إسرائيل ترحّل البدو

إسرائيل ترحّل البدو

19 ابريل 2017
هل يرحل وعائلته؟ (محمود حمص/ فرانس برس)
+ الخط -
تطارد سلطات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين والتجمعات البدوية والمزارعين ومربّي المواشي بشكل مستمر. وتُلاحقهم في الأراضي التي يلجؤون إليها، خلال بحثهم عن مكان مناسب يوفّر للمواشي ما تحتاج إليه من مأكل ومشرب.

يعيش المزارعون والبدو في فلسطين في تجمعات سكنية في مناطق بعيدة عن القرى والمدن، من أجل توفير أجواء مناسبة تتناسب وطبيعة حياتهم التي تعتمد على تربية الأغنام والأبقار والزراعة. وعملهم هذا يعدّ مصدر رزقهم الوحيد.

إلى الجنوب من بلدة دير بلوط، غرب مدينة سلفيت، تعيش عائلة شحيبر الفلسطينيّة، وتحديداً في خربة أبو الرعيش. تربي الأغنام وترعاها وتهتم بها، علّ الإنتاج يكون وفيراً. لكنّ سلطات الاحتلال تلاحق هذه العائلة وتطردها بشكل مستمر من الأماكن التي تعيش فيها.

يقول محمد شحيبر لـ "العربي الجديد": "قبل أيام، جاءت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، أو ما يسمى بالإدارة المدنية مع جرافتين، وشرعت بهدم الخيام السكنية، وحظائر الأغنام. كذلك، هدّدنا الاحتلال بهدم بقية المساكن إذا لم نخلِ المنطقة في أسرع وقت".

وقبل نحو أسبوع، تسلّم من قوات الاحتلال إخطارات بهدم هذه المنشآت. ويوضح شحيبر أنّ الإدارة المدنيّة التابعة للاحتلال سلمت العائلة سبعة إخطارات، وهي إنذارات نهائية بحسب ضابط الإدارة المدنية، وقد أبلغها بضرورة إخلاء المنطقة، بحجة أن الأراضي تابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ويشير إلى أنّ العائلة تنقلت مرّات عدّة بسبب الاحتلال. فقبل نحو عشر سنوات، طُردت من خربة سكنية كانت تعيش فيها منذ وقت طويل، بحجّة أنّ الأرض التي تسكن فيها سيمر عبرها جدار الفصل العنصري، الذي يفصل الضفة عن القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948.

في الوقت الحالي، قرّر ساكنو الخربة الخروج منها خشية عودة قوات الاحتلال وطردهم بالقوة، ما قد يؤدي إلى إخافة الأطفال والنساء، علماً أنّ قوّات الاحتلال لم ترحم صغيراً أو كبيراً خلال عملية الهدم التي نفذتها مؤخراً. حتى أنّ سلطات الاحتلال قتلت الطيور في المنطقة. يضيف شحيبر أنّ أصوات الجرافات وقنابل الصوت تؤثّر على الأغنام وانتاجنا بشكل مباشر. ويوضح أنّ الأغنام كانت موزّعة على ثلاث حظائر بحسب أعمارها، إلا أنّنا اضطررنا إلى جمعها في حظيرة واحدة بعد عملية الهدم. ويشرح أنّ كلّ مجموعة، بحسب عمرها، تحتاج إلى رعاية معينة. لكنّ بعد هدم المنشآت ووضع الأغنام في حظيرة واحدة، بات هناك خطر كبير على إنتاجنا، "وبتنا نخشى على الخراف الصغار من الموت".


ويلفت شحيبر إلى أنّنا سنبتعد عن هذا المكان نحو 500 متر، ونمكث في منطقة سكنّاها سابقاً، وهي منطقة جبلية ووعرة تختلف عن الأرض التي كنّا نعيش فيها. "لن تكون عمليّة بناء المساكن والحظائر ونقل المواد إلى هناك سهلة، إلا أنّنا مضطرون كون الاحتلال يتربّص بنا". يسكن في الخربة محمد شحيبر وأشقاؤه وعائلاتهم وأطفالهم. وتعدّ تربية المواشي مصدر رزقهم الوحيد، ويملكون في الخربة جرارات زراعية تساعدهم في نقل أغراضهم وطعام المواشي. كذلك، يملكون مركبات غير قانونية تجعلهم عاجزين عن التنقل بحرية وبشكل كبير، بحسب شحيبر. يضيف أن حياتهم ما زالت شبه بدائية.

شحيبر يشير إلى أنّ تفاعل المؤسّسات الرسميّة مع قضيتهم ما زال متواضعاً، موضحاً أنّهم لم يحصلوا على مساعدات إلا من الصليب الأحمر الدولي، وعدد من مؤسسات حقوق الإنسان. ويطالب بمزيد من الاهتمام من قبل المؤسسات المعنية.

إجراءات الاحتلال هذه بحقّ التجمّعات البدوية، تهدف إلى طرد الفلسطينيّين وإبعادهم عن المناطق المصنفة "سي"، بحسب اتفاقيّة أوسلو. أمّا الحجج التي يستخدمها الاحتلال، فهي عدم الترخيص، واستخدام أرض تابعة لحكومة الاحتلال أو كما تسميها إسرائيل "أرض دولة". كذلك، لدى سلطات الاحتلال مخطّطات في خربة أبو الرعيش، وفي خرب الأغوار الشمالية، ما يدفعها إلى هدم المنشآت السكنيّة والزراعية في فترات متقاربة زمنيّاً.

ويقول مسؤول ملف الأغوار الشمالية، معتز بشارات، لـ "العربي الجديد"، إنّ الاحتلال ينفذ سياسة واضحة، بالتوازي مع توفير المستلزمات المعيشيّة للمستعمرين الذين يعيشون في مستوطنات قريبة من مناطق الأغوار والتجمّعات البدوية، على غرار المياه والكهرباء والمسكن، عدا عن الحماية الأمنية لهم. يضيف أنّ كل ما سبق يشير إلى محاولة تمكين المستعمر على حساب الأرض والمزارع الفلسطيني.

لم تنته ذرائع الاحتلال الإسرائيلي بعد. إذ يعتبر منطقة وادي قانا القريبة من بلدة ديراستيا شمال غرب مدينة سلفيت، محمية طبيعية، ويمنع المزارعين، وهم أصحاب الأراضي، من إجراء أي تغيير في معالم الأرض، كزراعة الأشجار أو بناء السلاسل الحجرية. تجدر الإشارة إلى أن المستعمرين ينفذون هجمات منظمة في الأراضي لقطع الأشجار وتخريبها.

المساهمون