أمة الوسط في قمة التطرف

أمة الوسط في قمة التطرف

09 يوليو 2015
+ الخط -

في ظل تطرف فكري تعيشه الأمة الإسلامية، نجد علي النقيض من ذلك تطرفاً في سوء الأخلاق، وكأننا لسنا الأمة الوسط. تاهت معالمنا ما بين الإرهاب والتطرف، ومابين الخلاعة والمجون وتوافه الأمور على شاشات الفضائيات، وأصبحت وكأنها بيوت للدعارة الأخلاقية. مليارات تنفق من أجل برامج وممسلسلات رمضانية في مجملها توصف بالتافهة. هل عالجت قضية، أو كانت تدعو للإصلاح، أم أنها أكملت مسيرة الهدم والتشويه؟

هنا، تذكرت كلمات الدكتور مصطفى محمود، حين ذكر أن والدته كانت تدير وجه التلفاز للحائط في شهر رمضان، وكان يعتبر ذلك في نفسه تطرفاً من والدته، حيث أنها تمنع عنه مشاهدة الفوازير والبرامج المسلية، إﻻ أنه تغيرت وجهة نظره، عندما علم أن في بعض دول الغرب، يتم وضع قفل علي المكان الخاص بالخمر، يوم ميلاد المسيح عليه السلام. بلاد الغرب والحرية تحترم يوم ميلاد المسيح وﻻ تقدم فيه خمراً. إذن، ليس من التطرف في شيء احترام المناسبات والمقدسات الدينية، ونحن عندنا  شهر رمضان في بلاد الإسلام، شهر العبادة أصبح شهر الإفساد الأخلاقي والجسدي ما بين الإفراط في المسلسلات الخليعة جسديا بالعري، وأخلاقياً بكلمات أشبه بكلمات بنات الليل وشتائم وبرامج بلا أخلاق. لنصبح في قمة الخجل، عندما نطالع الشاشة في وجود الأسرة أو الضيوف.

تطرفنا في كل شيء، ولم نترك لأمة الوسط سوى التشدق بكلمات دينية، وفتاوي في أمورٍ الفتوى فيها واضحة، بل هي نوع من أنواع الإثارة الجنسية على برامج التوك شو. واقعنا أليم ومرير وجوهرنا في حاجة إلى العودة إلى الله. ولكن، من دون التشدق بالكلمات، بل باﻻتزان في الأفعال. ﻻ نريد من يصلح بالأقوال، وأفعاله تحزن. ولكن، نريد من يصلح وأفعاله تشهد عليه. كلنا في حاجة إلى مراجعة النفس، ونعلم أن الأمة الإسلامية في وقت في حاجة فيه ليؤدي الجميع فيه دوره في الحفاظ علي الدين ووسطيته.

الأسرة عليها دور، والمدرسة والإعلام إن كان يدرك دوره، والذي تحول إلى عامل من عوامل اﻻستثمار في أخلاق المجتمع من أجل المال ...والإعلانات، ونسبة المشاهدة، حتى إذا كان ذلك سيتسبب في النخر في عظام وعقول الأمة، لتصبح أمة خاوية هشة سهل سحقها وتدميرها. وهذا ليس من قبيل المصادفة، بل معد سلفاً. ليتم تفريغ الأمة من جوهر الإسلام، لتعيش أمة خاوية، متطرفة او متزندقة.

أخطر  الهدم ليس الذي بالصواريخ والمدافع، بل الهدم الفكري. ولكن، هيهات لهؤﻻء أن ينتصروا، لأن الإسلام بتعاليمه انتشر من الأرض شرقا وغربا وشماﻻ وجنوباً، وأصبح ما يقرب من المليار و300 ألف مسلم تحت راية واحدة، راية ﻻ إله إﻻ الله. هذا الحضور تعرض للحصار والغزو والتحدي بكل الأشكال، إﻻ أنه ظل الإسلام، وبقي وما دونه انهزم وانكشف. سقطت الماركسية واختفت الشيوعية، وبقي الإسلام الإسلام هو من جعل البقاء للغة العربية والأمة، هو من حمى العرب من قتل أنفسهم، بعد أن كانوا قبائل يقتل بعضهم البعض. الإسلام هو من حافظ على اللغة العربية، وجعل لها كياناً بين لغات العالم. الإسلام حياة، وليس تخلفاً. الإسلام تعايش وليس استعلاء وأصولية. الإسلام تسامح، وليس غلاً وحقداً. أيها البلهاء، ﻻ تسلبوا الإسلام من أتباعه. تريدوننا ﻻ نسأل عن حلال وﻻ حرام، إﻻ ما تريدون أنتم ، تريدون عزل الأمة الإسلامية عن دينها وإخراجها من الساحة، وإبطال دورها، والأدوات، هذه المرة، تكمن في السينما والمسرح والملهى بأدواتهم الهابطة، وتجارتهم الرخيصة، وليس بأدوارهم وفنهم النبيل. السينما والمسرح والفن ليس للهدم بل للبناء، والأخذ بيد الجميع، وإصلاح ما في المجتمع من عطب، ودعوة للحياة.

 

66021855-44C5-450C-9F01-F47A1D5BB2BA
66021855-44C5-450C-9F01-F47A1D5BB2BA
عبد الرحيم ثابت المازني (مصر)
عبد الرحيم ثابت المازني (مصر)