إسرائيل وزعمها قوة عظمى

27 يوليو 2014
+ الخط -


دائماً ما تسوق إسرائيل نفسها على أنها قوة عظمى لا تقهر، بما تمتلكه من ترسانةٍ عسكريةٍ نووية، وقوة استخباراتية، وتفوق علمي يؤهلها لهذا الزعم، غير أن إسرائيل تغفل في لحظات الغرور والتعالي، والتباهي بما تمتلكه، أن العنصر البشري، بما يمتلكه من قوة الإرادة، وصدق العزيمة، والانتماء للمشروع الذي يوجد ضمنه، هو الأساس في أي تحول حضاري، أو نضال سياسي، أو صراع عسكري. فالقوة التي لا تقهر، متمثلةً في إسرائيل، حسب زعمها، باتت، اليوم، ضحية حمقها، وعجرفتها، وغرورها، وهي تدير صراعاً مريراً على جبهتين في آن واحد، خارجية متمثلة في المقاومة، وداخلية متمثلة في شعبها ومستوطنيها، وسخطهم على أداء جيشهم وحكومتهم، فلا يستكفون من إجرامه، بل يريدون المزيد، ولا يرضون عن الخسائر الفادحة التي تلحقها المقاومة في صفوفه.

وقعت إسرائيل بسبب رصيدها الموفور من الحمق والغباء، والتسرع في اتخاذ قرارات غير مدروسة، بين مطارق قصف المقاومة، التي تدك معاقلها، وتصل إلى عمقٍ لم تصل إليه من قبل، في تطور عسكري ملحوظ لقوات المقاومة، الأمر الذي أربك حسابات العدو الإسرائيلي. وفي ظل مفاجآتٍ متتاليةٍ تبهرنا بها المقاومة، وتثلج بها صدورنا، تعلن كتائب القسام عن صفعة عسكريةٍ جديدة، وضربة قوية موجعة للكيان الإسرائيلي، بتنفيذ عملية عسكرية استخباراتية، خلف خطوط العدو الإسرائيلي، المتمركزة على الحدود مع غزة في منطقة صوفا جنوب قطاع غزة، بإرسال مجموعة من الكوماندوز الحمساوي إلى تلك المنطقة، لجمع معلوماتٍ تتعلق بتمركز العدو، وتقدير حجم القوة التي يمتلكها، مع تدمير أهدافٍ عسكرية. وقد أعلنت الكتائب أن المجموعة مكثت ما يزيد على النصف ساعة خلف خطوط العدو، أدت خلالها المهام الموكلة إليها بنجاح. وفي أثناء عودتها، تعرضت لهجوم مركب من مجموعة الدبابات والآليات التي تقدمت نحو المجموعة من الشرق والشمال، وأضافت أن المجموعة نجحت في صد الهجوم وايقاع الخسائر في صفوف العدو، وأجبرت القوة المتقدمة من الشمال على التراجع، فيما تم ثبات القوة المتقدمة من الشرق، ما استدعى تدخل طيران العدو الذي استهدف المجموعة التي كانت قد وصلت إلى محيط عين النفق، وعادت الوحدة بكامل أفرادها إلى قواعدها، من دون وقوع أي إصابات أو سقوط شهداء في صفوف أفرادها.

تعلن المقاومة في هذه العملية تسديد ضربة قوية ضمن ضرباتها السابقة للعدو الصهيوني. ومن ناحية أخرى، تواجه دولة العدو ضغطاً شعبياً وسياسياً داخلياً هائلاً، جراء الهلع والخوف والذعر وعدم الإحساس بالأمان والاستقرار الذي كانت توهم به إسرائيل مواطنيها. فضلاً عن أن دولة العدو تعرّت أمام شعبها بشكل كامل، وفقدت مصداقيتها، فقد كانت تعمل على تغييب وعي الرأي العام الإسرائيلي، وتصدر له الوهم الكاذب عن عجز المقاومة في غزة وضعفها، وإن إسرائيل قادرة على سحقها في سويعات معدودة. لكن، سرعان ما تهدمت تلك الأوهام على صخرة المقاومة الصلبة، وباتت آمال الإسرائيليين عن الأمن والاستقرار المزعوم سراباً يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. واستيقظت إسرائيل من أضغاث أحلامها على صوت صواريخ المقاومة التي تتساقط فوق رؤوس شعبها.

أصبحت إسرائيل في ورطة شديدة، وهي تشعر، كل يوم، بخسارة فادحة على الصعد العسكرية والسياسية والاستخباراتية، ما دفعها إلى تسويق مبادرة عبر بعض عملائها، لتحفظ بها ما تبقى من ماء وجهها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي. لكن المقاومة قابلتها بالرفض التام، معلنة أن تلك المبادرة لا تساوي حتى الحبر الذي كتبت به. وتحت وطأة قصف المقاومة من ناحية، وضغط الداخل المتزايد من ناحية أخرى، تخرج علينا إسرائيل بقرار غير محسوب، أقل ما يوصف به أنه أرعن أحمق، ببدء عملياتها البرية الموسعة على قطاع غزة. وهو قرار أشبه ما يكون بعملية انتحاريةٍ لجيشها المتغطرس، وهذا ما ثبت، بعد أيام على بدء هذه العملية، وأكدت عليه سواعد رجال المقاومة، فإسرائيل تخشى من مواجهة المقاومة، خصوصاً بعد أن أعلنت عن نفسها، طوال الأيام السابقة، من خلال قدراتها العسكرية المتطورة نوعياً، ومن ثم تدرك بيقين أن معركتها في غزة خاسرة. لكنه الغباء والاستعلاء اللذين سيدفعان بها إلى التمرغ في وحل الهزيمة.

1D29F77B-EF9E-42AC-A0F8-D092B3BD9CE6
1D29F77B-EF9E-42AC-A0F8-D092B3BD9CE6
جميل الإمام (قطر)
جميل الإمام (قطر)