إيران تنتهي من تأسيس نظيرة للآلية المالية الأوروبية

إيران تنتهي من تأسيس نظيرة للآلية المالية الأوروبية

30 ابريل 2019
الشركة ستعقد صفقات للتعاون بين البنوك الإيرانية والأوروبية(الأناضول)
+ الخط -

أفادت وكالات أنباء إيرانية مساء اليوم الإثنين بأن النظيرة الإيرانية للآلية الأوروبية لدعم المبادلات التجارية مع إيران المعروفة بـ "إنستكس" قد تأسست بالفعل في إيران في الثاني والعشرين من نيسان/ إبريل الجاري.

ويأتي تأسيس النظيرة الإيرانية لإنستكس الأوروبية، تجاوباً مع طلب للترويكا الأوروبية (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا)، حينما أسست آليتها المالية للعمل التجاري مع إيران، في يناير/كانون الثاني الماضي، في محاولة لتمكينها من تحصيل منافعها الاقتصادية بموجب الاتفاق النووي، بعد الانسحاب الأميركي منه في أيار/مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات على طهران، كان آخرها الحظر الشامل على الصادرات النفطية الإيرانية.


وذكرت وكالة "فارس" الإيرانية أن الشركة الإيرانية تحمل إسم "شركة الأسهم الخاصة للآلية الخاصة للتجارة والتمويل بين إيران وأوروبا"، ومديرها التنفيذي شخص يدعى علي أصغر نوري، ورئيس مجلس الإدارة للشركة حميد قنبري.

وبحسب الوكالة، ستعمل الشركة في مجالات عديدة من بينها، إنجاز كافة المعاملات التجارية الواردة في قانون التجارة كالشراء والبيع والصادرات والواردات، وتقديم خدمات التصفية والدفع لجميع المصدرين الموردين الحقيقيين والاعتباريين ولبنوك محلية وأجنبية ومؤسسات حكومية.


وستعمل الشركة أيضاً في مجال فتح الاعتمادات المستندية والتسهيلات والتمويلات بالريال والعملات الصعبة، ومنح الضمانات المصرفية والحوالات، والتمويل القصير والبعيد لدى البنوك والمؤسسات الائتمانية والشركات الداخلية والخارجية، و التعامل مع آلية إنستكس الأوروبية وبقية القنوات المالية والشركات في الدول الأخرى، إضافة إلى عقد صفقات للتعاون مع النظام البنكي الإيراني والبنوك الأجنبية في إطار الاستفادة من القنوات المالية لأوروبا وبقية الدول.

وكان رئيس البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، قد أعلن خلال الشهر الماضي أن الشركة الإيرانية لآلية أوروبا المالية سوف يتم تأسيسها قريباً في طهران تحت عنوان "آلية خاصة للتمويل والتجارة" (STFI)، دون الكشف عن تفاصيل عمل هذه الآلية وطريقة التعامل بينها وبين القناة الأوروبية.

غموض مستمر

وفيما لا يزال يحوم غموض بشأن آلية عمل القناة الأوروبية والمجالات التي تغطيها، أوضح رجل الأعمال الإيراني مجيد قديري، بعد مشاركته في لقاء بحضور مدير الآلية الأوروبية الألماني "بير فيشر"، خلال زيارته لطهران في مارس/آذار الماضي، أنها "تشبه نظام مقايضة، حيث لا تستلم إيران عوائد تصدير سلعها ومنها النفط إلى الاتحاد الأوروبي، وإنما مقابل ذلك تستلم سلعاً أساسية وأدوية ومواد زراعية وغذائية لا تشملها العقوبات الأميركية".

وأكد قديري أنه "لا توجد آلية حقيقية وعملية، وأن البنوك والشركات الأوروبية المعروفة لا ترغب في العمل مع القناة الأوروبية".

وبالعودة إلى البيان التأسيسي للآلية الأوروبية، الصادر في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، نرى أنه لم يوضح أموراً عديدة وتركها لنقاشات لاحقة، إذ يقول البيان إن "الدول الأوروبية الثلاث ستواصل العمل لوضع تفاصيل ملموسة وعملية لتحديد طريقة عمل هذه الآلية".

كما يتضح مما ورد في البيان أنه لا يغطي السلع التي شملتها العقوبات الأميركية، حيث يؤكد أن الآلية "ستركز على القطاعات الأكثر ضرورةً للشعب الإيراني، مثل الأدوية، والسلع الطبية، والزراعية، والغذائية"، وهي قطاعات لم يصلها الحظر الأميركي بعد، مما يعني أن "إنستكس" لا تغطي المجالات الاقتصادية الأكثر أهمية بالنسبة إلى إيران، مثل قطاع النفط والمعاملات البنكية، أقله في الوقت الراهن، وأن تلك الأمور متروكة لنقاشات مستقبلية، بحسب مراقبين.

