أمية جحا... الكاريكاتير كأداةٍ لرصد نبض الشارع

أمية جحا (عبد الحكيم أبو رياش)
06 يوليو 2020
+ الخط -

تنشغل فنانة الكاريكاتير الفلسطينية، أمية جحا، بترتيب أوراقها تجهيزًا لرسم كاريكاتيري تجسد من خلاله تفاصيل الواقع الذي يمر به الفلسطينيون. ويضم الرسم سياجًا وعلمًا إسرائيليًا، يواجههما فتى فلسطيني متشح بالكوفية السوداء.
وتحاول رسامة وفنانة الكاريكاتير تصوير مختلف آمال وتطلعات وآلام الشعب الفلسطيني، من خلال فن الكاريكاتير واسع الانتشار، والذي يعتبر الأكثر شعبية والأقرب لنبض الشارع، حيث تتخذ ذلك الفن وسيلة لها في عكس تفاصيل الحياة اليومية.
واختارت جحا فن الكاريكاتير تحديدًا بفعل تأثرها بفنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، وأسلوب العمق في الرسم والكتابة، ورغبتها الشديدة في الحديث عن كل المستجدات، إذْ بدأت بتقليد خطوطه في الرسم، إلى أن اقتربت من التخرُّج من الجامعة، فبدأت بمنحنى جديد في الرسم، يحمل فكرًا مختلفًا، وأسلوبًا خاصًا في التعبير.
وولدت الفنانة أميّة جحا، خريجة قسم الرياضيات عام 1995 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، في مدينة غزة في الثاني من فبراير/ شباط، عام 1972، وقد حصلت على جائزة الصحافة العربية في دبي عام 2001، والجائزة الأولى في مسابقة ناجي العلي في تركيا، وعدد من الجوائز الدولية.
وبدأت أمية مسيرتها مع الرسم الكاريكاتيري بالتعليق على المدرسين، وانتقاد بعض المواقف، كذلك الحديث عن المشاكل الطلابية، إذ تعتبر أن جمهورها الأول هو جمهور الجامعة، إلى أن اتجهت في ما بعد للحديث عن المواضيع الجوهرية، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي وممارساته المتواصلة بحق الفلسطينيين، الاستيطان، الأسرى الفلسطينيون، الاجتياحات، الشهداء، العمليات العسكرية الإسرائيلية، الانتفاضة، الانتخابات. وقد كان الدم بارزًا بشكل كبير في معظم لوحاتها، تعبيرًا عن المعاناة المتواصلة للشعب الفلسطيني
واتجهت جحا، التي عملت في القطاع التعليمي لمدة ثلاث سنوات، لنشر رسوماتها في صحيفة "الرسالة" المحلية، عام 1996، والتي واكبت فترة الانتخابات الفلسطينية، وقد صاحبت دخولها ذلك المجال ضجة واسعة، لكونها امرأة فلسطينية تمتهن ذلك الفن، إذ كان السائد والمعروف والمتعارف عليه أن رسم الكاريكاتير حكر على الرجال، حيث يتطلب جرأة كبيرة.


وتوضح الفنانة أمية جحا، في حديث مع "العربي الجديد"، أنها لم تتوقع في بداية مشوارها امتهان فن الكاريكاتير، والذي اتجهت إليه بعد صدمة تعرضت لها، حين وُعدت بأن تحصل على وظيفة معيدة في الجامعة بعد حصولها على الترتيب الأول.
وتقول جحا إنها اضطرت عام 1999، للاختيار بين عملها في التعليم، وعملها في الرسم، إذ يتطلب الأخير تفرغًا ومتابعة دائمة، مضيفة: "اخترت عالم الكاريكاتير، وواصلت العمل مع صحيفة (القدس) المحلية حتى عام 2002، ومن ثم انتقلت إلى صحيفة (الحياة الجديدة)، ونلت مساحة كبيرة من الحرية فيها، دون أي رقابة أو قيود على الرسم، حتى لو قمت بانتقاد الجهات الرسمية".
واتسعت دائرة عمل الفنانة جحا في ما بعد، حيث بدأت بالرسم لعدد من الصحف العربية والدولية، وكانت آخرها صحيفة "القدس العربي"، وقد حاولت أن يكون لها خط معين في الرسم، توصل من خلاله رؤيتها وتعكس رأيها في مختلف الأمور.
وتحدثت الفنانة جحا، التي شاركت في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية، عن تغير الأدوات في الرسم الكاريكاتيري والتي بدأت بالخط الأسود، الحبر، والظلال فقط، ومن ثم الاتجاه لمرحلة الصحيفة، والتي يتطلب العمل فيها وجود الألوان، ما زاد من التحدي المفروض مع استخدام الألوان المائية والخشبية، إذ يتم رسم اللوحة بالقلم الرصاص، وتخطيطها بالحبر ومن ثم إضافة الألوان.
وقفز رسم الكاريكاتير إلى حقبة مختلفة مع ظهور عالم الكمبيوتر، والذي أحدث طفرة جديدة، تمثلت في برنامج الرسام، وإضافة الألوان إلى اللوحة، بعد رسمها وسحبها عبر "السكنر"، إلى أن تطورت الأدوات، ووصلت إلى جهاز الـ"واكوم"، الخاص بالرسم الكاريكاتيري، والذي يتيح للفنان سهولة أكبر في التحكم، إلا أنه يحتاج إلى دراية وخبرة في الرسم، وفق تعبير جحا.

نجوم وفن
التحديثات الحية

واختارت الفنانة جحا "مفتاح العودة" منذ عام 2002 لتوقيعها الدائم على مختلف لوحاتها الفنية، في محاولة للتأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها قسرًا على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948، وعنه تقول: "أصررت على إرفاق المفتاح في توقيعي، بعد مقال كتبه صحافي إسرائيلي مشهور، هاجمني فيه بسبب رسوماتي التي تتحدث عن حق العودة، وقام بتجديد نشر المقال في مطلع شهر يونيو/ حزيران الماضي".
وتبتعد فنانة الكاريكاتير عن الرسوم الجدلية، التي يمكنها خلق حالة من المناكفات السياسية، وقد واجهت عدة صعوبات في مسيرتها، بدأت بالانقسام الفلسطيني، والذي تضاعفت بسببه رقابتها الذاتية على أعمالها، خاصة في ظل وجود حساسية من بعض الألوان، والتي يمكن أن يفهمها البعض بأنها ترمز لطرف معين، إلى جانب عدم تمكنها من تلبية العديد من الدعوات العربية والدولية بسبب إغلاق المعبر من الجانب الإسرائيلي، ووصولاً إلى إغلاق صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من مرة.

المساهمون