أموال الحريري

أموال الحريري

22 فبراير 2015
من أقوال الحريري: "إننا تشتري الأمن والاستقرار بالمال" (الأناضول)
+ الخط -
ولد سجال حول الأموال التي كان يدفعها رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، للمسؤولين السوريين في فترة وصايتهم وحكمهم واحتلالهم للبنان. في شهادات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري، بات مدوّناً أنّ الأخير دفع ما قيمته 10 ملايين دولار لرئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان رستم غزالي بين أعوام 1993 و2005. صوّب غزالي، من خلال وسائل إعلامية سورية ولبنانية محسوبة على النظام السوري، أنّ المبلغ الشهري الذي كان يتقاضاه من الحريري هو 300 ألف دولار شهرياً، يتم توزيعه على المعارضين اللبنانيين لإسكاتهم مقابل ممارسات رئيس الحكومة.

في العاشر من فبراير/شباط قدم كاتم أسرار رفيق الحريري، عبد اللطيف الشماع، شهادته في المحكمة، وردّ الغزالي على الموضوع في 14 الجاري، أي يوم الذكرى العاشرة لاغتيال الحريري. يريد الحاكم السابق للبنان أن يدين الحريري في هذه المناسبة، فيفضح أمواله لشراء الضمائر والصمت السياسي عن ما كان يرتكبه، من دون أن يلحظ أنّ فضيحته هذه تمسه أولاً، ونظامه ثانياً وحلفاءه اللبنانيين ثالثاً. يعني ذلك أنّ غزالي كان يقود الحملات الشهرية للتبرعات السياسية للمعارضين اللبنانيين المرتشين والصامتين عن الأخطاء مقابل آلاف الدولارات، وأنّ نظامه كان الراعي الرسمي لهذه الحفلات وللحفلة الأخرى التي كان يقودها الحريري في السياسة والاقتصاد على حساب اللبنانيين.

كل ما قاله الشماع وغزالي ليس إلا توثيقاً بالأرقام لحقيقة يعرفها اللبنانيون واعتادوا التعايش معها. حتى أنّ الحريري، الذي اغتالته أطنان المتفجرات في بيروت، قال علناً خلال حملته الانتخابية عام 2000 "إننا تشتري الأمن والاستقرار بالمال". لم يكن يجد مانعاً في ذلك طالما أنّ مشروعه الاقتصادي قائم وطريقه سالكة. كان الحريري يدير هذا المشروع بسلبياته الكثيرة على المستويين الرسمي والشعبي، وإيجابياته القليلة في الشكل. أما خصوم الحريري، في سورية ولبنان، فيسهّلون عليه الأمور ويقبضون الأموال ويعارضونه في الظاهر من خلال "ممانعة" داخلية شبيهة بـ"ممانعتهم" الدولية. لم يكن رفيق الحريري ملاكاً كاملاً ولا شيطاناً كاملاً، هو اعترف بذلك في يوم مضى. أما خصومه، فيركبون أجنحة الملائكة بينما أذيال الشياطين تتدنى من خلفهم.

دلالات