أنقرة تنأى بالنفس عن الهجوم الأميركي على "داعش" بالعراق

10 اغسطس 2014
تردُّد في الموقف التركي من "داعش" (آدم التن/فرانس برس/Getty9
+ الخط -

أكّد وزير الدفاع التركي، عصمت يلماز، مساء أمس السبت، أنّ تركيا لم تقدّم أي دعم للضربات، التي وجّهتها الولايات المتحدة الأميركية، إلى مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في شمال العراق، قائلاً "إن الولايات المتحدة تستخدم مصادرها الخاصة لضرب تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تراه تهديداً لمصالحها"، وذلك في تصريح صحافي في ولاية سيواس، شرقي تركيا.

تأتي هذه التصريحات بعد قيام الولايات المتحدة بتوجيه دفعتين من الضربات الجوية إلى مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية"، بالقرب من أربيل، عاصمة إقليم كردستان العرق، بعدما فشلت قوات الإقليم في وقف تقدّم "داعش".

وأضاف يلماز، مذكّراً بالمواطنين الأتراك الـ49، الذين لا يزال تنظيم "الدولة الإسلامية" يحتجزهم بعد اقتحامه مقرّ القنصلية التركية في الموصل، "لذلك وبسبب مسؤوليتنا تجاه هؤلاء المواطنين، فليس مناسباً لنا التحرّك بشكل مختلف عما نقوم به الآن. ومن يقول العكس فهو لا يكترث لمصير هؤلاء المواطنين"، في إشارة إلى تصريحات زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدرا أوغلو، الذي أكّد وجوب تحرّك الدولة التركية ضدّ الإرهاب في إشارة إلى "داعش"، مندّداً بعدم تحرّك الحكومة، ومجدّداً اتهاماته السابقة للحكومة بأنّها من منح التنظيم سلاحه ودعمه، الأمر الذي نفته الحكومة مراراً.

ولا يزال 49 مواطناً تركياً محتجَزين، منذ 11 يونيو/حزيران الماضي، لدى "داعش" أثناء اجتياحه الموصل، ومن بينهم موظفو القنصلية وعائلاتهم، وذلك بعد إطلاقه سراح 32 سائق شاحنة تركية الشهر الماضي.

وتبدو تركيا مرتبكة إزاء التعامل مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يحاول التمدد في اتجاه المناطق الكردية، في كل من سورية والعراق، مقترباً من الحدود التركية. كما يظهر أنّ رئيس الوزراء، رجب طيب اردوجان، يتردّد في إطلاق لقب التنظيم الإرهابي على "الدولة الإسلامية"، بل وكان المرشح الرئاسي الوحيد الذي تجنّب ذكر "داعش"، حتى في إطار الحديث عن برنامجه للسياسة الخارجية، وذلك خوفاً على حياة المواطنين الأتراك المحتجزين لدى "داعش" في الموصل.

بدوره، رفض وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوجلو، في مقابلة على قناة "إن تي في" الإخبارية التركية، وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أن يشير إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" على أنه مجموعة إرهابية، بل عرّفه على أنّه "منظمة راديكالية ذات بنية إرهابية".

وتؤثر كثير من العوامل على الموقف التركي تجاه "داعش"، وإن كانت قضية المحتجَزين الأتراك لدى التنظيم على رأس القائمة، فالموقف من الثورة السورية والحركة المسلّحة ضدّ رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته، نوري المالكي، لهما دور أساسي مهم، إذ إن الإقرار بـ"داعش" كتنظيم إرهابي يقود الحركة "السنّية" العراقية، التي تدعمها الحكومة التركية، ويسيطر على مناطق واسعة من تلك الخارجة عن سيطرة النظام السوري، الذي تعاديه أنقرة، يعني إدانة مسبقة لسياسات الحكومة التركية خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

إضافة إلى ذلك، فإن من بين أهم أسباب الموقف التركي السلبي تجاه "داعش"، وبحسب مراقبين، أن الأخير وإن كان عدواً محتملاً وخاملاً حتى الآن، غير أنه يقوم بشكل أساسي في العراق بمحاربة أعداء أنقرة الممثلين في حكومة المالكي، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد وإيران. وعندما توجّه التنظيم نحو حليف أنقرة، أي إقليم كردستان العراق، كانت الضربة الأميركية للتنظيم بعد التشاور مع أنقرة فقط لوقف تقدّم "داعش" في أراضي الإقليم، مع الحفاظ على الوضع الحالي الذي يتورط فيه "العدو الإرهابي الأول بالنسبة إلى أنقرة"، حزب "العمال الكردستاني"، وجناحه السوري حزب "الاتحاد الديمقراطي"، بالقتال ضد "داعش"، مما يحقق مصلحة تركيا باستنزاف أعدائها الحاليين والمحتملين.

تجدر الإشارة إلى أن "داعش" هدّد بشنّ سلسلة من العمليات الانتحارية، تستهدف أنقرة وإسطنبول، في حال لم يتم فتح معبر باب الهوى وباب السلامة الحدوديين، بعد أن أغلقتهما الحكومة التركية إثر سيطرة التنظيم على مدينة أعزاز في حلب.

المساهمون