ألتان تان لـ"العربي الجديد": سأصوت ضد التعديلات الدستورية التركية

ألتان تان لـ"العربي الجديد": سأصوت ضد التعديلات الدستورية التركية

15 ابريل 2017
ألتان تان: بعد الاستفتاء، لن تأتي حكومة جديدة(العربي الجديد)
+ الخط -
يدعو النائب التركي المحافظ عن حزب "الشعوب الديمقراطي"، ألتان تان، في حوار مع "العربي الجديد" إلى التصويت بـ"لا" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا غداً الأحد، معتبراً أن مرحلة ما بعد الاستفتاء تحتاج إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي التركي وإعادة النظر بسياسات السلطة في تركيا، على الصعد الداخلية والخارجية. ويلوم حكومة حزب "العدالة والتنمية" على عدم قيامها بأفعال ملموسة من أجل حل الصراع المسلح مع حزب "العمال الكردستاني"، ويحث الطرفين على العودة إلى المسار السلمي الذي كان قائماً في عام 2013، وأعطى أملا بإمكانية انتهاء النزاع العسكري. وفي ما يتعلق بالشأن السوري، يدعو إلى رحيل نظام بشار الأسد، ويقترح إقامة منطقة حكم ذاتي مركزها القامشلي، لكنه يأمل في أن يتم احترام مبدأ التعددية خلال إدارتها. في موازاة ذلك، يبدي مواقف متفهمة لخيار أكراد العراق بالانفصال، لكنه تمنى أن تبقى العلاقة بين إقليم كردستان العراق وحكومة بغداد بعيدة عن منزلق الاقتتال. في ما يلي نص الحوار:

ما هو سبب عدم قيام حزب "الشعوب الديمقراطي" بتسيير حملة كبيرة ضد التعديلات الدستورية في دياربكر؟

هناك أسباب عدة، منها أن جزءاً كبيراً من كوادر "الشعوب الديمقراطي" والناشطين في صفوف الحزب الآن في السجون بما في ذلك زعيم الحزب، أما السبب الثاني والأهم فيوجد شعور عام بالانكسار والإحباط والتعب لدى الشعب، ولهذا أسباب عدة، منها سياسة الخنادق (المصطلح المستخدم للإشارة إلى نزول حزب العمال الكردستاني إلى المدن وبدئه حرب عصابات ضد الدولة التركية) التي قام بها "العمال الكردستاني" عند بدء الاشتباكات في المدن، إذ إن كتلة كبيرة لم يعجبها الأمر، وترى أن هذه الأفعال خاطئة. لكن في الوقت نفسه، لأن حزب "العدالة والتنمية" لم يبذل أفعالاً في ما يخص عملية الحل. والشعب منزعج أيضاً من "العدالة والتنمية"، أي أن الشعب بات بعيداً عن كل من الطرفين، وهذا الشعب بنسبة كبيرة منه متعب، سواء معنوياً أو مادياً. البعض فقد أبناءه والبعض هدمت بيوته والبعض الآخر اضطر إلى ترك مدينته. وإضافة إلى أجواء العزاء التي تحيط بدياربكر، فإن هناك خسائر اقتصادية عالية في المدينة.

باعتباركم تمثلون المحافظين الأكراد في "الشعوب الديمقراطي"، بماذا يفكر هذا التيار الآن؟ وفي حال تم التوجه إلى الانتخابات المبكرة، هل تعتقدون بأن "الشعوب الديمقراطي" سيجتاز العتبة البرلمانية؟

لنتحدث عن الطبقة الوسطى الكردية، وليس فقط عن المحافظين الأكراد. وهذه الطبقة تضم الليبراليين الأكراد. بشكل عام هم يرون بأن "الشعوب الديمقراطي" غير كافٍ لمواجهة سياسات "العمال الكردستاني"، أي أنهم يرون بأن "الشعوب الديمقراطي" لم يفعل ما يكفي لإيقاف "العمال الكردستاني". وهذا (رأي) قسم كبير منهم، ولكنهم في الوقت ذاته، يرون "العدالة والتنمية" مخطئاً، لأن الأخير لم يقم باتخاذ خطوات في ما يخص عملية الحل، وبات "العدالة والتنمية" يرى المسألة الكردية بجانب كبير بوصفها مسألة أمنية. أما الحديث عن نتائج أي انتخابات مبكرة، فإنه من الآن لا يمكن الحديث عن ذلك، ولكن الشعب (الأكراد) لا يرون الآن أن أيا من سياسة الطرفين صحيحة.

