إيران تحاول فرض شروط جديدة بحلب...ولا أثر لاتفاق الهدنة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
14 ديسمبر 2016
DA09ED76-B4B4-4EA8-AA31-E0E744AE2688
+ الخط -
تعثّر تطبيق الاتفاق الروسي– التركي الخاص بإخراج المدنيين والمقاتلين من الأحياء المحاصرة في حلب السورية، والذي كان مقرراً أن يبدأ فجر اليوم الأربعاء، بسبب "اعتراضات إيرانية على بنود الاتفاق ومحاولتها فرض شروط جديدة"، في الوقت الذي استأنف النظام السوري القصف مُوقعاً العديد من الجرحى.

وفي هذا السياق، عبّر الناشط عبد القدير خضر، الموجود في المناطق المحاصرة داخل حلب، لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن "إيران ربما أرادت عرقلة تنفيذ الاتفاق لأنه تم بمعزل عنها، وتعمل على إدخال شروط إضافية تتضمن السماح بخروج جرحى من منطقتي كفريا والفوعة بريف إدلب المحاصرتين من جانب فصائل (الجيش الحر)".

وأوضح خضر أن عدة حافلات دخلت إلى الأحياء المحاصرة، ونقلت حوالى 35 جريحاً من أصل 150، يشكلون الدفعة الأولى من المصابين، إلا أنها لم تتمكن من مواصلة طريقها بعد إطلاق النار عليها من جانب أحد الحواجز التي تشرف عليها مليشيات إيرانية، بحجة أنها تمرّ من طريق غير مرخص لها المرور منه.



ورجّح المتحدث ذاته أن "يستمر تأجيل الإجلاء إلى فجر غد الخميس، إلى أن يتم حل هذه الإشكالات عبر الجانبين الروسي والتركي"، مشيراً إلى أن هناك 33 حافلة متوقفة على طريق العام عند جسر الحج في حلب، بانتظار إخراج المدنيين باتجاه الراموسة والراشدين الرابعة.

وقدّرت مصادر أن "التنافس الروسي- الإيراني يعرقل الآن تنفيذ الاتفاق، بينما يقتصر دور النظام السوري على تأمين الجوانب اللوجستية، كتأمين الحافلات، لكن يبدو أنه يستجيب أكثر للضغوط الإيرانية، حيث استأنفت مدفعية قواته والمليشيات، قصف الأحياء المحاصرة، في خرق للهدوء الذي ساد المدينة منذ مساء أمس الثلاثاء". 

واستهدف القصف، بشكل رئيسي، منطقتي الزيدية وصلاح الدين، إضافة إلى قصف مناطق في ريف حلب الغربي.

وأكدت مصادر ميدانية في المدينة، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات النظام والمليشيات المساندة لها، قصفت نحو الساعة الحادية عشرة صباحاً، بقذائف الدبابات والهاون، أيضاً، أحياء المشهد والسكري والأنصاري"، التي ماتزال تحت سيطرة فصائل المعارضة، لكنها محاصرة بالكامل من قبل قوات النظام والميليشيات.

بدوره، ذكر "مركز حلب الإعلامي"، الذي يديره ناشطون في المدينة، إن القصف أدى إلى سقوط "جرحى من المدنيين".

ويعتبر هذا أول خرق لوقف إطلاق النار، الذي جرى بين الجانبين الروسي والتركي، وبمشاركة بكر أبو فاروق، وهو قائد في حركة "أحرار الشام"، مندوباً مفوضاً عن فصائل المعارضة، ويقضي بـ"خروج جميع المقاتلين من حلب بسلاحهم الفردي إلى ريف حلب الغربي عبر إدلب، على أن يبقى عناصر "فتح الشام" في إدلب وينتقل بقية المقاتلين، حسب رغبتهم، إلى ريف حلب الغربي".

كما يقضي الاتفاق بـ"نقل من يرغب من المدنيين، الذين يقدر عددهم في الأحياء المحاصرة، بمائة ألف إلى ريف حلب الغربي". 


وقدرت مصادر متطابقة أن يتم في هذا الإطار، نقل ما بين 30 و50 ألف مدني، في حين قد يفضل البقية البقاء في مناطقهم، لأنه "لا ضمانات على أنهم لن يتعرضوا للقصف في المناطق الجديدة التي سينقلون إليها، كما حصل مع المهجّرين من مناطق ريف دمشق إلى إدلب، والذين قتل وأصيب منهم العشرات في الغارات الجوية المتواصلة على المدينة".

وينتظر أن تتم عمليات الإجلاء على دفعات خلال عدة أيام، بسبب الأعداد الكبيرة التي من المتوقع أن تخرج.

ومن المتوقع أن تبدأ عملية الإخلاء اعتباراً من الساعة الخامسة من فجر غد، عبر حافلات، من الأحياء المحاصرة عبر بستان القصر، وصولاً إلى الريف الغربي، حيث تجري حالياً الاستعدادات لاستقبال المهجرين، ولاسيما المصابين، من خلال تجهيز سيارات الإسعاف.

وقالت وكالة "الأناضول" التركية إن الخطة النهائية لإجلاء المدنيين قد تتضح اليوم الأربعاء، عقب اللقاء المزمع عقده بين المسؤولين الأتراك والروس.

ونقلت "الأناضول" عن مصادر تركية قولها إن بقاء المدنيين في إدلب، أو السماح بالعبور عبر الأراضي التركية إلى مدينة إعزاز، أو الريف الشمالي لمحافظة حلب، أمر قيد الدراسة في الوقت الراهن.

