إثيوبيا وإريتريا من الحرب إلى السلام

إثيوبيا وإريتريا من الحرب إلى السلام

10 يوليو 2018
أفراد من الجاليتين الإثيوبية والإريترية يحتفلون في إيطاليا(ستيفانو مونتيسي/Getty)
+ الخط -
تطورّت العلاقات سريعاً بين إثيوبيا وإريتريا، بفعل خطوات المصالحة الداخلية والخارجية التي بدأها رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، آبي أحمد، وتوّجها بسلسلة خطوات داخلية متعلقة بالمعارضة الإثيوبية والأقليات العرقية، وصولاً إلى حلّ النزاع التاريخي مع إريتريا، لطيّ صفحة نصف قرن من القتال والعلاقات المسمّمة بينهما، حتى توقيع "إعلان مشترك للسلام والصداقة" بين إثيوبيا وإريتريا، أمس الاثنين، في العاصمة الإريترية أسمرة. ويشمل الاتفاق إعادة الاتصالات الهاتفية والروابط الجوية والموافقة على أن تستخدم إثيوبيا التي لا تطل على مسطحات مائية الموانئ الإريترية المطلة على البحر الأحمر. وهو ما أكدته هيئة الإذاعة الإثيوبية "فانا"، بالقول إن "إثيوبيا وإريتريا ستطوران معاً موانئ إريترية على البحر الأحمر".

وكان أحمد قد وصل إلى العاصمة الإريترية يوم الأحد، في أول زيارة رسمية منذ قرابة عقدين. وأتت الزيارة في إطار الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات وإجراء محادثات سلام بين البلدين بعد قطيعة امتدت لأكثر من 17 عاماً، حسب "فانا".

وقال وزير الإعلام الإريتري يماني جبر ميسكيل، إن "الاتفاق الموقع بين زعيمي إثيوبيا وإريتريا يعني أن حالة الحرب بين البلدين المتجاورين قد انتهت". وكتب الوزير على موقع "تويتر"، إن "الاتفاق الموقع في العاصمة الإريترية أسمرة بعد يوم من اجتماع قمة بين رئيس إريتريا إسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، ينص على أن حالة الحرب القائمة بين البلدين قد انتهت". وأعلن آبي وأفورقي، يوم الأحد، أن "البلدين سينهيان حالة اللاسلم واللاحرب بينهما في سبيل المحبة والسلام". وأضاف ميسكيل أن "أجواء العشاء الرسمي، مساء الأحد، كانت ساحرة". ونقل عن إسياس أن الترحيب الشديد برئيس الوزراء آبي يسلط الضوء على مدى تقدير شعب إريتريا للسلام. وأضاف "نعم القرار السياسي الشجاع الذي اتخذه الدكتور آبي والذي سيعوض الوقت المهدر والفرص الضائعة خلال العشرين عاماً الماضية... نحن معك".

بدوره، التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، مع أحمد، مساء أمس، مرحّباً بإنهاء النزاع. وأشادت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا "إيغاد"، بأحمد، وما وصفته "قيادته الحكيمة والشجاعة في تطبيع العلاقات بين بلاده وإريتريا".


وجاءت تصريحات الهيئة في رسالة بعث بها السكرتير التنفيذي للإيغاد، محبوب معلم، لرئيس الوزراء الإثيوبي، ونقلتها إذاعة "فانا"، أمس الإثنين. وذكرت الرسالة "الهيئة تهنئ آبي أحمد، بقيادته الحكيمة والشجاعة في تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا وحل مسألة الحدود". وأوضح سكرتير "إيغاد" أن "هذه الخطوة ستفيد بلا شك شعبي البلدين، وستسهم في تحقيق تطلعاتنا المشتركة نحو السلام والتكامل الاقتصادي لمنطقتنا وللقارة الأفريقية". وأعرب عن تطلعه "لإعادة إريتريا إلى أسرة إيغاد وأخذ مكانها الصحيح المتمثل في النهوض بشكل جماعي بالسلام والتنمية في منطقتنا". وأكد معلم دعم منظمة "إيغاد" المستمر للتطورات الثنائية الجارية.

والتحول السريع من الخصومة إلى الشراكة أتى نتيجة لمبادرة سلام غير متوقعة تقدم بها أحمد، وهو ضابط الاستخبارات السابق البالغ من العمر 41 عاماً والذي تولى السلطة في إثيوبيا في إبريل/ نيسان. وكانت إريتريا قد استقلت عن إثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، لكن صراعاً حدودياً حول بلدة بادمي اندلع مجدداً بينهما عام 1998، فقُطعت العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين. وشهدت الجزائر، في ديسمبر/ كانون الأول 2000، توقيع اتفاقية سلام بين البلدين، أنهت الحرب الحدودية. والشهر الماضي أعلنت إثيوبيا التزامها بتنفيذ كامل الاتفاقية وترسيم الحدود مع إريتريا. ومن شأن تطور العلاقات بين البلدين أن يؤثر إيجاباً على ملف القرن الأفريقي، وعلى البحر الأحمر، خصوصاً أنه في كل الحروب السابقة بين إثيوبيا وإريتريا كان الوضع ينعكس سلباً على الصومال وجيبوتي وجنوب السودان وكينيا والسودان. كما أن في استفادة إثيوبيا من الموانئ الإريترية، تحديداً ميناءي مصوع وعصب، عودة لمرحلة ما قبل 1993، إنما بصورة أكثر رسمية وقانونية. ويسمح التطور الجديد في العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا برفع منسوب التعاملات التجارية والاقتصادية، بما يسمح بتحولهما إلى قوة اقتصادية على البحر الأحمر.

(العربي الجديد، الأناضول، رويترز)