تعاقد المدرب الإسباني جوزيه مورينيو مع المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو قبل بداية موسم 2017-2018، وتعرض للكثير من الانتقادات آنذاك بسبب عدم اختياره اسما ثقيلا في خط الهجوم، وهو القرار الذي جعله يلعب دور الممثل كيفن كوستنر في فيلم "Draft Day".
يتحدث فيلم "Draft Day" عن مدرب فريق كرة قدم أميركي يحاول التعاقد مع أفضل المواهب بغية تعزيز قوة فريقه على أرض الملعب. وقبل أيام من فتح باب التعاقدات، يختار المدرب اسم لاعب بعد دراسة دوره التكتيكي وكيف يستفيد منه الفريق. تعرض هذا المدرب لانتقادات كثيرة بسبب اختياره للاعب وليس لنجم، إلا أنه يعرف جيداً أن هذه الصفقة هي الوحيدة التي تدخل في نظام فريقه ولا شيء سواها.
وهذا ما فعله جوزيه مورينيو عندما اختار المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو بعد إصابة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، وذلك لأن لوكاكو يُعتبر الحلقة المفقودة في فريق "الشياطين الحُمر" والتي جعلته أفضل من زلاتان على أرض الملعب.
دور إبراهيموفيتش في الخطة
في البداية لا يمكن اعتبار التوقيع مع إبراهيموفيتش خطاً، بل على العكس الصفقة كانت ممتازة لناحية التوقيت، لأن مورينيو كان في طور بناء مانشستر يونايتد جديد قبل بداية موسم 2016-2017، خصوصاً أن المهاجم السويدي ساهم في إعادة الفريق إلى القمة من جديد بأهدافه الـ17.
عندما كان أليكس فيرغيسون مدرباً لفريق مانشستر يونايتد، كان هناك ميل نحو الاستحواذ، والحديث هنا ليس عن استحواذ يشبه ما يفعله برشلونة أو مانشستر سيتي الآن، إنما استحواذ كاف للسيطرة على اللقاء. ومع قدوم ديفيد مويس واللعب بخطة (4-4-2)، انكسر ظهر المدافعين بسبب عدم تواجد مهاجمين قادرين على الضغط في الأمام.
وعندما جاء المدرب جوزيه مورينيو تبدلت الخطة كثيراً وأصبح الفريق محميا من الخلف بدفاع صلب يعرف كيف يتحرك خلال المباراة. وعندم يقرر مانشستر يونايتد الهجوم يعتمد الكثافة العددية المتقدمة لحرمان الخصم من المساحات أمام منطقة جزائه، ومن ثم إيصال الكرة إلى داخل منطقة الجزاء نحو مهاجم هداف يعرف كيفية إنهاء أنصاف الفرص بدون مشاكل.
عندما لعب إبراهيموفيتش مع "يونايتد" كان ينتظر الكرة على مشارف منطقة الجزاء ويُحاول إنهاء الفرص، ولو أنه مثلاً تمت إزالة نظام تدوير الكرة وخلف كثافة عددية في المقدمة، فإن المهاجم السويدي سيكون معزولا ومن دون حلول، عكس المهاجم لوكاكو.
بالنسبة للأداء البدني، إبراهيموفيتش لا يملك قوة في المساحات لخلق الفرص، هذا عدا عن أن سرعته وقوته البدنية انخفضت في السنوات الأخيرة بسبب كبر سنه. لذلك عملية الانقضاض خلف المدافعين أو المرور من العمق تبدو عملية في غاية الصعوبة. وعكس ذلك يملك إبراهيموفيتش حنكة في التحرك وذكاء تكتيكيا لناحية التمرير لزملائه والرؤية الواضحة لأرض الملعب.
وأخيراً يحب إبراهيموفيتش خلق الفرص لنفسه من حركة بسيطة وتحرك سليم داخل منطقة الجزاء، إلا أن هذا الأمر من الصعب حصوله مع مورينو الذي يُحبذ اللعب الجماعي على الفردي في معظم فترات اللقاء، ولا يمكن إغفال أن السويدي لا يمكنه صناعة الفرص لنفسه مثل السابق بسبب انخفاض قوته البدنية.
لوكاكو ونظام مورينيو
هناك فارق كبير بين لاعبين مثل أليكسيس سانشيز ودانييل ستوريدج وهاري كين وجيمي فاردي في "البريميرليغ". سانشيز وستوريدج يعقدان الأمور كثيراً قبل تسجيل الأهداف ويحاولان خلق الفرص لنفسيهما وفي الكثير من الأحيان يهدران الفرص بسبب عدم الرؤية الواضحة لأرض الملعب. بينما هاري كين وجيمي فاردي هدافان بالفطرة، فهما لا يرحمان أمام المرمى ولا يعقدان الأمور كثيراً ويلعبان وفق نظام المجموعة من أجل الوصول إلى المرمى من دون تعقيد كبير.
مورينيو يتبع النظام الثاني في اللعب وهو النظام الذي يجعل المهاجمين يسجلون عددا أكبر من الأهداف بسبب غياب عامل التعقيد في صناعة الفرص. وربما ما كان يفتقده مانشستر يونايتد قبل بداية موسم 2017-2018 هو اللمسة الأخيرة أمام المرمى والتي كانت تُميز لوكاكو مع فريقه السابق إيفرتون.
الأمر الثاني الذي يجعل لوكاكو المهاجم المناسب في نظام مورينيو هو أن اللاعب لا يحب الحفاظ على الكرة كثيراً، بل يتبادلها مع زملائه وصولاً إلى المرمى من أجل تسجيل الأهداف. وبالتالي فإن لوكاكو يساعد مورينيو تكتيكياً في التحركات وتبادل المراكز سريعاً، فهو مهاجم لا يبقى في مكانه ثابتاً وينتظر الكرة بل يتحرك مع الفريق إلى حين الكشف عن ثغرة لدى الخصم.
لوكاكو منح مورينيو أشكالا أخرى من الهجمات، بينما إبراهيموفيتش كان يسير بالخط العمودي نفسه من دون تغيير المراكز خلال الهجمة، أي أنه ينتظر الفعل عكس لوكاكو الذي يتطلع دائماً لخلق الفعل ومتابعة ردة الفعل ووضع نفسه دائماً خلف المدافعين أو في أماكن بعيداً عن الرقابة اللصيقة.