أهل السبينة ممنوعون من دخوله

أهل السبينة ممنوعون من دخوله

13 اغسطس 2016
معظم سكانه من العشائر (يوسف كروشان/ فرانس برس)
+ الخط -
يبعد مخيم السبينة للاجئين الفلسطينيين نحو 14 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة السورية دمشق، على طرف الطريق الدولي القديم بين مدينتي دمشق ودرعا، وسط منطقة صناعية كبيرة تعج بالمعامل. يعتبر من المخيمات العشرة الأساسية في سورية المعترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وبالرغم من الوجود الفلسطيني المبكر على أرض هذا المخيم، الذي يعود إلى عام 1948 عام النكبة، لم يُعترَف به كمخيم فلسطيني إلاّ عام 1968. تقدّر مساحة الجزء الذي تعترف به "الأونروا" من المخيم وتقدم فيه خدماتها بنحو 27 كيلومتراً مربعاً. وقد جرت توسعة المخيم من أطرافه عدة مرات، فباتت مساحته أضعاف المساحة المعترف بها وذلك عبر أراض استأجرتها الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين.

قبل عام 2011 كانت غالبية سكان المخيم تعمل في المصانع المنتشرة في المنطقة. البعض كان يعمل مياوماً أو في الحصاد الموسمي لدى ملاّك أراض سوريين، بالإضافة إلى فئة الموظفين الحكوميين، أو المنظمين في الفصائل الفلسطينية.

بصورة عامة، فإنّ سكان المخيم، وهم أكثر من 25 ألف نسمة، من الفقراء ومتوسطي الحال. أما شوارع المخيم القديم فهي أشبه بالأزقة، ومنازله صغيرة، ومتلاصقة، تغلب عليها الأبنية متوسطة الارتفاع بطبقة أو طبقتين، وتفتقر منازله إلى أدنى الشروط الصحية. معظم سكانه من العشائر الفلسطينية، التي كانت تقيم في شمال فلسطين المحتلة، وحتى حاراته تسمى بأسماء تلك العشائر مثل حارة الشمالنة وحارة القديرية.

مع اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، وعلى غرار المناطق الأخرى المجاورة، انخرطت منطقة السبينة، التي يقع فيها المخيم، والتي يقطنها بشكل عام نازحون من الجولان السوري المحتل، في الحراك السلمي المناهض للنظام، قبل أن تتشكل الفصائل المسلحة وتسيطر على مجمل مناطق جنوب دمشق.

هذا الوضع دفع قوات النظام التي تدرك أهمية هذه المنطقة الفاصلة بين محافظتي دمشق ودرعا، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 إلى شنّ حملة واسعة لاستعادة السيطرة عليها. وتمكنت بالتعاون مع حزب الله اللبناني ومليشيات عراقية من السيطرة على السبينة في الشهر نفسه. وهي المنطقة التي كانت تشكل خط إمداد لمقاتلي المعارضة جنوب دمشق.

منذ ذلك الوقت، تمنع قوات النظام سكان المنطقة، بمن فيهم سكان المخيم، من العودة إليها، وسط اتهامات للنظام بأنّه يجري عملية تغيير ديمغرافي في منطقة جنوب دمشق، تهدف إلى إحلال مجموعات سكانية طائفية بدلاً من سكان تلك المناطق التي تسيطر عليها بالفعل مليشيات عراقية مختلفة، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني، بدعوى حماية المراقد الدينية في منطقة السيدة زينب المجاورة.

وبحسب شهادات ناشطين تمكنوا من دخول مخيم السبينة، فإنّ أكثر من 80 في المائة من المنازل مدمرة، تحديداً المنطقة الممتدة من جامع معاذ بن جبل حتى فرن المخيم، المعروف بفرن الأكراد، وهو الذي يشكل المدخل الغربي للمخيم. يشير هؤلاء إلى أنّ بقية المنطقة حتى مدارس "الأونروا" في آخر حدود المخيم من جهة الشرق تحتاج إلى ترميم. ونقلت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" عن هؤلاء الناشطين قولهم، إنّ البيوت المحسوبة على المعارضة التي لم تدمَّر أُحرقت.

نزح سكان المخيم إلى البلدات والمخيمات المجاورة، ليدخلوا في معاناة جديدة تشمل كلّ حياتهم التي تحولت إلى مأساة بسبب البطالة وضعف الموارد المالية. كما غادر الكثير من أبناء مخيم السبينة البلاد. وبحسب تقديرات "الأونروا" فإنّ نسبة اللاجئين من مخيم السبينة إلى لبنان بلغت 21 في المائة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا إليه، ويقدّر عددهم بنحو 50 ألفاً. وتوجه آخرون عبر قوارب الموت إلى أوروبا.

منذ إصدار النظام قراراً يقضي بإعادة تأهيل البنية التحتية في السبينة، العام الماضي، تمهيداً لعودة الأهالي، يعيش أبناء المخيم حالة ترقب وانتظار. كذلك، ذكر أنّ وكالة "الأونروا" أبدت استعدادها لتشكيل لجنة من جميع الاختصاصات وبالتعاون مع الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، من أجل الذهاب إلى السبينة لدراسة وتقييم المنشآت، مثل المدارس والمراكز الصحية التابعة للوكالة، تمهيداً لتأهيل هذه المنشآت وتقديم المساعدات اللازمة من أجل عودة الأهالي.

يشار إلى أنّ عدد القتلى من أبناء مخيم السبينة منذ بدء الثورة، وصل إلى 66 شخصاً، كما اعتقل 26 شخصاً من أبناء المخيم ما زال الأمن السوري متكتماً حول مصيرهم.

المساهمون