Skip to main content
أمنيات فخامته

مدونة عامة

باسل طلوزي
على الرغم من أن الزعيم لم يكن معنيّاً بفحوى أخبار صحف بلاده اليومية، لكنه كان حريصاً أن يسمعها كل صباح من حنجرة سكرتيره المهترئة، من ألفها إلى يائها، لا لشيء سوى ليعرف أخباره هو لكونه يجهل "أفضاله" و"إنجازاته".

وكان على السكرتير المسكين أن يقرأ كل صباح: "بإيعاز من فخامته، تم تعبيد شارع فرعي في كفر مركوب".. "انسجاماً مع رؤى فخامته، تم تدشين باب خشبي للمرحاض العمومي الوحيد في قلب العاصمة".. "تلبية لتطلعات فخامته، تم الانتهاء من بناء السجن رقم ألف وأربعمئة في مدينة الأشباح".. "استناداً إلى توجيهات فخامته.. تم وضع المخطط المليون لبناء أول مستشفى في الوطن، بعد إجراء تعديلات جوهرية عليه بإلغاء غرف المرضى منه، والاقتصار على طبيب عام واحد لمعالجة جميع الأمراض"... "بأمر من فخامته، اجتمع مجلس الوزراء للنظر في إمكانية زيادة الرواتب بمقدار فلس واحد، فيما أقرّ فرض ضريبة على كمية الهواء التي يستنشقها كل مواطن منذ لحظة ولادته حتى تاريخ وفاته".

وأحياناً، كان الزعيم يكتفي بسماع كلمة "فخامته"، ثم يأمر السكرتير بالانتقال إلى الخبر التالي. لكن في صبيحة أحد الأيام، هاج الزعيم وماج، عندما سمع سكرتيره يقرأ: "انتحر مواطن يدعى فرج أمس..".

وعلى الفور، أمر بإجراء تحقيق فوري لا لمعرفة سبب الوفاة، بل لمعرفة من تجرأ ولم يكتب قبل الخبر: "انسجاماً مع أمنيات فخامته".

مدونات أخرى