أين الاقتصاد من فشل الانقلاب؟

أين الاقتصاد من فشل الانقلاب؟

17 يوليو 2016
الأتراك ادركوا أن حكم العسكر سيؤدي لخسائر كبيرة(Getty)
+ الخط -

 

 

لم يترك المحللون السياسيون والاستراتيجيون، كما تسميهم القنوات التلفزيونية، سبباً، كان وراء فشل الانقلاب ليل الجمعة الفائت بتركيا، إلا وأتوا عليه شرحاً وتفصيلا وتحليلاً.. بيد أن أحداً لم يأت على دور الاقتصاد، ليبقى وجه السياسة الأبيض معتماً عليه، حتى لجهة العقابيل الاقتصادية على تركيا جراء الانقلاب، وفي مقدمتها السياحة المستهدفة منذ حين، نظراً لما تحمّله تركيا للسياحة من آمال ومشروعات، تتعدى الاقتصاد والسياسة.

إذ إن الانقلاب أتى بيومي عطلة أمر غير مقنع، كما أن السياسة كالجرم الكبير تأكل كل الأحكام الأخرى..غير مبرر.

ثمة أسباب مباشرة ولا شك، تجلت بفشل الانقلابيين باعتقال أو قتل رئيس الدولة رجب طيب أردوغان، وتركه الفندق قبل وصول ثلاث طائرات عمودية إلى "مرمريس" حيث يقضي عطلة نهاية الأسبوع، سبب ومهم أيضاً، وربما فوّت هذا السبب على الانقلابيين، عرض الرئيس وهو معتقل أو مقتول، ليحصدوا ثمن ذلك من انهيار للمؤسسات وإجبار رئيس الأركان المعتقل، خلوصي أقار على إعلان بيان نجاح الانقلاب، أو حتى إجبار المجتمع التركي، بمن فيهم أنصار الرئيس، على القبول بالأمر الواقع.

أو ما قيل عن أسباب أخرى مفصلية أجهضت حلم العسكر بإعادة تاريخ تركيا، سواء دور وقوف الأحزاب المعارضة مع خيار الديمقراطية ضد حكم العسكر والانقلاب، رغم عدائهم، السياسي على الأقل، لحزب العدالة والتنمية ورئيس الدولة.

أو حتى ما نسبه المحللون كسبب أهم بفشل الانقلاب، وهو خروج الشعب التركي بقضه وقضيضه، بوجه الدبابات والانقلابيين وإجبارهم على التراجع والانسحاب عن بعض المواقع والمرافق التي احتلوها.

بيد أن السؤال الذي قلما طرح، لماذا خرج الشعب التركي، بمن فيهم المعادي للحزب الحاكم، بوجه من أتى على دبابة عسكرية؟!

أعتقد أن الإجابة تتمحور بشقين، الأول يكمن بيقين الشعب التركي الذي خبر حكم العسكر والانقلابات، أو آخرها على الأقل، وقت الإطاحة بحزب "الرفاه" عام 1980، أن ذلك الشكل من الحكم سيصادر حقوقه التي منحه إياها الحكم المدني ويسرق منه الديمقراطية التي انعكست عليه بحريات، إن بدأت من الرأي لا تنتهي عند المعتقد الروحي والسياسي .

أما الشق الثاني، وهو مربط الفرس، أن الأتراك بقبولهم حكم "البوط" سيخسرون سعر عملتهم الذي تحسن ودخلهم الذي تضاعف، بعد وصول أردوغان للحكم، من 3 ألاف دولار للفرد إلى نحو 20 ألفاً، وسيعانون من البطالة التي امتصتها الحكومة بتأمين 6 ملايين فرصة عمل منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 وكذا لجهة نسبة النمو المرتفعة على مستوى العالم التي تزيد عن 4.5% سنوياً .

بل وربما يقلب الانقلاب واقع تركيا، من بلد دخل نادي العشرين وبلغ المرتبة السادسة أوروبيا على الصعيد الاقتصادي، وسدد جميع ديونه وتحول لبلد دائن لصندوق النقد الدولي، إلى ما قبل العدالة والتنمية، وقت يسافر بعض الأتراك إلى مدينة حلب السورية، ليشتروا أبسط السلع والمنتجات الغذائية... والألبسة المستعملة أحياناً .

نهاية القول: يعي التركي ويلمس، أن حزب العدالة والتنمية قد أنفق نحو 138 مليار دولار على مشاريع تنموية، من جسور وأنفاق ومطارات، ما أوصل تركيا هذا العام لصدارة دول العالم في حجم الاستثمارات الحكومية والخاصة في مشاريع البنى التحتية، بعد أن نفذت أربعين بالمئة من حجم الاستثمارات العالمية في البنى التحتية ووصلت قيمة الاستثمار الحكومي والخاص في البنى التحتية في تركيا إلى ما قيمته 44,7 مليار دولار، فضلاً عن اعتماد التأهيل العلمي والبحثي كإكسير ملزم لتطوير الإنسان وتحقيق التنمية .

فإن وصل العسكر ذو الفكر الحدي المبني على "الشهادة أو النصر" فسوف تتبدد المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي حصل عليها الأتراك، ويتلاشى حلم 2023 الذي ربط الحزب الحاكم تحقيقه بجميع الأتراك.

المساهمون