كيف تقيمون النتائج التي من الممكن أن تصدر عن الاستفتاء في التعديلات الدستورية؟ وكم تتوقعون أن تكون نسبة الرافضين والمؤيدين؟

لأتحدث عن دياربكر. أعتقد بأن النسبة الأكبر من الأصوات في المدينة ستكون رافضة للتعديلات الدستورية، وأنا أيضاً سأصوت ضد هذه التعديلات، والحزب أيضاً يقول كذلك. لكن في ما يتعلق بالنسب، فإنه من غير الممكن الحديث عن شيء نهائي في هذا الأمر. نسبة المقاطعين ستكون قليلة للغاية، وأصوات "العدالة والتنمية" تقارب 35 إلى 40 بالمائة في دياربكر.


في دياربكر، يبدو أن الناس متوجسون ولا يقولون آراءهم بشكل مباشر وينتظرون ليعرفوا رأي الطرف الآخر كي يبدأوا بالحديث. ممن يخاف الناس، من الدولة أم من "العمال الكردستاني"؟

أنا لا أظن بأن ذلك نابع من الخوف، لأن أهالي دياربكر منذ ثورة الشيخ السعيد وحتى الآن لم يحتموا بمظلة الخوف أبداً، أي أنهم استمروا دوماً بهويتهم المعارضة وقاوموا. واليوم أيضاً الأمر كذلك، ولكن سبب هذا التوجس، كما قلت سابقاً هو خطأ سياسة الطرفين.

في المؤتمر الأخير لـ"الشعوب الديمقراطي" استولت كوادر "العمال الكردستاني" على كل مفاصل الحزب. هل نستطيع أن نقول إن مشروع "الشعوب الديمقراطي" المتمثل بتتريك الحركة القومية سقط؟ وهل ترون بأن على الحزب أن يتوجه لمؤتمر جديد لإعادة ترتيب صفوفه؟

طبعاً، لا بد من إعادة تهيئة "الشعوب الديمقراطي"، أي يجب أن يتم العمل على مشروع سياسي جديد يتناسب مع الظروف الموجودة في تركيا والشرق الأوسط. وبكلمات أكثر وضوحاً، لا بد أن يعود إلى الروح التي كانت سائدة في انتخابات يونيو/ حزيران 2015 (عندما تجاوز القاعدة الصلبة العائدة للعمال الكردستاني وتمكن من الحصول على أصوات المحافظين الأكراد واليسار التركي)، وعلى "العمال الكردستاني" أيضاً أن يعود للسياسة التي كانت سائدة في 21 مارس/آذار 2013، أي ما تمثل في دعوة زعيم "العمال الكردستاني"، عبدالله أوجلان، والتي أعلن خلالها عن انتهاء وقف الصراع المسلح، والتحول إلى النضال الفكري والديمقراطي. يجب على "الكردستاني" أن يعود لتلك النقطة ولا بد من إسكات السلاح في تركيا، وعلى "الشعوب الديمقراطي" أن يعود لروح يونيو، ويرفع صوته ويقف في وجه "العمال الكردستاني"، لإعادة تحكيم الخط الديمقراطي. من الممكن أن تبقى القاعدة اليسارية المتطرفة، ولكن لا بد أن يتخذ المحافظون الأكراد والطبقة المتوسط من الليبراليين دورهم في الحزب من القاعدة حتى القيادة، وهذا الأمر غير موجود الآن.

في الشهر الماضي، كان يقال إن الأصوات الرافضة للتعديلات الدستورية أعلى من تلك المؤيدة، كيف ترون الوضع الآن؟

لا أعرف، ولكن في تركيا، للأسف، فإن شركات استطلاعات الرأي والأبحاث بغالبيتها لا تقول الحقيقة. إن شركات استطلاع الرأي تعتبر جزءاً من الحرب النفسية للحكومة… وأرى بأن الرافضين والمؤيدين متساوون الآن.

