أميركا والسعودية.. طال الود!

02 يوليو 2014
+ الخط -


لم يعد خافياً على كل مهتم بالأوضاع العربية الخلاف بين المصالح السعودية وموقف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وجهاز إدارته الخارجية، فقد وصل الأمر إلى حد وصف الباحث الاستراتيجي السعودي، الدكتور علي التواتي، وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، بالمنافق الذي يتحدث بلسان مداهن، حين يلتقي السعوديين، وبلسان آخر حين يلتقي غيرهم، وذلك في حلقة برنامج بانوراما، التي بُثت في السابع والعشرين من يونيو/حزيران على قناة العربية.

فضلاً عن إشارات أخرى، بدا واضحاً أن المسؤولين السعوديين ضاقوا ذرعاً بتجاهل مصالحهم، وربما بالتساهل في التآمر عليها، بذريعة إنجاز الاتفاق النووي مع سلطة الملالي الإيرانية، وبحجة الاعتراف بالأمر الواقع، ممثلاً في الدور الذي مارسته، ولا تزال، وهو: بث الاضطراب والفوضى والمآسي في منطقة تحتاج إلى الاستقرار، الأمر الذي استدعى وفق المنظور الأميركي تفاهماً إيرانياً – أميركياً، وبدلاً من مواجهة الأطماع الإيرانية بحزم، بحسب وجهة النظر السعودية، لا سيما من منطلق موقع أميركا الدولي، عملت سياستها على مداراة تلك الأطماع ومناورتها، ولو على حساب مصالح حلفائها التاريخيين من دول الخليج، وعلى رأسهم السعودية، التي تشعر بخطر غير مسبوق، وملموس، إذ تحاول إيران إحاطتها بمشكلات تستنزف إمكانية تنميتها وتطويرها، وتهدد نسيجها الاجتماعي، كما هو جار ٍ في البحرين واليمن.

واضح أن المملكة العربية السعودية، لم تكن، في يومٍ ما، تحسب حساب الاختلاف مع المصالح الأميركية، إذ كانت منذ تأسيسها تعتمد على نصائح المستشارين الأميركيين، كما يقال، وخصوصاً في الأمور المهمة، كالجيش، والأجهزة الأمنية، وهندسة العمالة الأجنبية، وكانت مطمئنة إلى تحالفها الوثيق معها.

لكنَ السنوات العشر الأخيرة أظهرت إشارات مختلفة، وبتوجيه مباشر من العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، كان الاهتمام بالوضع الداخلي من أهم أولوياته، كمسألة معالجة الإرهاب، الذي كان للولايات المتحدة اليد الطولى في تشجيع المملكة على زرع بذوره الجهادية الأولى، زمن الغزو السوفييتي أفغانستان، في حين تحوَل الأمر، منذ بضع سنين، إلى حالة ابتزاز سياسي، إضافة إلى قضايا الديموقراطية التي أغفلها الأميركيون دوماً، وليس انتهاءً بالأوضاع القانونية للمرأة السعودية.

أخيراً، لمس الحس السياسي السعودي النفاق الأميركي، عندما علت أصوات الابتزاز تلك، وحاول الرد عليها بنوع من السياسة الإصلاحية، عبر تنفيذ خطوات جريئة ومتقدمة على ما تسمح به أوضاع المجتمع السعودي، على الرغم من أنها خطوات غير كافية لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية، كما تتطلب دولة حداثية.

من البديهي، اليوم، أن لا مفر من بذل جهود حثيثة في السير على طريق بناء تحالفات الكتلة العربية وتعزيزها، وذلك ما زال يحتاج إلى تضافر قيادة تستوعب المصالح العليا لشعوب هذه الكتلة، في مواجهة تهديد الأخطار الإقليمية، التي تحاول تهديم مستقبلها، وأخطرها التي تحاول إغراقه بسلطان ولي الفقيه، واستبداده بدنيا الناس والمواطنة!

لقد وصل السياسيون السعوديون إلى ما كان يُفترض أن يصلوا إليه منذ القرن الماضي، لكنَ القول المعروف، أن تصل، متأخراً، خيرٌ من ألا تصل أبداً، يتطابق تماماً مع الحالة السعودية.

avata
avata
حذام زهور عدي (سورية)
حذام زهور عدي (سورية)