ألف يوم على الأزمة الخليجية... تآكل الحصار على قطر

ألف يوم على الأزمة الخليجية... تآكل الحصار على قطر

29 فبراير 2020
ترفض قطر التنازل عن سيادتها (العربي الجديد)
+ الخط -
تجاوزت الأزمة الخليجية، مع نهاية شهر فبراير/ شباط الجاري، ألف يوم، منذ اندلاعها في الخامس من يونيو/ حزيران 2017.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر، تفرض حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً على قطر، وتمنع تنقل مواطنيها، وتمنع السلطات السعودية مواطني قطر من أداء فريضة الحج والعمرة، بدأت ملامح تآكل الحصار تتضح اجتماعياً، ودلل على ذلك فرحة الشعوب الخليجية في كأس الخليج التي استضافتها قطر، أواخر العام الماضي، وشاركت فيها منتخبات دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وعلى الرغم من عودة التصعيد السياسي، والهجوم الإعلامي على قطر، من قبل دول الحصار، السعودية والإمارات تحديداً، بعد فشل المفاوضات القطرية السعودية، أخيراً، ودعوة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريحات صحافية، في بروكسل، الشهر الجاري، "دول الحصار إلى أن تعود لرشدها"، مشدداً على أنّ "لكل بلد حقه السيادي في اتخاذ إجراءاته"، وقوله إنّ المفاوضات مع السعودية توقفت، في يناير/ كانون الثاني الماضي، دون سابق إنذار"، فإنّ الأسابيع الأخيرة شهدت تحولاً تدريجياً، في إجراءات دول الحصار ضد قطر، وإن لم تصل بعد إلى فكه تماماً.
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر ماجد الأنصاري، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "دول الحصار تبحث عن سلم للنزول عن الشجرة التي صعدت إليها، بعد فشل إجراءاتها ضد قطر" التي يرى أنّها "الآن، وبعد ألف يوم على الحصار، في وضع أفضل من الوضع الذي كانت عليه قبل الأزمة الخليجية، وهي انطلقت وتعزز دورها عالمياً".
ويشكّك الأنصاري في دوافع الرغبة السعودية في إطلاق المفاوضات مع قطر، ويصفها بأنها "دعوة غير صادقة"، ويقول إنّه "بعد أسابيع من انطلاق المفاوضات تغيّرت طبيعة التواصل بين الطرفين، رغم أنّ قطر أبدت استعداداً للحديث عن المرحلة المقبلة، وليس عن الشروط الثلاثة عشر، المرفوضة قطرياً منذ اللحظة الأولى".
ويفسر الأنصاري فشل المفاوضات بين قطر والسعودية التي أوقفتها الرياض دون سابق إنذار بالقول إنّ "السعودية استخدمت هذه المفاوضات للحصول على تهدئة من قطر، ثم حاولت فرض شروطها للحوار، وهو ما رفضته قطر التي أكدت أنّ أي محاولة لتوظيف هذه المفاوضات لفرض إملاءات على قطر، ستكون مرفوضة، وتثبت عدم جدية السعودية في المفاوضات".
ويرى الأنصاري أنّ "المرحلة المقبلة ستشهد تنازلات تدريجية من قبل دول الحصار التي أيقنت أنها تحقق خسائر اقتصادية وسياسية بسبب الأزمة، ومن ذلك الدعوة السعودية المبتورة للتفاوض ومن ثم قرار دول الحصار، باستئناف الخدمات البريدية بين قطر وكل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، وإن كان عبر بلد ثالث هو سلطنة عمان"، متوقعاً استمرار مسلسل تنازلات دول الحصار في الأشهر المقبلة.

ونقلت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية عن مصادر مطلعة، الأربعاء الماضي، قولها إنّ "الدول التي تفرض حصاراً على قطر تقاوم ضغوطاً أميركية لفتح مجالها الجوي أمام الدوحة، لإنهاء اعتمادها على الأجواء الإيرانية".
وذكرت الوكالة الأميركية أنّ دول الحصار "تعتقد أنها تتمتع بفرصة أفضل للحصول على تنازلات أكبر من قطر مع اقتراب استضافتها كأس العالم عام 2022".
وقال مسؤولون أميركيون، وفق "بلومبيرغ"، إنّ "واشنطن ترى أنّ المجال الجوي وسيلة ممكنة لبدء انفراجة أوسع، رغم أنّه ليس واضحاً إن كان هذا سيعني استئناف الرحلات الجوية المباشرة إلى الدوحة، أو مجرد السماح بمرور الرحلات الجوية".
ويرى الكاتب والإعلامي جابر الحرمي أنّ "فشل المفاوضات بين قطر والسعودية لإنهاء الأزمة الخليجية سببه أنّ قرار الرياض أصبح في أبوظبي التي أفشلت أول تواصل حدث بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، بعد الأزمة الخليجية في شهر سبتمبر/ أيلول 2017، بتأكيدها أنه لن تكون هناك مصالحة قطرية سعودية إلا من خلال أبوظبي فهي من تقرر للسعودية ماذا تفعل ومتى".
وذكّر الحرمي بأنّ السعودية "أقدمت على إيقاف المفاوضات دون أي مبرر أو توضيحات إلا لأنها تريد فرض الإملاءات على قطر وسلبها قرارها المستقل وسيادتها الوطنية"، خاتماً بالقول "وهذا أمر لن تتمكن منه السعودية أو غير السعودية لو استمر الحصار على قطر ألف عام".