إهمال مقصود ضدّ فلسطينيي الرملة

إهمال مقصود ضدّ فلسطينيي الرملة

05 اغسطس 2016
المسجد شاهد فلسطيني بالرغم من الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -
الرملة إحدى مدن فلسطين الفريدة من نوعها، كونها المدينة الأموية الوحيدة التي بناها الأمويون في البلاد، وذلك عام 715.

للرملة تاريخ عربي- إسلامي كبير جداً. لكنّها بعد النكبة عام 1948، باتت شبه مدينة بالنسبة للعرب الباقين فيها، تنعدم لديهم الحياة الثقافيّة والاجتماعيّة، بعد طمس معالم الرملة العربيّة والإسلاميّة وبناء معالم حديثة وتغيير التشكيلة السكّانيّة من خلال توطين اليهود، خصوصاً اليهود الآتين من الدول العربية، بالإضافة إلى يهود إثيوبيا في أوائل تسعينات القرن الماضي.

بذلك، باتت الرملة "مدينة مختلطة" كباقي المدن الفلسطينيّة التي احتلت في عام النكبة، وتحوّلت الأكثريّة العربيّة إلى أقليّة مشرذمة.

عرب المدينة 12 ألفاً بحسب موقع الإحصاءات العبري، ويشكّلون ما نسبته 17 في المائة من سكّانها. يرأس المدينة يهودي عنصري هو يوئيل لافي الذي صّرح في وسائل الإعلام قبل بضعة أعوام تصريحات عنصريّة بحق العرب سكّان المدينة وهدد أنه لم ولن يسمح لهم "برفع رؤوسهم"، قاصدًا بذلك طمس الهويّة الفلسطينيّة. وهو ما تفعله السلطة المركزيّة في البلاد من خلال البرلمان المليء بأعضاء من اليمين واليمين المتطرّف، مروراً بالمكاتب الحكوميّة المتعدّدة، وانتهاء بأروقة المحاكم التي في أحسن الحالات تمنع سن قوانين فاشيّة، لكنها في نهاية المطاف تعمل لمصلحة الحكم العبريّ.

بطبيعة الحال، يسعى لافي مثل باقي السلطات المحليّة في إسرائيل، إلى إهمال الحيّز العربيّ والتفرّغ للحيّز اليهودي. وبالفعل، شهدت المدينة في السنوات الأخيرة صحوة معماريّة بسبب الضائقة السكنيّة التي اقتحمت جميع المدن المختلطة والبلدات العربيّة، لكنّها صحوة لصالح المجتمع اليهوديّ في معظمها. ونادراً ما يجد السكان العرب حلولاً من البلدية لأزمة السكن في أحيائهم العريقة.

في حديث مع عضو المجلس البلديّ في الرملة موسى سابا حول وضع السكن في المجتمع العربيّ الرملاويّ، يقول: "لا شكّ أن الوضع سيئ جدًا في كلّ البلاد، خصوصاً في المناطق التي يسكن فيها العرب أينما تواجدوا. على سبيل المثال، هنا في الرملة نجد أحياء تبنى فيها وحدات سكنية جديدة من جهة، ومن جهة أخرى يرفضون البيع للعائلات العربيّة أو حتى الأزواج الجدد من العرب. ظاهرة نواجهها يومياً، وفي بعض الأحيان يراوغ المقاولون حول إمكانيّة رفض أو قبول العرب لأسبابٍ معروفة، وفي مقدّمتها السبب الماديّ، لكنّهم يخشون أن يتسبب سكن عربي في شقة ما في هرب الزبائن اليهود وتوقف المشروع أو فشله".

يقول سابا: "الأزواج الشباب هم أبرز ضحيّة لهذا الإخفاق. وبحسب رأيي، فإنّ حلّ الأزمة بسيط جداً وهو على المستوى الوطني ككلّ. بإمكاننا أن ندعو شركات الإسكان العربيّة في البلاد (فلسطين الداخل) للمجيء إلى الرملة والاستثمار في هذا المجال من أجل إيجاد حلول واقعيّة لأزمة السكن في المجتمع العربيّ. وفي الوقت عينه، سنطالب البلديّة بأن تساعد في تخفيض الضرائب وما شابه. كما يجب أن يعمل أعضاء الكنيست العرب على حلّ هذه الأزمة، لأنّ قوة عضو البلدية محدودة في هذا الشأن، أما عضو الكنيست فمن خلال عمله يستطيع أن يجد حلولاً من خلال التواصل مع وزارة الإسكان ومديريّة أراضي إسرائيل وعبر اللجان المختصّة في الكنيست. البلديّة تستطيع أن تعالج أوامر الإخلاء أو الهدم في الأحياء العربية في الرملة فهي لا تملك أراضي شأن بلدية تل أبيب يافا مثلاً، بل أغلب الأراضي في الرملة تابعة لمديريّة أراضي إسرائيل".

لا شك أن أزمة السكن الخانقة هي القضيّة الأهم في الرملة، مثلها مثل أخواتها اللد ويافا وعكّا، إذ هناك نقص في الخدمات البلديّة في الأحياء العربيّة المهملة. كذلك، بني مركز جماهيري واحد للعرب في حيّ الجواريش (غرب المدينة) البعيد عن باقي الأحياء العربيّة. بالإضافة إلى ذلك، هناك سعي مستمر إلى طمس المعالم التاريخيّة، ففي الحالات التي لا يمحى فيها المعلم، يجري تحويله إلى مبنى جماهيري مثل بيت آل الوزير الذي تحوّل إلى مبنى البلديّة العبريّة، ومبنى البلديّة العربي ما قبل النكبة الذي تحوّل إلى متحف.

عدا أزمة السكن، هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها السكان العرب في الرملة، من ذلك غياب الفنون والحراك الثقافي في مجتمع كان يتميز بها قبل النكبة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى كإهمال البلدة القديمة في المدينة، والإهمال الذي تعاني منه المدارس في الأحياء العربية.

دلالات