إسرائيل في المونديال

إسرائيل في المونديال

14 يونيو 2018
شبان اقتحموا مباراة تشيلي وأستراليا احتجاجاً على الانقلاب العسكري(Getty)
+ الخط -


في السابع من يوليو/ تموز 1974، في الضاحية الجنوبية لبيروت، جلست العائلة الصغيرة ومعها بعض الأقارب والجيران، حول جهاز تلفزيون أبيض وأسود، كبير (في معايير ذلك الوقت إذ لم يكن أكثر من 19 بوصة). كان لبنان يغلي بتظاهرات واحتجاجات وحكومات تذهب وحكومات تجيء، مما استبق الحرب الأهلية التي بدأت شرارتها بعدها بأشهر.

التلفزيون كان ينقل المباراة النهائية لبطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في ألمانيا الغربية بين منتخب الدولة المضيفة وهولندا.

انقسمت الجماهير كالعادة، وبينما حظي نجم المنتخب الهولندي يوهان كرويف بشعبية جارفة في تلك الفترة جعلت محبيه يشجعون منتخبه، وكان لدى الألمان في دورهم كثير من الشعبية بنجوم أمثال بيكنباور وبرايتنر وماير أو من دونهم حتى، فإنّ السياسة لطالما طغت على الرياضات، خصوصاً كرة القدم وجعلت التشجيع نفسه مسيساً بمعسكرات وأيديولوجيات.

لعبت البرازيل من دون بيليه للمرة الأولى منذ عام 1954، فغابت خطورتها ولم تكسب جماهير طارئة على المتعصبين لها الكثيرين جداً. توزعت الجماهير على منتخبات عدة على صعيد البطولة ككلّ، ومباراة بمباراة. بعض التأييد كان لأسباب رياضية وبعضه الآخر لأسباب سياسية، مع العلم أنّ الجماهير ازدادت كثيراً عن البطولات السابقة بفضل النقل التلفزيوني المباشر للمرة الثانية فقط عبر تلفزيون لبنان بعد عام 1970.

كانت مفارقة أن تقع ألمانيا الغربية في المجموعة الأولى إلى جانب ألمانيا الشرقية، فكان تأييد اليساريين الذين كانوا في أوجهم لها ولبولندا وبلغاريا وكذلك ليوغسلافيا في غياب الاتحاد السوفييتي، مع نقمة على تشيلي المنقلبة يميناً على سلفادور أليندي. المفارقة الكبرى كانت فوز ألمانيا الشرقية التي كانت تشارك للمرة الأولى (والأخيرة) على الغربية في ختام مباريات المجموعة الأولى.

كثيرون كانوا مع ألمانيا الغربية في النهائي أمام هولندا، وحتى اليساريون من بينهم هذه المرة إذ كان الطرف الآخر هولندا. فالمنتخب البرتقالي استفز كثيراً من العرب الذين كانوا لا يزالون يعيشون حروب الـ67 والاستنزاف والـ73، وحتى عملية ميونخ، وليس ذلك بسبب الدعم الهولندي لإسرائيل، وتمثيل هولندا المصالح الإسرائيلية في الاتحاد السوفييتي بعد قطع الأخير علاقته مع دولة الاحتلال، بل لداعٍ آخر...




أقلّه، حول ذلك الجهاز الأبيض والأسود، كان الجميع مع ألمانيا "حتى الموت" فقط لأنّ المنتخب الهولندي كان يضمّ لاعباً اسمه إسرائيل (رينوس إسرائيل، 47 مباراة دولية منها 3 في مونديال 1974) وإن لم يشارك في النهائي.

وعلى هذا الأساس، ومثله، يمكن أن نلاحظ بعض أشكال التأييد في مونديال روسيا الذي يبدأ هذا الأسبوع، بما فيه من منتخبات دول تثير الجدال عربياً... وربما عالمياً.

المساهمون