أميركا للمطبّعين العرب: التفوق العسكري الإسرائيلي حتمي

أميركا للمطبّعين العرب: التفوق العسكري الإسرائيلي حتمي

25 اغسطس 2020
نتنياهو وبومبيو بعد لقائهما في القدس المحتلة أمس (فرانس برس)
+ الخط -

لم يخرج وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن نهج طمأنة إسرائيل بشأن الالتزام الأميركي بتفوقها العسكري، وذلك خلال جولته الشرق أوسطية التي بدأها من إسرائيل أمس الاثنين، والتي يخصص الجزء الرئيسي منها للترويج لمزيد من التطبيع بين دول عربية والاحتلال، بعد إشهار التحالف الإماراتي الإسرائيلي أخيراً. فقد أكّد الوزير الأميركي أنّ بلاده ستضمن احتفاظ إسرائيل بالتفوق العسكري في منطقة الشرق الأوسط. ويعدّ ذلك بمثابة رسالة واضحة للمطبعين الجدد أو الذين يبدو أنهم يفكرون بذلك، بأنّ التفوق دائماً سيكون لمصلحة الاحتلال، وهو ما أثبتته الولايات المتحدة على مرّ السنين.
وقال بومبيو أمس الاثنين إنّ الولايات المتحدة ستضمن احتفاظ إسرائيل بالتفوق العسكري في منطقة الشرق الأوسط بموجب أي صفقات سلاح أميركية مع الإمارات في المستقبل. وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، أن "تسليح وتعزيز قوة الدول الحليفة في الخليج لن يمس بالالتزام الأميركي بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري". وتابع "لدينا علاقات عسكرية مع الإمارات، ونزودها بالسلاح، وسنواصل فحص هذه العملية لتزويدهم بالسلاح اللازم لهم للدفاع عن شعبهم من الخطر الإيراني... نحن ملتزمون بذلك، وسنقوم به بما يمكن تحقيق التزامنا للحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".

بومبيو يأمل في أن تقيم دول عربية أخرى علاقات مع إسرائيل

وقال نتنياهو إنّ بومبيو طمأنه بشأن ضمان تفوق إسرائيل، معلناً مجدداً أنّ تل أبيب تعارض بيع أسلحة متطورة لدول في المنطقة، بما في ذلك تسليح الإمارات بمقاتلات "أف 35". وجاء ذلك بعد أن امتدح نتنياهو اتفاق إشهار التحالف بين إسرائيل والإمارات، الذي اعتبره "عملية تاريخية تمت بفضل ورعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب". ورأى أنّ "هذا التحالف هو بين المعتدلين في مواجهة المتطرفين"، وأنّ التوافق بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة "طبيعي". وأضاف "أعتقد أن ذلك ينبئ بحقبة جديدة إذ يمكن أن تقوم دول أخرى بالخطوة ذاتها، وآمل أن يكون لدينا أخبار سارة في المستقبل القريب". وأثنى نتنياهو، خلال المؤتمر الصحافي على إدارة ترامب، بفعل مواقفها ودعمها أمن إسرائيل، ومواجهتها إيران والانسحاب من الاتفاق النووي معها، معتبراً أنّ ما حدث أكد تحذيراته من مساوئ الاتفاق، وأنه لن يحقق الغايات المرجوة منه، بل "زاد نشاط طهران العدائي وأطماعها في المنطقة".
من جهته، قال الوزير الأميركي إنه بحث مع نتنياهو الملف الإيراني، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي أوضح أن "إيران لن تحصل على قوة نووية". وانتقد بومبيو ونتنياهو عدم وجود دعم دولي لمطلب الولايات المتحدة الخاص بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران.
وعلى إثر التطبيع الإماراتي مع الاحتلال، عبّر بومبيو عن أمله في أن تقيم دول عربية أخرى علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقال: "آمل أن نرى دولاً عربية أخرى تنضم إلى هذا. ففرصة عملهم جنباً إلى جنب، والاعتراف بدولة إسرائيل لن يؤدي فقط إلى زيادة الاستقرار في الشرق الأوسط، بل ستتحسن حياة شعوب بلدانهم أيضاً".

سيبحث بومبيو في الخرطوم "تعميق" العلاقات الإسرائيلية السودانية

ويحط بومبيو اليوم الثلاثاء في الإمارات والسودان، حيث سيبحث في الخرطوم "تعميق" العلاقات الإسرائيلية السودانية و"المرحلة الانتقالية" في هذا البلد. وقالت الخارجية الأميركية إن بومبيو سيلتقي رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك "للتعبير عن دعمه تعميق العلاقات السودانية الإسرائيلية".
وستكون زيارة بومبيو إلى الخرطوم، هي الأولى لمسؤول أميركي بهذا المستوى، منذ سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي فرضت عليه واشنطن جملة من العقوبات. وكانت كوندليزا رايس آخر شخصية بمنصب وزير خارجية تزور السودان تحديداً في العام 2005 عندما زارت إقليم دارفور. وتبدو أهداف زيارة بومبيو للسودان واضحة، وفي مقدمتها تشجيع الخرطوم على المضي قدماً في طريق التطبيع مع تل أبيب وإكمال ما بدأه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونتنياهو خلال اللقاء الذي جمعهما في فبراير/شباط الماضي في أوغندا، مع تقديم المزيد من الحوافز التي تمكّن الاقتصاد السوداني من تلافي الانهيار الوشيك. هدف ثانٍ لا يمكن للدبلوماسي الأميركي تجاوزه خلال زيارته، وهو تأكيد الدعم للحكومة المدنية التي تواجه ظروفاً سياسية واقتصادية صعبة.
وفي موازاة الضغط الأميركي لتوقيع مزيد من اتفاقات التطبيع، حذر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، من هذا المسار. وقال في مقابلة مع وكالة رويترز: "حشد العرب للاعتراف بإسرائيل وفتح السفارات لا يجعل من إسرائيل فائزاً". وأضاف "أنتم تضعون المنطقة برمتها في وضع الكل فيه خاسر لأنكم تمهدون الطريق لصراع أبدي في المنطقة".

