إبراهيم صلاح: لا حكومة منفى ولن نشارك بالانتخابات المصرية

إبراهيم صلاح: لا حكومة منفى ولن نشارك بالانتخابات المصرية

10 يونيو 2014
"السيسي نسف جميع الجسور" (العربي الجديد)
+ الخط -

أكد القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، الملقب بـ"وزير خارجية الجماعة"، إبراهيم صلاح، أن طريق الحل السياسي للأزمة المصرية لم يعد مطروحاً، وأن الشارع المصري "هو من سيحسم المعركة"، مشدداً على أن "من جاء بالصندوق يزول بالصندوق، ومن جاء بالسيف والدبابة سيزول قطعاً".

وفي حوار مع "العربي الجديد"، قال القيادي الاخواني، الذي يتخذ من سويسرا مقراً لإقامته، إن "الجماعة قررت عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، تحت أي ظرف"، وأكد أن "حكومة المنفى أمر مستبعد وغير متفق عليه".

وأوضح صلاح، أن "هدف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ومن يموله ويحرضه استئصال الإسلام السياسي وجماعة الإخوان بالكامل". وأشار إلى أن "السيسي نسف كافة الجسور، وقضى على أي بارقة أمل للتصالح بعد المذابح التي ارتكبت في رابعة العدوية وأحكام الإعدام والقضايا الملفقة".

* ما توقعاتك لمستقبل المشهد السياسي في مصر؟

ــ المشهد في مصر قاتم للغاية، وأشد قتامةً من أواخر أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وعلامات الأسى واضحة، والأزمات التي حيكت ضد الرئيس محمد مرسي، من البنزين والأمن والخبز تفاقمت وزادت، والعجز المالي وصل إلى درجة مخيفة، أي أن الوضع أشبه بالانهيار وجميع فئات الشعب مطحونة وغير راضية. ولم تكن الفتن التي صاحبت الانقلاب من مذابح وأحكام للقضاء بالسجن لمدد طويلة والإعدامات غير المسبوقة إلا نذير شؤم، فالمشهد أسود، وانهيار النظام قادم قريباً لا محالة، فما بني على باطل فهو باطل.
وبالنسبة للإخوان المسلمين، فهم جزء من نسيج المجتمع، وهي منظمة قاومت الظلم والفساد أيام الملكية وبعدها، وتعرضت للإعدامات والسجون، ولكنها ظلت ثابتة وازداد انتشارها وصلب عودها، وفازت في خمسة استحقاقات انتخابية بعد الثورة، وفرصها لا تزال قائمة، وإذا زال الانقلاب وهو سيزول، ستعود مرة أخرى أقوى وأشد.
كما أن الغرب ليس ضد الجماعة، ولعل الجميع تابع المناقشات التي جرت في البرلمان البريطاني، وقرأ ما كتبه كبار المحللين، مثل روبرت فيسك، وديفيد هيرست، وغيرهما، فالدول الاسكندنافية تأتي في مقدمة الدول الأوروبية المناوئة للانقلاب.

* هل سيشارك الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر؟

- الجماعة قررت عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية، ولن تشارك تحت أي ظرف.

* من وقت لآخر، يتم طرح فكرة تشكيل حكومة منفى كنوع من أدوات مواجهة الانقلاب، ما مصير هذه الآلية ؟

- حكومة المنفى أمر مستبعد تماماً وغير متفق عليه، فمقاومة الانقلاب هي من داخل مصر، من الشعب المصري الذي يرفض استمرار حكم العسكري المستمر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، حتى الآن، باستثناء عام الرئيس محمد مرسي. لقد خرب قادة العسكر، مصر، التي بدأت نهضتها مع اليابان والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وماليزيا، والآن أين صارت هذه البلدان وأين مصر؟ فالناتج القومي لسنغافورة وهي جزيرة صغيرة يزيد على الناتج القومي لمصر، وهونج كونج كذلك.

* هل انعكس القرار البريطاني بالتحقيق بشأن الإخوان المسلمين، على موقف بعض الدول الأوروبية الأخرى تجاه الجماعة؟

- لا يخفى على أحد أن دولا خليجية ضغطت على بريطانيا، وهددت بإلغاء صفقات تجارية وعسكرية كبيرة ما لم تشاركهم الحملة ضد الإخوان، وقرار رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لدراسة ملف الإخوان يأتي في هذا الإطار، على الرغم من أن دول الغرب، خصوصاً بريطانيا، يعرفون الإخوان جيداً أكثر من الدول العربية. لقد دهشت كثيراً حينما عرض عليّ مسؤول عسكري غربي كبير، وثائق عسكرية، وطلب مني المساعدة في ترجمة بعض المراسلات العربية المكتوبة بخط اليد من قادة عرب، فهم ليسوا بحاجة إلى شيوخ قبائل الخليج ليعلموا تاريخ الإخوان، فالغرب يعرف جيداً الإخوان.

