إدانة شركة فرنسية بدفع موظفين للانتحار وسجن 3 مسؤولين فيها

21 ديسمبر 2019
حكم بسجن الرئيس السابق لشركة "فرانس تليكوم" (فرانس برس)
+ الخط -
قضت محكمة فرنسية أمس الجمعة، بسجن ثلاثة مسؤولين كبار سابقين في مجموعة الاتصالات الفرنسية "أورانج"، التي كان اسمها "فرانس تليكوم" سابقاً، وإدانة الشركة نفسها بالمسؤولية عن سلسلة من حالات الانتحار خلال عملية إعادة هيكلة الشركة جرت في الفترة بين 2008 و2010.

وحكمت محكمة في باريس بسجن كلّ من الرئيس السابق والمدير التنفيذي للشركة، ديدييه لومبارد، لمدة عام، ونائبه لويس بيير وينيس، والمدير السابق للموارد البشرية، أوليفييه باربيرو، إلا أنه جرى تعليق ثمانية أشهر من الحكم. كذلك أُدين أربعة مسؤولين تنفيذيين آخرين بالتواطؤ، وحكم عليهم بعقوبة السجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامات بقيمة 5 آلاف يورو، حسب "يورو نيوز".

وأدانت المحكمة لومبارد، والمسؤولين الآخرين بـ"التحرش المعنوي" الذي أدى إلى انتحار الموظفين، وحيث إن مدة الحكم تقلّ عن عامين، وكون لومبارد لا يمثل خطراً على المجتمع، فلن يقبع خلف القضبان بموجب قواعد المحكمة الفرنسية.

وأدانت المحكمة شركة "أورانج" أيضاً بذات التهمة، وفرضت عليها غرامة بقيمة 75 ألف يورو، وبعد صدور الحكم قالت الشركة التي حققت أرباحاً بقيمة 3.3 مليارات يورو في عام 2018، إنها لن تستأنف الحكم.

وتعود القضية إلى مطلع الألفية، حين أدت خصخصة شركة الاتصالات "فرانس تليكوم" إلى التخلص من 22 ألف وظيفة، وفتح 10 آلاف وظيفة أخرى، ما دفع النقابات إلى اتهام الإدارة بالسعي إلى تشجيع العمال على الاستقالة أو قبول إعادة التعيين، في دولة يحصل فيها الموظفون بعقود حكومية على وظائف مدى الحياة، فيما يتمتع العاملون في القطاعين العام والخاص بحماية قوية من قوانين العمل.
ونظرت المحكمة في 39 قضية لموظفي الشركة، 19 منهم قضوا انتحاراً، و12 آخرون حاولوا الانتحار، فيما عانى موظفون آخرون من الاكتئاب، أو كانوا غير قادرين على العمل بسبب ظروف عملهم، حسب "بي بي سي".

وسبق أن أقرت "أورانج" بمعاناة الضحايا، واعترفت بوجود أخطاء إدارية في تنفيذ خطة إعادة الهيكلة والخصخصة، لكنها نفت وجود أي خطة أو نية منهجية لمضايقة الموظفين.

ونفى لومبارد وثلاثة مديرين تنفيذيين سابقين في أورانج، متهمين أيضاً بـ"التحرش المعنوي"، ارتكاب أية مخالفات، وقالوا إن خطة إعادة الهيكلة تعد ضرورة اقتصادية. وكثير من مديري الشركات أدينوا بالتحرش، وغالباً ما فُصلوا من العمل نتيجة لذلك، ولكن لم يشمل ذلك الشركات نفسها.

وحسب القاضي الذي ترأس الجلسة، فإن "مطالبات التعويض حتى الآن وصلت إلى مليوني يورو"، وأعرب ممثلون نقابيون عن رضاهم عن قرار المحكمة، وذلك بعد أن سببت القضية  مراجعة ثقافة الشركات في فرنسا، كذلك اعتُبر الحكم تاريخياً، مع توقعات بأن يهزّ عرش مجالس الإدارة في الشركات الفرنسية، ويمهد الطريق لإجراءات قضائية مماثلة.

وقال رافائيل لوفرادو، ابن أحد موظفي فرانس تليكوم المنتحرين، إنه وعائلته "راضون عن الحكم، لكن كنا نود سجن المتهمين". فيما قال جان بول تيسونيير، وهو محامٍ يمثل بعض الضحايا، إن "الحكم وضح تماماً كيف يجب أن تكون معاملة الموظفين".

وأدرجت النيابة العامة قضايا ما لا يقلّ عن 18 حالة انتحار، و13 محاولة انتحار بين إبريل/نيسان 2008، ويونيو/ حزيران 2010.