كما أكد عريقات خلال المؤتمر السنوي التاسع للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، أمس، أن "ما قامت به الإمارات من اتفاق تطبيعي مع إسرائيل في هذا التوقيت، وضع الفلسطينيين في مرحلة جديدة، تخالف استراتيجيتنا التي ارتكزت على إقامة سلام ينهي الاحتلال على الأرض المحتلة عام 1967، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير، وحل قضية اللاجئين".
وقال عريقات إنّ "الرئيس محمود عباس أكد بما لا يدع مجالاً للشك عدم القبول بصفقة القرن"، مؤكداً أن "السلطة الفلسطينية نجحت بصمودها في وقف مخطط الضم الإسرائيلي، حتى جاء الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ليشكل ضربة قوية يقف خلفها مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر". وأشار إلى أنّ "السلطة الفلسطينية تتعرض لمشروع تدمير"، وأن "اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي جزء من ذلك المشروع التدميري الهادف إلى إيجاد بدائل لها".
وقال عريقات: "نحن من نقرر مستقبلنا وليس الإمارات أو غيرها، ولن تجدي معنا عملية تصدير الخوف، ولن تكون القدس قرباناً للسياسة في المنطقة". وأكد عريقات أن السلطة الفلسطينية تجري اتصالات مع كل الدول العربية لمنع أي دولة من القيام بما قامت به الإمارات.

راب يزور فلسطين والأراضي المحتلة للضغط لاستئناف الحوار

وفي ظلّ هذه التطورات، يصل وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب هو الآخر إلى القدس المحتلة هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، في مسعى "للدفع باتجاه تجديد الحوار" والدفع بحل الدولتين.
وأعلنت القنصلية البريطانية أمس الاثنين، أنّ راب سيعقد خلال زيارته الرسمية إلى فلسطين والأراضي المحتلة اجتماعات مع القيادات الفلسطينية والإسرائيلية، بما في ذلك الرئيس محمود عباس ونتنياهو. ووفق بيان للقنصلية، سيؤكد دومينيك راب "التزام المملكة المتحدة القوي والدائم بأمن إسرائيل، ويشدد على ضرورة الوصول إلى حل للدولتين متفاوض عليه لتحقيق العدل والأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين". كما سيشدد على "ضرورة استئناف الحوار الفلسطيني-الإسرائيلي، والتعاون الأوسع حول التنمية، والتجارة، ومكافحة فيروس كورونا".
وقالت القنصلية: "تأتي الزيارة في هذا الأسبوع، بعد القرار التاريخي بتطبيع العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية، وتعليق خطط إسرائيل لضم أراضٍ فلسطينية". وتابعت: "على ضوء قرار التطبيع هذا، وتعليق خطط ضم الضفة الغربية، يذهب وزير الخارجية دومينيك راب في زيارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل في الأسبوع الحالي للضغط تجاه تجديد الحوار بين حكومتيهما، وتأكيد التزام المملكة المتحدة بمنع ضم الأراضي الفلسطينية، والسعي تجاه حل للدولتين متفاوض عليه".
وأردفت، "كما سيستغل الزيارة إلى إسرائيل لتأكيد التزام المملكة المتحدة بأمن إسرائيل وبالعلاقات القوية المستمرة بين البلدين".
وكان راب قال في تصريحات له قبيل الزيارة المرتقبة: "تظل المملكة المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل واستقرارها، وتطبيع العلاقات أخيراً بين إسرائيل والإمارات كان حدثاً هاماً بالنسبة للمنطقة". وتابع: "إن تعليق إسرائيل لقرار ضم أراضٍ فلسطينية يعتبر خطوة هامة تجاه تحقيق سلام أكبر في الشرق الأوسط، ومن الضروري البناء على هذا التغيير الجديد، وفي نهاية المطاف فإن الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية هما وحدهما من يمكنهما التفاوض على حل الدولتين الكفيل بإحلال سلام دائم".
إلى ذلك وتماشياً مع إشهار التحالف بين أبو ظبي وتل أبيب، بحث وزير الصحة الإماراتي عبد الرحمن العويس أمس الاثنين، هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي يولي أدلشتاين التعاون بين الجانبين في المجال الطبي وفي مكافحة فيروس كورونا، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الإمارات. وقالت الوكالة إنهما بحثا "مشاريع مستقبلية للشراكة العلمية والطبية خاصة في مجال التجارب الخاصة بإيجاد لقاح أو دواء للفيروس إضافة إلى تبادل الزيارات بين الوفود".