وفي ما يتعلق بنطاق عمل الآلية، يشير البيان إلى أنه يقتصر حالياً على التجارة بين إيران والترويكا الأوروبية.

إلى ذلك، تضمن البيان التأسيسي شروطاً عبر ربط عمل القناة المالية بانضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف"، والذي يتطلب قيام طهران بتشريعات لازمة للانخراط في هذه المجموعة، أصبحت محل خلافات داخلية حادة داخل مؤسسات صنع القرار الإيراني. ومن تلك التشريعات مشروعا قانونين متبقيان، وهما الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب "CFT" والاتفاقية الدولية لمكافحة الجرائم العابرة للحدود "باليرمو"، إذ ما زال مشروعا القانونين يراوحان مكانهما داخل أروقة مجمع تشخيص مصلحة النظام في طهران، وتم تأجيل البتّ فيهما إلى العام الإيراني المقبل، أي إلى ما بعد إبريل/نيسان المقبل.

وقلل ذلك من سقف التوقعات الإيرانية من عمل الآلية الأوروبية، ونجاحها في التعويض عن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بطهران نتيجة الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.

ورغم ترحيب إيراني خجول بهذه الخطوة الأوروبية، رفضت الحكومة الإيرانية الشروط الواردة في البيان، حيث قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في وقت سابق: "لا نقبل ربط الآلية المالية للتبادل التجاري (INSTEX) بمعاهدة مكافحة الإرهاب وغسل الأموال (FATF)، كما أننا لا نقبل مماطلة أوروبا بتطبيق الآلية".

خيبة أمل إيرانية

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أكد حشمت الله فلاحت بيشه أن الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران (إنستكس)، "دليل على التخبط الأوروبي"، موضحاً أن "الأوروبيين ينتظرون عودة العلاقات بين إيران وأميركا لكي يكون لهم موقع".

ولفت إلى وجود خلافات بين إيران وأوروبا حول طبيعة عمل هذه الآلية المالية، قائلاً إن "أوروبا تعتبر إنستكس أداة مؤقتة لتجاوز تطرف (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، لذلك هي آلية لحماية أوروبا وليس الاتفاق النووي، الأمر الذي لا يقنع الجمهورية الإسلامية".

وقال فلاحت بيشه إن "إنستكس كانت لها نتيجة ضئيلة، والجمهورية الإسلامية لا تراهن عليها إستراتيجياً"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الآلية "كانت لها آثار سياسية مهمة دولياً، في كونها أظهرت أن العالم يريد العلاقة مع إيران، ما يعني أن ترامب (الرئيس الأميركي) معزول".

وفي السياق، انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأوروبيين، قائلاً "إنهم متأخرون جداً في تنفيذ تعهداتهم تجاه إيران".

وقال ظريف إن إيران "أسست الشركة الشريكة لإنستكس (الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران)، بالتالي لا يوجد ما يتذرع به الأوروبيون لعدم تنفيذ التزاماتهم والبدء بالعمل وفقها".

كما ناشد المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، في وقت سابق، الحكومة بالقول "لا تنتظروا أوروبا"، مؤكداً: "يجب عدم تعويد الناس على الحزمة المقترحة من جانب الاتحاد الأوروبي إلى إيران"، مخاطبا أعضاء الحكومة الإيرانية: "تابعوا العمل بجدية في إطار قدرات البلد، لا تنتظروا هذا وذاك".

تراجع التبادل التجاري
وعلى صعيد متصل، وفيما أسست إيران قناتها المالية للعمل مع نظيرتها الأوروبية، تظهر بيانات نشرها مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي، "يوروستات"، في العشرين من أبريل الجاري، أن التبادل التجاري بين إيران والأعضاء الـ28 للاتحاد قد تراجع بشكل حاد مع بداية عام 2019 على خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.

وأشارت البيانات التي نشرها "يوروستات" على موقعه الإلكتروني، إلى أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين قد تراجع إلى الخمس في الشهرين الأولين من عام 2019، إذ وصل إلى 756 مليون يورو، بعدما كان 3.72 مليارات يورو في الفترة ذاتها من عام 2018.

وأكد التقرير أن الصادرات الأوروبية إلى إيران خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2019 وصلت إلى النصف، لتسجل 620 مليون يورو، قياساً مع الفترة نفسها من عام 2018 حينما كانت 1.563 مليار يورو.

كما أن واردات أوروبا من إيران تراجعت إلى 136 مليون يورو بعدما كانت 2.157 مليار يورو في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2018.

المساهمون