إذا أتت نتيجة الاستفتاء بالرفض، هل ترون بأن تركيا ستذهب إلى انتخابات مبكرة؟

مهما كانت النتيجة، تحتاج تركيا إلى وسط سياسي جديد، أي في حال كانت النتيجة تأييد التعديلات الدستورية، فإن السلطة لا بد أن تحدد سياسات جديدة سواء مع روسيا وأميركا أو في الأزمة السورية، وما له علاقة بالقضية الكردية والعلوية. لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة. وفي حال كانت النتيجة لا، فإن هذا سيكون تنبيهاً جدياً للسلطة، فإن المشهد السياسي سيعاد تشكيله، سواء في كل من "العدالة والتنمية" أو الحركة "القومية" أو "الشعب الجمهوري" أو "الشعوب الديمقراطي"، لذلك مهما كانت النتيجة سيكون هناك أجواء سياسية جديدة.

هل هناك مشروع في "الشعوب الديمقراطي" لمرحلة ما بعد الاستفتاء؟

حتى الآن، لم نجلس ونتناقش بأي مشروع، وبالأصل فإن رئيس الحزب وعددا كبيرا من الكوادر في الحزب، هم في السجون. لذلك فإني أرى بأنه لم يعمل أي حزب سياسي على أي مشروع يتعلق بما بعد الاستفتاء وليس فقط "الشعوب الديمقراطي". لا بد أن يكون هناك مشروع، لأنه لا يمكن الاستمرار هكذا.


هل ترون بأن الموافقة على التعديلات الدستورية ستؤدي إلى فترة عصيبة مع الغرب والاتحاد الأوروبي؟

إن حكومة "العدالة والتنمية" لديها مشاكل جدية مع الغرب، وكذلك مع كل من روسيا وإيران. وإذا أتت نتيجة الاستفتاء لا، فإن الحكومة لن تسقط ولن تأتي حكومة جديدة. وسيستمر كل من رئيس الوزراء (بن علي يلدريم) ورئيس الجمهورية (رجب طيب أردوغان) بأداء مهامهما. البعض يظن بأن رفض التعديلات الدستورية سيؤدي إلى استقالة كل من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. لا شيء كهذا سيحصل، لذلك، فإن المشاكل الحالية ستستمر مع العالم الغربي والشرق.

هل ترون بأن الموافقة على التعديلات الدستورية ستؤدي إلى المزيد من التعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بسورية والاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني)؟

كما قلت، مهما كانت النتيجة فإن الحكومة لن تتغير. وبكل الأحوال لا بد من بدء مرحلة جديدة مع أوروبا والولايات المتحدة. وحتى لو تم التوجه إلى انتخابات مبكرة 60 يوماً من تاريخ الاستفتاء، في الوضع الحالي لا يوجد أي مشروع لدى المعارضة، ولا أحد جاهز لانتخابات مبكرة، وفي أسوأ الأحوال ستنتج هذه الانتخابات حكومة بين "العدالة والتنمية" والحركة "القومية"، وفي الأصل هم الآن في حالة ائتلاف.

فلنتحدث عن الأوضاع الكردية في سورية، كيف تقيمون توجه "الاتحاد الديمقراطي" إلى مدينة الرقة؟

لنتحدث بوضوح. إن الولايات المتحدة تعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وهذا التشكيل الجديد بدأ يتوضح. هم يحاولون تقسيم المنطقة أكثر ما يمكن، ومن ثم إدارة الشرق الأوسط ضمن فوضى تحت السيطرة، أي تقسيم كل من سورية والعراق وليبيا وإن أمكن ذلك سيقسمون تركيا. وهذا أمر ليس في مصلحة شعوب الشرق الأوسط. ولكن الشيء الأهم هنا، هو أن الدول الكبرى في الشرق الأوسط كإيران وتركيا والسعودية ومصر، لا تملك مشروعا بديلا قابلا للاستمرار ويحفظ العيش المشترك. ولنترك هذا الأمر جانباً، إن تركيا تقول إنه لا ينبغي تقسيم سورية أو العراق أو ليبيا، ولا ينبغي ضمّ كركوك إلى كردستان العراق، لكن ما هو البديل؟ ماذا تريد تركيا؟ كيف تريد الحفاظ على وحدة هذه الدول؟ و"العمال الكردستاني" أيضاً لا مشروع لديه، بل يعمل بالخفاء مع القوى الكبرى، ودخول الرقة لا يخدم المصالح الكردية، ولا يمكن الاستمرار بهذه السياسة.

