إشارات متناقضة جداً...والعالم تزداد حيرته

وول ستريت
27 يوليو 2020
+ الخط -

تلقت أسواق المال، اليوم الإثنين، إشارات شديدة التناقض تتعلق بحال ومستقبل الاقتصاد العالمي في الوقت القريب، ما بين حالة تفاؤل شديدة بإمكانية استعادة الاقتصادات الكبرى قوتها ونموها بسرعة، وتغلبها كذلك على تداعيات فيروس كورونا الخطيرة وحالة الركود التي تعرضت لها بأسرع مما هو متوقع، وبين توقعات متشائمة بتعمق أزمة الاقتصاد خاصة مع تجدد قيود السفر، ودخول العالم في أزمة مالية واقتصادية جديدة، وإفلاس العديد من الدول والشركات، وتعرض موازنات دول كبرى مثل إيطاليا وغيرها لأزمة ديون طاحنة تدفعها نحو التوقف عن سداد ديونها الخارجية. وهناك بالطبع توقعات حذرة تضع أعينها بشكل أساسي على تطورات فيروس كورونا والأخبار المتعلقة بلقاحات العلاج.

ويبدو أن الأسواق وكبار المستثمرين الدوليين مالوا أكثر للإشارة الثانية، خاصة مع عودة أجواء الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الأميركي والصيني، وعودة الإغلاقات لبعض الاقتصادات الكبرى، واستمرار التوقعات بحدوث موجة ثانية لفيروس كورونا.

ولذا رأينا ترجمة سريعة لهذه التخوفات ظهرت في شكل قفزات في أسعار الذهب والفضة والعملات الرقمية وفي مقدمتها بيتكوين، وخروج توقعات بأن يصل سعر أوقية الذهب لأكثر من ألفي دولار قبل نهاية العام الجاري.

كما زاد الإقبال على الاستثمار في الأصول الآمنة، في ظل تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي التي تجتاح العالم، وارتفاع منسوب القلق والخوف بين كبار المستثمرين وصناديق الاستثمار بسبب وباء كورونا وضعف الاقتصاد العالمي.

على مستوى حالة التفاؤل، ظهرت 3 مؤشرات خلال اليومين الماضيين، الأول تمثل في زيادة ثقة قادة الأعمال في اقتصاد ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، بأكثر من توقعات المحللين خلال الشهر الجاري، تزامناً مع إعادة تشغيل الاقتصاد.

موقف
التحديثات الحية

والثاني زيادة أرباح كبرى الشركات الصناعية الصينية بأكبر وتيرة في أكثر من عام، مع انتعاش الإنتاج، وتراجع أسعار المواد الخام، في ظل تعافي الاقتصاد الصيني، حيث زادت الأرباح بنسبة 11.5%، وهي نسبة كبيرة جاءت بعد ركود عميق وتراجع في الإنتاج والصادرات بسبب تفشي كورونا، وهو ما يعني عودة الطلب على المواد الخام بما فيها النفط والطاقة وزيادة الصادرات الصينية.

أما المؤشر الثالث فتمثل في توقعات المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، لاري كودلو، حدوث انتعاش كبير لاقتصاد بلاده بعد ركود عميق، بل وتوقعه بلوغ معدل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة نحو 20% في الربعين الثالث والرابع من العام الجاري، على الرغم من تباطؤ التعافي جراء تفشي وباء كوفيد-19، وهذه نسبة نمو ضخمة جدا تترتب عليها أمور كثيرة منها توليد فرص عمل والحد من البطالة وزيادة الصادرات وجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية.

وفي مقابل تلك المؤشرات الإيجابية، عادت أجواء الحرب التجارية العالمية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما أدى إلى تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته في عامين، كما تترقب الأسواق قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي " البنك المركزي الأميركي" الذي سيبدأ اجتماعاته اليوم الثلاثاء.

تصاحب ذلك زيادةُ المخاوف بين الشركات الأميركية خاصة مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، ولذا وجدنا أن 80% من هذه الشركات تتوقع استمرار العمل عن بعد حتى بعد انتهاء الأزمة.

كما أن هذه المخاوف من تفشي الوباء دفعت عدداً من الدول إلى عودة تشديد القيود على السفر، كما حدث مع إسبانيا التي خرجت دول مثل فرنسا وبريطانيا بتحذيرات من السفر إليها.

ومن بين المؤشرات السلبية أيضا استبعاد تعافي الاقتصاد البريطاني من أزمة كورونا قبل عام 2024، وزيادة معدل البطالة في بريطانيا من 3.9% إلى 9%، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 11.5% في العام الجاري، مقابل توقعات بتراجع بنسبة 8%.

الخلاصة أن كورونا لا زالت تضع كل دول العالم في حيرة وقلق شديدين، وهذه الحالة ستستمر إلى حين العثور على لقاح للفيروس.

وفي حال استمرار تلك الحالة، فإن العالم قد يكون على موعد مع تغيّرات جذرية مرتقبة قد تكون من بينها إطاحة جو بايدن مرشح الحزب الديموقراطي بدونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المقررة في شهر نوفمبر القادم.

المساهمون