق بمذكرة توقيف غير قانونية بحقه، فيما خيار النفي خارج بوليفيا، كـ"حل وسط"، يبدو وارداً مع إعلان وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرار، اليوم الإثنين، أن بلاده ستعرض عليه اللجوء.

موراليس، الذي ولد عام 1959 في كنف عائلة فقيرة، استلم البلد عام 2006، بعد عقود من الانقلابات العسكرية وانتشار للطبقية بصورتها الأكثر فداحة في التمايز بين الأثرياء والفقراء. واستطاع أول رئيس بوليفي من سكان البلاد الأصليين أن يقلب المعادلة الاقتصادية والاجتماعية بسياسة خلق طبقته المتوسطة من الشعب الأصلي لمواجهة أخرى ذات سمات وملامح رأسمالية أوروبية المنشأ.

منذ وصوله إلى الحكم، قام موراليس بتأميم عدد من الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في مجال النفط والطاقة والمناجم. كما عزز القدرة الشرائية للمواطنين بفضل سياسة التأميم هذه ورفع أسعار المواد الأولية التي تصدرها بوليفيا إلى الخارج، ما جعل نسبة الفقر الشديد تتراجع.

كذلك، وضع موراليس البرامج الاجتماعية في صلب سياساته، إذ قدم مساعدات مالية كثيرة لكبار السن وشيّد مدارس ومرافق صحية واجتماعية للفقراء، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط الفقيرة التي كانت ترى فيه أملاً لتحسين أوضاعه.

موراليس، الذي روى في كتابه الذي يسرد قصة حياته، وفقاً لما نشرته وكالة "فرانس برس" قبل سنوات، كيف شاءت الأقدار أن يتزامن يوم ولادته مع التظاهرة الاحتجاجية التي نظمها آنذاك الزعيم الكوبي فيدال كاسترو بالعاصمة هافانا ضد "الرأسمالية الأميركية"، بدأ حياته النضالية كنقابي وممثل لمزارعي نبتة "الكوكا" (تستعمل في إنتاج الكوكايين) والتي تؤمن مداخيل مالية لمئات الآلاف من المزارعين والفقراء البوليفيين. وصمد بقوة أمام الولايات المتحدة التي تكافح هذه الزراعة كونها أصبحت مصدرا لتجارة المخدرات في أميركا اللاتينية وتهدد اقتصادات العالم.

فاز إيفو موراليس في 1997 بمقعد في البرلمان البوليفي، الذي حوله إلى منبر للدفاع عن مزارعي "الكوكا"، كما استغله لانتقاد واشنطن وسياستها "الاستعمارية".

عُرف إيفو موراليس بقرابته الأيديولوجية مع فيدال كاسترو والزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، وهذا ما دفعه في 2002 إلى تأسيس حزب جديد يدعى "الحركة الاشتراكية" الذي أوصله بعد أربع سنوات إلى قصر "لاباز" الرئاسي.

خلال سنواته الأولى، استطاع اكتساب شعبية واسعة بسبب سياساته الاقتصادية والاجتماعية لكنه في الوقت نفسه واجه معسكراً ليبرالياً؛ فقد تكتل المحافظون في حزب "بوديموس" ونخب المجتمع في الطبقات الثرية ضد مشاريعه في التأميم لقطاع الغاز الهائل خوفاً من ذهاب سياسات التأميم إلى أبعد مما طرح.

وبالرغم من أن موراليس، الذي عُرفت عنه مناصرته للقضايا العربية، تحديداً القضية الفلسطينية، حقق إنجازات اقتصادية وإصلاحات اجتماعية طورت من وضع بوليفيا ونقلتها من حالة فقر أصابت أكثر من نصف سكان البلد إلى ما دون 30 في المائة، مع استمرار خفض الفقر سنوياً بنسبة وصلت العام الماضي 2018 إلى 8 في المائة، إلا أنه واجه انتقادات عديدة نتيجة ظاهرة الفساد في العديد من مؤسسات الدولة وتقاعسه في محاربة تجار المخدرات. مع العلم أنه لطالما اعتبر أن هذه المعركة مبرر كاذب، تسوقه الولايات المتحدة لإقامة قواعد عسكرية في المنطقة.

وبعدما فاز بولاية ثانية من 2009 حتى 2014 ثم ثالثة، مستفيداً من زخم الإنجازات التي كان قد حققها، فإن مآخذ كثيرة بدأت تسجل على موراليس خلال سنوات حكمه الأخيرة، وخصوصاً في تسلط واستقواء بعض رجالات الحكم بشعبيته التي كانت جارفة حتى عام 2016 قبل أن تبدأ رحلة التراجع التدريجي لتصل إلى ذروتها عقب ترشحه لولاية رابعة. وكان الإنذار الأكثر وضوحاً لموراليس في 21 فبراير/شباط 2016، عندما صوت البوليفيون بـ"لا" في استفتاء لتغيير الدستور بما يتيح له الترشح لولاية جديدة.

لكن موراليس، الذي استفاد من إبطال المحكمة الدستورية نتيجة الاستفتاء، معتبرة أنّ ترشحه "مرتبط بحقّه الإنساني"، ورفض الاستماع لرسائل الاستفتاء، اختار الترشح لولاية رابعة، ما أثار استياء قسم من الناخبين وقلقاً لدى المعارضة التي قالت إنّ البلاد يمكن أن تغرق في حكم الفرد الواحد.

وجاءت نتائج الانتخابات التي قضت بفوز موراليس، ما كان سيتيح له البقاء في الحكم حتى عام 2025، والتي رفضتها المعارضة، لتفجر احتجاجات رافضة لاقتراع 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هي الأكبر في بوليفيا منذ عقود. وإن كان البعض في بوليفيا لا يستبعد وجود تدخلات خارجية عدة ساهمت في تسريع خروج موراليس من الحكم، إلا أنه بات مؤكداً أنه بعد 3 أسابيع من الاحتجاجات، وتبدل لموازين القوى مع تخلي الجيش والشرطة عنه، اضطر موراليس لتقديم استقالته تحت الضغط لتكون فعلياً إقالة.

دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

تعارك عضوان في الكونغرس البوليفي بعنف وتبادلا الركلات واللكمات، الثلاثاء، خلال جلسة برلمانية عامة مخصصة لمناقشة تقرير عن توقيف الرئيسة اليمينية السابقة جانين أنييز.
الصورة
الرئيس البوليفي السابق ايفو موراليس(Getty)

سياسة

أعلنت الحكومة البوليفية اليوم السبت، أنها تريد الادعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية على الرئيس السابق إيفو موراليس، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بعدما نصب أنصاره حواجز طرق شلت الحركة في البلاد الشهر الماضي.
الصورة
بوليفيا/صدامات/Getty

سياسة

لا تزال الصدامات دائرة بين الجيش البوليفي ومؤيدين للرئيس المستقيل إيفو موراليس، خصوصاً من فقراء البلاد وسكانها الأصليين الخائفين على مكتسباتهم، ما يشي بأن الأمور ليست ذاهبة للتهدئة، على الرغم من وعود الرئاسة الانتقالية بإجراء انتخابات عاجلة.
الصورة
جانين آنيز (فرانس برس)

أخبار

أعلنت النائبة الثانية لرئيس مجلس الشيوخ البوليفي، جانين آنيز، نفسها رئيسة انتقالية للبلاد، الثلاثاء، خلال انعقاد جلسة للكونغرس لم يكتمل فيها النصاب القانوني.