* تتمتع بعلاقات خارجية قوية، وأسهمت بحل نزاعات مثل وساطاتك بين العراق وإيران لإنهاء الحرب، هل حاولت التوسط لدى دول الخليج التي تتخذ موقفا معادياً للإخوان؟

- الأمر مختلف تماماً في هذه الحالة، وساطتي بين العراق وإيران تمت برضا الطرفين بعدما تيقنا أن استمرارهما في الحرب سيقضي عليهما وأن الحرب تتم لمصلحة أميركا وإسرائيل. وهنا أتذكر أمراً مهماً، حينما قال لي الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، إنه حاول أكثر من مرة الخروج من الحرب، ولكن شيوخ الخليج كانوا ينفقون الأموال للاستمرار فيها.
لكن القيام بوساطة في الحالة المصرية أمر مختلف تماماً عما قمت به من وساطات سابقة، لأن الذي قام بالانقلاب وبأجندة وأموال أجنبية، لم يقم به ليتصالح ويعيد المسار الديمقراطي، ويسمح بانتخابات حرة مرة أخرى، ليسود الإخوان والإسلام السياسي من جديد.
بالطبع من قام بالانقلاب ليس بهذه السذاجة، ومن موّله ووقف وراءه وحرضه لم يكن هذا هدفه، لأن الهدف الأساسي كان استئصالاً كاملاً للإسلام السياسي وجماعة الإخوان، وقائد الانقلاب قالها بوضوح إن مرسي كان يريد تغيير هوية مصر، فهل كان مرسي يريد إقامة دولة صليبية؟ كان مرسي يريد إقامة مشروع إسلامي، ولذلك قام العسكر بالتخلص منه، فالأمر كان محسوماً بالنسبة للعسكر منذ مارس/آذار 2012.
ليس الوضع في مصر حرباً بين طرفين، وإنما هناك مشروع يسعى لاستئصال الطرف الإسلامي، وهذا ما يفسر مذابح رابعة العدوية وحرق الجثث ومذابح النهضة وغيرها، وأحكام الإعدام والقضايا الملفقة والتخابر والقتل، وهذه تصرفات شخص حسم أمره من دون أي بارقة أمل بالعودة للتصالح، وهو أصلاً غير مسموح له بذلك ممن يقفون خلفه، فكيف لأي طرف إذاً أن يتوسط في هذه الحالة.

* هل معنى ذلك أنه لم يعد هناك مجال لأي حل سياسي؟

- لا أعتقد أن من قام بالانقلاب يريد أي تفاوض أو تسوية، فهو يقوم بمجرد مناورات للتصدير للغرب لتحسين الصورة، والسيسي لا يزال يكرر أن حركة الإخوان انتهت ولن تتواجد أبداً في حكمه، ولكن الشارع هو من سيحسم المعركة.

* إلى أي مدى ترى أن قرار قادة الانقلاب بمصادرة أموال وممتلكات الجماعة في مصر، سيؤدي إلى استئصالها؟

- هذه المحنة من قتل ومصادرة الأموال والممتلكات، لن تزيد الجماعة إلا قوة وصلابة، وستعود قريباً أصلب عوداً، وسوف تنهض بمصر والمنطقة، وسوف تنشر الحرية والعدل قريباً.

* كيف تدار الجماعة في ظل وجود معظم قياداتها داخل السجون أو مطاردين وملاحقين داخل مصر وخارجها؟

- حركة الإخوان حركة إسلامية فريدة، تُعلم أبناءها أن يكونوا قادة وأن يتحركوا بقيادة ودون قيادة، فكل واحد منهم هو جندي وقائد وإمام، وليست تجربة عبد الناصر بعيدة عنا، عندما بطش بالجماعة ما أدى لتفرقها في كافة أنحاء العالم، وكان عددهم على سبيل المثال في ألمانيا، عدة أفراد وكذلك في سويسرا وبريطانيا، واليوم يوجد في ألمانيا وحدها أكثر من ألف مركز إسلامي، كما تشهد بريطانيا وأميركا وسويسرا وجوداً إسلامياً كبيراً ومؤثراً، وتعمل الجماعات الإسلامية في أكثر من 86 دولة حول العالم، وكل من حاول القضاء عليها تم القضاء عليه هو وذهب إلى مزابل التاريخ.

* في تصريح لك قبل 30 يونيو/حزيران الماضي، تحدثت عن أن الغرب يدرك أنه لو قامت انتخابات حرة من الخليج للمحيط، ستصعد الحركات الإسلامية. ترى هل هذا اليقين لا يزال قائماً؟

- لا بل أؤكد عليه ستفوز الجماعة في أي انتخابات حرة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وهذا أمر يعرفه العدو قبل الصديق.

المساهمون