حزب "العمال الكردستاني" في سورية يتوجه إلى مناطق عربية كاملة، أي يسيطر على مناطق مأهولة بغالبية عربية في ظل تراجع عدد السكان الأكراد لأسباب عدة منها الهجرة، فهل هذا الأمر يصب في مصلحة الأكراد؟

هذا لا يخدم إلا الفوضى، والفوضى تعني استمرار القتال وعدم الانتظام وعدم الوضوح. في الشرق الأوسط لا يوجد منطقة صافية تماماً من الناحية العرقية أو الدينية، سواء الموصل أو حلب أو دمشق أو ماردين أو كركوك أو القامشلي أو الرقة أو تلعفر وغيرها.

بالنسبة لكم، ماذا يجب على "الاتحاد الديمقراطي" أن يفعل في سورية للحفاظ على مصالح الأكراد؟

لا بد من العمل على سقف سوري جديد، ويجب أن يذهب بشار الأسد وحزب البعث. فقد أريق الكثير من الدماء ودُمرت البلاد، ويجب العمل على سقف أكثر اعتدالاً وديمقراطية واستيعاباً وليبرالية، ولا بد أن يكون للإسلاميين والعلويين والأكراد وباقي الطوائف مكان فيه. ويجب أن يكون هناك منطقة حكم ذاتي مركزها القامشلي، من دون أن تكون خاضعة للحزب الواحد أي "الاتحاد الديمقراطي"، وتسمح لأنصار (رئيس إقليم كردستان العراق مسعود) البارزاني والعرب والأرمن والسريان بالوجود والتشارك في إدارتها، وإلا فلن تستقر على الإطلاق.


كيف تقيمون عمل الأطراف المختلفة في إقليم كردستان العراق على الذهاب إلى استفتاء تمهيداً لاستقلال كردستان عن الجمهورية العراقية؟ ألا يخدم هذا الأمر مشروع "التمزيق الغربي" للمنطقة، والذي اعتبرتم أنه لا يفيد مصلحة شعوب المنطقة؟

أرى هذا أمراً إيجابياً. كما تعلمون، هناك في كردستان العراق اليوم فدرالية بشكل رسمي. والحال الآن على الأرض يشير إلى أن العلاقة بين الإقليم وبغداد لا تتجاوز خيطا رفيعا من القطن، سواء من الناحية القانونية والإدارية والأمنية والاقتصادية. وسواء نفع أو لم ينفع المشروع الغربي، بما أنهم لم يتمكنوا من العيش معاً، فعلى الأقل يجب تجنب القتال، وكذلك لا يوجد مشروع بديل. إن المقيمين في أربيل لا يستطيعون التوجه إلى الموصل ولا إلى بغداد، وهذا في جزء كبير منه تتحمل مسؤوليته إدارة بغداد، التي لا تلتزم حتى بالمادة 140 من الدستور العراقي، والتي تنص على ضرورة إجراء إحصاء سكاني لكركوك ومن ثم استفتاء أهلها على الانضمام لكردستان أو البقاء مع الحكومة المركزية، وبغداد لا تفعل أي شيء من هذا، وبالتالي لا حل آخر إلا الانفصال.

من هو ألتان تان؟

ألتان تان، نائب محافظ عن حزب "الشعوب الديمقراطي"، مواليد باتمان ماردين 1958 لأم تركية وأب كردي، يتحدث العربية والكردية والتركية، ورجل أعمال وخريج كلية الهندسة في أكاديمية الهندسة المعمارية في أنقرة. فقد والده في السجن العسكري في دياربكر بعد اعتقاله إثر انقلاب 1980. ولديه ثلاثة كتب الأول بعنوان "القضية الكردية"، والثاني عن "الأكراد في شرق أوسط يتغير"، أما الثالث فعنوانه "طور عابدين: العشائر واللغات والأديان والثقافات". عمل قيادياً مع عدد من الأحزاب اليمينية التركية كحزب "الرفاه" و"الحزب الديمقراطي"، ومنذ عام 2000 يعمل مع الأجنحة السياسية لحزب "العمال الكردستاني" بمختلف تسمياتها، ونائب في البرلمان التركي على نحو مستمر منذ 2011.

المساهمون