إعلام المصالح ودولة الشتات

إعلام المصالح ودولة الشتات

09 يوليو 2015
تدخل "ساويرس" بنفوذه لطرد عبدالحليم علي من القاهرة والناس(Getty)
+ الخط -
على الرغم من مطالبات السيسي للإعلام بالتوحّد خلفه في معركته للسيطرة على الحكم، وعلى الرغم مما بدا أنه تحقق لإرادة السيسي واتفاق الخطاب الإعلامي لكل وسائل الإعلام المصرية حول توصيف انقلاب 3 يوليو/ تموز بالثورة واتهام جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابية ونعت ثورة يناير بالمؤامرة وشبابها بالخونة والعملاء، إلا أن مصالح الإعلاميين ومالكي القنوات والجرائد والمعلنين دائما ما تفضح هشاشة صفهم وتشتت قلوبهم وإن ظهروا جمعاً.

كانت حادثة إذاعة عبدالرحيم علي لمكالمة مسجلة بمعرفة أمن الدولة بين كل من البرادعي ونجيب ساويرس هي المحطة الأولى في خلافات معسكر الإعلاميين الداعم والمؤيّد للسيسي، فعلى الرغم من تدخل "ساويرس" بنفوذه لدى "طارق نور" مالك القناة التي تذيع برنامج "علي" الذي وصل إلى حد قطع البث عن البرنامج وطرد عبدالرحيم من القناة، لم يتوقف صاحب الصندوق الأسود عن تطاوله في حق النجيب عبر صفحات جريدته "البوابة" وقناته الجديدة "العاصمة".


لسبب في نفس رجل الأعمال "صلاح دياب" والمالك لأغلب أسهم جريدة "المصري اليوم"، أصدرت الجريدة عدداً خاصاً بعنوان "ثقوب في البدلة الميري" حول انتهاكات الشرطة وجرائمها في حق الشعب المصري، وهو ما ردت عليه الداخلية ببيان رسمي وبلاغ ضد الجريدة تتهمها بالتحريض ضد الدولة وإثارة القلاقل، كما تدخلت الرئاسة في الأزمة عبر عمودها المعنون بـ"ابن الدولة" في جريدة اليوم السابع، والذي يحرره سراً أحد العاملين في الرئاسة، ففتحت النار على رجل الأعمال تشهيراً وتهديداً بفضح صفقاته المشبوهة وعلاقاته المتشابكة داخلياً وخارجياً.

ليس وحده الخلاف بين رجال المال من ملّاك وسائل الإعلام هو الذي يصنع التناقض بينهم، ولكن استقطاب أجهزة الدولة لوسائل إعلامية بالكامل، وتجنيد إعلاميين شخصياً لصالح شخصيات أمنية تستخدمهم كأدوات، وتعتبر من ولائهم لها عنصر قوة تستخدمه أحياناً وتلوح به كثيراً في خلافاتها مع بقية أجهزة الدولة.

على الرغم من كل ما شاب الإعلام الخاص من استقطاب وآخر مضاد له، بقي الإعلام الحكومي في وضعه مدافعاً عن السلطة وداعماً لها، وبقى مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي "ماسبيرو" تابعا للسلطة المباشرة لرئيس الجمهورية، ويقع واجب تأمينه على قوات الحرس الجمهوري دون غيرها.

ولكن يناير/ كانون الثاني 2011 قلبت الوضع فبيانات القوات المسلحة تم بثها عبر التلفزيون الرسمي من دون إذن الرئيس، وانتقلت تبعية المبنى إلى المجلس العسكري الذي سلمه إلى محمد مرسي ثم عاد لينتزعه منه في بيان المهلة التي سبقت الانقلاب.

مؤخراً حدثت سابقة هي الأولى من نوعها عندما أعلن التلفزيون الرسمي عن بيان للأجهزة الأمنية بعد قليل، بغضّ النظر عن محتوى البيان الذي جاء غير مهم على الإطلاق، فقد جاء البيان شبيهاً ببيانات القوات المسلحة يعلن تشكيل كيان أمني جديد أو ائتلاف بين عدد من قيادات أجهزة أمنية لتشكيل لوبي قوي يعلن عن فتح قضية سماها "أبناء الشاطر"، والملفت في الموضوع أن السيسي كان في زيارة إلى برلين وقت البيان، ثم جاء التعليق الأهم من القوات المسلحة التي نفت مشاركتها في البيان أو علمها به.

لا يحتاج المتابع للإعلام المعبر عن الوضع السياسي في الدولة إلى كثير من التدقيق ليلاحظ انعكاس الخلافات المتعددة وتعدد أشكال الاستقطاب بين مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، على الرغم من ظهورهم جميعاً في مشهد التوحد خلف رئيسهم إلا أن الصراعات على المصالح تتجلى بمجرد هدوء أجواء الصراعات مع الإخوان وسكون صخب الثورة.

فلا يجمعهم انتماء إلى مؤسسة أو محبة لزعيم، مصالحهم فقط، والتي إن وقعت تحت تهديد مباشر ستظهر وجوههم الخفية وسينقلب السحر على الساحر.

(مصر)

المساهمون