ألفا مهاجر خارج كاليه باليوم الأول... وتحذيرات من عودتهم

ألفا مهاجر خارج كاليه باليوم الأول... وتحذيرات من عودتهم

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
25 أكتوبر 2016
+ الخط -

انتهى اليوم الأول من عملية إخلاء "غابة" كاليه في أجواء مُرضية وناجحة، كانت متوقعة، أمس الاثنين، وفق تصريحات وزير الداخلية ومديرة الأمن وعمدة مدينة كاليه، والنتيجة مغادرة نحو ألفي مهاجر، وصلت أول حافلة تحمل بعضهم إلى منطقة بورغوني، في ظل تخوّف البعض من عودتهم، وسط ترقّب لتداعيات الترحيل في المرحلة الثانية، اليوم الثلاثاء.

وإذا كان صباح الاثنين قد شهد تدفقاً للمئات من المهاجرين الراغبين في المغادرة، فإن الحماس خفَّ بعد الظهيرة، علما أن عملية تحميل الحافلات تمت بصفة تطوعية، ولم تمارس الضغوط على أحد. لكن تفاؤل اليوم الأول، ترك المجال للقلق مما يمكن أن يكشفه اليوم الثلاثاء، مع ولوج الجرّافات، تحت حماية رجال الشرطة، لتدمير الأماكن والخيام التي غادرها أصحابها.

وهذا ما حذّرت منه عمدة مدينة كاليه ناتاشا بوشارت، من حزب "الجمهوريون"، حين أشارت إلى أن نصف سكان المعسكر لا يرغبون في مغادرة المنطقة. وعبرت عن قلقها من عدم وجود ضمانات حكومية لمرحلة ما بعد تفكيك المعسكر، ولا أحد يعرف ما الذي ستفعله السلطات، إذا عاد بعض هؤلاء وافتتحوا مراكز جديدة.

ويظل من الصعب التأكد من الأرقام، فإذا كانت جمعية "مأوى المهاجرين" وجمعية "إيماووس"، تتحدث عن "نواة صلبة" من ألفي رافض لعملية الإخلاء، يؤازرهم نحو 200 شخص من حركة "لا حدود"، مستعدين لمجابهة قوات الشرطة، فإن وزارة الداخلية تشكك في هذا الرقم، وتعتبره أقل بكثير.

ولا تخفي مصادر الشرطة في كاليه أن عملية الإخلاء نهائية، وأن الشرطة ستلجأ إلى القوة وإلى اعتقال من يرفض الخروج من بين المهاجرين.  

وتمتدّ الملاجئ المؤقتة للمخيم على مساحة تقدّر بـ 4 كيلومتر مربع، يسكنها 6 آلاف و486 مهاجرا، من جنسيات مختلفة، بينها الأفغانية، والسودانية، والسورية، والمالية، والإريترية، والباكستانية، وفق أحدث تعداد رسمي أجرته السلطات الفرنسية في أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.






لكن ليس اليمين الفرنسي، بشقَّيه الكلاسيكي والمتطرّف، فقط من يشكك في نوايا الحكومة الحقيقية، فحتى الجمعيات الإنسانية والإغاثية والطبية، تطرح هذا التساؤل. وإلّا "لماذا انتظرنا كل هذا الوقت"، تتساءل رئيسة منظمة "أطباء العالم"، فرنسواز سافينيون، التي تشدد على أن تفكيك المعسكر هي رغبة سياسية قبل الانتخابات الرئاسية.

من جهتهم، يعلم المهاجرون أن لا شيء انتهى مع وصولهم إلى مراكز الاستقبال والتوجيه، فالحكومة تصرّ على أنها "مؤقتة"، في انتظار تسوية أوضاعهم، إما منح اللجوء للبعض ورفضه للبعض الآخر، بعد دراسة ملفاتهم، التي تستغرق نحو 14 شهرا، في ما يخص السوريين والأفغان، وإما تسوية أوضاع المهاجرين الآخرين، من المهاجرين لأسباب اقتصادية. 

وإذا كانت مراكز الاستقبال والتوجيه، موزعة في ربوع فرنسا، فإن مدناً وبلدات فرنسية عبرت عن رفضها لاستقبال هؤلاء اللاجئين، منها بيزييه وفريجيس وإيكس أون بروفانس وغيرها. وفي هذا الجوّ المشحون تعرّض مركز "بي- دي- دوم"، الذي سيستقبل نحو ثلاثين مهاجرا، لعمل تخريبي أول من أمس الأحد. 

من جهة أخرى، لم تُخْفِ السلطات البلجيكية خشيتها من مرحلة ما بعد تفكيك كاليه، بسبب وجود موانئ في البلد مطلة على الشاطئ البريطاني، والتي يمكن أن تُغري بعض المرشحين للهجرة لتجريب حظهم منها، وأن تكون ملجأ لبعض الذين ستتقطع بهم السُّبُل بعد تفكيك كاليه. علماً أن نحو 569 مهاجراً أوقفتهم الشرطة البلجيكية، الشهر الماضي، وهي نسبة أكبر من نظيرتها، في العام الماضي.

ولا تزال حالة هذه الفئة من المهاجرين، تؤرق السلطات الفرنسية، وأيضا مختلف الجمعيات التي تهتم بقضاياهم.

وتقول بوشارت إن هؤلاء المهاجرين سينتظرون أسبوعين إضافيين في مدينة كاليه حتى يتأكد موقف السلطات البريطانية النهائي.

وامتدحت استقبال بريطانيا نحو 200 قاصر، خلال الأيام القليلة الماضية، آملة أن تبذل جهودا إضافية وأن تُؤخَذ بعين الاعتبار حالة 500 منهم، يؤكدون وجود أفراد من عائلاتهم في بريطانيا العظمى، وإلا "سنجدهم مرة أخرى يفترشون الشوارع، وعيونهم مصوبة نحو الشواطئ البريطانية".


المساهمون