وحول الجهة المشرفة على الاتفاق، قالت مصادر "العربي الجديد" إن "الطرف الرئيسي هي منظمة الإغاثة التركية التي ستتولى الإشراف على الحافلات وعلى تأمين مأوى للمهجرين، إضافة إلى إمكانية حضور ممثلين عن الصليب الأحمر الدولي".

وكان مصدر من داخل أحياء حلب المحاصرة، فضّل عدم الكشف عن اسمه، قد أوضح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ "مقاتلين إيرانيين أعادوا الحافلات التي حملت نحو عشرين جريحاً باتجاه الريف الغربي لحلب، لدى وصولها منطقة جسر الحج، بسبب تحفّظ إيران على بعض بنود الاتفاق التركي– الروسي".

وأكد الناطق باسم "حركة نور الدين زنكي"، كبرى فصائل المعارضة في حلب، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، إنه "لم يتم تنفيذ أي شيء من الاتفاق"، مشيراً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المليشيات الإيرانية منعت المصابين من الأطفال والنساء من الخروج"، موضحاً أن هذه المليشيات تستهدف منازل المدنيين بالمدفعية والصواريخ. 



وأشار عبد الرزاق إلى أن "نظام الأسد مغيّب تماماً"، مرجّحاً وجود خلافات بين الروس والمليشيات الإيرانية حول مضمون الاتفاق، لا سيما وجود "مطالب طائفية" لدى هذه المليشيات.

بدوره، اتهم وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، النظام السوري بـ"العمل على عرقلة عملية إجلاء المدنيين ومسلحي المعارضة من حلب"، مؤكداً أنه سيجري مزيداً من المحادثات مع نظيريه الروسي والإيراني اليوم الأربعاء.

وقال في تصريحٍ له اليوم، "إن ما نراه الآن أن النظام السوري، مع عدد من المجموعات، يعملون على عرقلة تطبيق الاتفاق. الجميع مسؤولون عما يحصل في حلب ولا يجب على أي شخص أن يلقي باللائمة على الآخر. تحدثت أمس مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، واليوم سنتحدث مرة أخرى مع وزير الخارجية الإيراني". كما أكد أن التحضيرات لاستقبال النازحين من حلب قد تم استكمالها.

ونفى جاووش أوغلو أن يكون قد جرى إخلاء أي من المحاصرين، إذ شدد "لم يحصل أي إخلاء بالمعنى الكامل. لقد حصل بعض التأخير، وسبب هذا التأخير يأتي من أماكن متعددة. البعض ناتج عن مضايقات بإطلاق النار. لم يتم حتى الآن تحقيق عمليات الإجلاء بمعناها الكامل، ولكن التجهيزات انتهت"، في رد ضمني على تصريحات روسية سابقة اليوم زعمت خروج آلاف المحاصرين.

وكانت قناة "سي إن إن" التركية، قد نقلت عن مصدر رفيع المستوى في الخارجية التركية، أنه "بحسب الاتفاق سيخرج في البداية المدنيون، ومن ثم المسلحون، وفيما يخص المدنيين ستمنح الأولوية للجرحى ومن ثم للعجائز"، مضيفاً "أن العملية هشة، لازلنا نختبر إمكانية استمرارها".

في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي إنه يأمل تسوية الوضع في شرق حلب خلال يومين أو ثلاثة أيام.

وذكر في كلمة ألقاها أمام المشاركين في منتدى "الحوار من أجل المستقبل" في موسكو اليوم "أعول على أن ينتهي وجود المعارضة في حلب خلال يومين أو ثلاثة أيام. وهؤلاء الذين سيرفضون ذلك هناك خيار خاص بهم".

وكان الاتفاق بين أنقرة وموسكو يقضي بخروج آمن للمدنيين ومقاتلي المعارضة من أحياء حلب المحاصرة، وذلك بعد الحملة العسكرية العنيفة لقوات النظام ومليشياته منذ منتصف الشهر الماضي، والتي أدت إلى مقتل المئات، ونزوح عشرات آلاف المدنيين.


*(شارك في التغطية: عدنان علي, أحمد حمزة, محمد أمين, باسم دباغ)

ذات صلة

الصورة
فريق من مستشفى جامعة حلب يواصل عمله بموارد محدودة، 1 ديسمبر 2024 (عمر ألفين/ الأناضول)

مجتمع

شيئاً فشيئاً، تعود المؤسسات الخدماتية للعمل في مدينة حلب وسط مخاوف من قبل بعض الأهالي من تراجع توفير الكهرباء والمياه والخبز.
الصورة
مكتب نقابة محامي حلب 1972 (العربي الجديد)

سياسة

نتابع في الحلقة الثانية اعتقال أعضاء في نقابات سورية عام 1980 وجهود الإفراج عنهم حيث تم إطلاق سراح المحامين عام 1987 باستثناء ثلاثة منهم
الصورة
مدينة أعزاز

سياسة

اهتزت مدينة أعزاز بريف حلب، شمالي سورية، بانفجار سيّارة مفخخة ضربت السوق الرئيسي في المدينة، التي تعتبر معقل المعارضة السورية، منتصف ليلة أمس السبت
الصورة
غسان النجار أمين سر نقابة المهندسين في حلب 1980 متحدثا للعربي الجديد (العربي الجديد)

سياسة

واجه نظام الرئيس حافظ الاسد عام 1980 انتفاضة شعبية في مدينة حلب سبقها صراع مسلح مع الطليعة المقاتلة واستغل النظام هذا الصراع للقضاء على اخر صوت للحرية في البلاد
المساهمون