إثنين أهالي الأسرى

30 مارس 2015
يشارك الأهالي منذ عدة سنوات في التجمع الأسبوعي(ياسر قديح)
+ الخط -

لا تفوّت والدة الأسير الفلسطيني عاطف غنيم، صبيحة كلّ إثنين المشاركة في الوقفة الأسبوعية لذوي الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. يتجمع الأهالي أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، وهم يحملون صور أبنائهم، ولافتات تنادي بفك أسرهم.

تتحدى أم عاطف متاعبها الصحية، وتحرص على الوصول باكراً. يشاركها الوقفة مئات الأمهات والآباء والزوجات والأبناء. فالموعد بات جزءاً من حياة عائلات الأسرى.

يمثّل التجمع بالنسبة لأم عاطف وغيرها فرصة معنوية لإحياء الأمل في رؤية أبنائهم خارج السجون، خصوصاً مع تنوع الفعاليات المصاحبة للاعتصام الأسبوعي، ومشاركة معظم الفصائل والتيارات والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، والأجنبية في بعض الأحيان.

تقول السيدة المسنّة لـ "العربي الجديد" إنّ ابنها أكمل 16 عاماً في سجون الاحتلال، وتحلم برؤيته محرراً قبل وفاتها. وتشير إلى أنّ تواجدها في الاعتصام الأسبوعي يمنحها بعض الثقة بأنها ستنال مرادها قريباً. وتضيف: "مهما كانت ظروفي، لا أقطع الوصل مع التجمع الأسبوعي لأهالي الأسرى، وأحرص على أن أكون من أوائل الحاضرين".

تؤكد أنّ قضية الأسرى من أكثر ما يؤلم الفلسطينيين، خصوصاً الأهالي. وتشير إلى أنّ الجهات الرسمية "مقصّرة ولا تقوم بدورها في لفت انتباه العالم لهذه المأساة، لذلك لا نملك سوى أن نتجمع أسبوعياً للمطالبة بفك قيود أبنائنا".

الوقفة الأسبوعية لم تعد مناسبة للتذكير بمعاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين فقط. بل تحولت إلى محطة لتعرف عائلات الأسرى ببعضها البعض، والمشاركة في حمل هموم الأبناء أو الآباء المعتقلين، كما هو حال عائلتي البطش ومسعود.

كلتا العائلتان تعاني من اعتقال أحد أبنائها منذ سنوات. وتقطن كلّ منهما في مدينة داخل قطاع غزة، ومع ذلك، أصبحتا كأسرة واحدة. فأفرادها يحرصون على تبادل الزيارات التي تطغى عليها غالباً قصص الأسرى ومعاناتهم.

يقول أبو محمد والد الأسير عادل البطش: "هموم من يفقد ابنه كأسير في سجون الاحتلال ترافقه طوال حياته، فلا شيء يشغله أكثر من قضية الأسرى وسبل العمل لتحريك الرأي العام لنصرتهم، حتى تدور كلّ علاقاته الاجتماعية غالباً في نفس الفلك".

يضيف الرجل الخمسيني لـ "العربي الجديد": "أشارك منذ 8 سنوات في الوقفة الأسبوعية. وخلال هذه الفترة تعرفت بعشرات العائلات التي تشاركني المأساة نفسها، والحديث الذي نبدأه تحت خيمة الاعتصام نكمله في منازلنا في اليوم التالي".

كثيرون ممن اعتادوا المشاركة في الاعتصام الأسبوعي غيّبهم الموت، فيما أبناؤهم ما زالوا خلف القضبان، كما هو حال أم الأسير يحيى اصليّح، التي كانت تتواجد بشكل منتظم في الوقفة، وتوفيت في اليوم الذي كان مقرراً لها فيه أن تزور ابنها لأول مرة منذ 6 سنوات.

ولعلّ ما يمنح التجمع الأسبوعي لذوي الأسرى المزيد من القيمة والاهتمام، هو حرص معظم الأسرى المحررين، على الحضور. وهو ما يفعله الأسير المحرر تيسير البرديني الذي أمضى أكثر من 20 عاماً داخل السجون قبل إطلاق سراحه منذ نحو ثلاث سنوات.

كانت صور تيسير حاضرة باستمرار في اعتصام ذوي الأسرى. ووالدته أم عماد كانت من الوجوه الدائمة الحضور، حتى بات شريكاً لها إلى أن توفيت العام الماضي، وأكمل الحضور إلى الوقفة الأسبوعية بعدها.

ويقول البرديني: "مثل هذه التجمعات تزرع الأمل في نفوس الأسرى، وتشعرهم بأن قضيتهم ليس منسية". ويلفت إلى أنّ أيّ حراك مهما بدا متواضعاً فإنه يعني الكثير لمن يتواجدون خلف القضبان، خصوصاً المحكومين بالمؤبد. ويطلب مضاعفة الجهود للفت الانتباه إلى معاناة الأسرى الذين لا يتمتعون بأبسط الحقوق، وأولها الحق بالزيارة.

5 آلاف معتقل فلسطيني

تشير الإحصائيّات شبه الرسمية إلى أنّ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يزيد عن 5 آلاف أسير. ومن بينهم ما يقرب من 500 أسير من قطاع غزة. فيما العشرات منهم محكومون بأحكام كبيرة. ويعاني أسرى قطاع غزة تحديداً من إجراءات تعسفية، وقلما يُسمح لأفراد من أسرهم بزيارتهم في السجن. وإذا تسنى لهم ذلك، فيكون وفقاً لشروط وإجراءات معقدة يتخذها الاحتلال.