أعطِني فَتوى.. أطلِق يدي


12 يونيو 2014
+ الخط -
يتعامل بعض من الشعب، مع الشيوخ والدين، ومع قضية الإفتاء، بشكلٍ أقرب ما يقالُ في وصفه أنه شكل سوقي مصلحي، بحيث يبتغون ديناً موافقاً لأهوائهم، وأفعالهم، وخياراتهم السياسية والاقتصادية. لا يريدون لأفعالهم أن تتوافق مع دينهم، ولا أن تتهذب مصالحهم، ونزواتهم، وفقاً لقيم مجتمعهم وثقافته. ساعدهم، في اعتماد هذا النسق، أنهم وجدوا، من المشايخ والعلماء، من يطوع الكلام والفتوى لتتماشى مع إرادة المريدين.
لا يمكن القول، أمام هكذا ظاهرة، إلا أن هناك من ينتحل صفة المشيخة، وهو في الأصل، ممن فرطوا في دينهم، وباعوا ضمائرهم، ورهنوا مواقفهم للسياسة والاقتصاد، واستبدلوا رضا الرب برضا الدكتاتور.
كيف لعالم دين، أو شيخ معمم، أن يعتبر الراقصة، إذا ماتت، أنها شهيدة، ليس لاشتراكها في حرب أو انتفاضة، لكن لموتها وهي تؤدي عملها أمام صندوق الاقتراع، أو لموتها وهي تثير الجمهور، ليشاركها فرحة عرس الدكتاتورية الانتخابي.
في هذا ما يدفع إلى ألا نتعجب، إن سمعنا في الغد فتوى أن السارق يجب مكافأته، وأن القاتل يجب تنصيبه حاكماً، وأن الخائن يجب تعيينه مستشاراً، والمزور يجب إعطاؤه اختصاص أمين صندوق انتخابي، أو قاضٍ في المحكمة الدستورية.
تحول دور بعض العلماء من استنكار المعصية، ومحاربتها، إلى تشجيع الرذيلة، وتفضيلها. بل والأشد قسوة من ذلك، أن هذا القول، لا يصدر عنهم شخصياً، بل يقحمون الدين والإيمانيات المُشكِلَة لقيم المجتمع، مبررات لمواقفهم ومواقعهم السياسية، ويبتزون الناس البسطاء، بسطوة عماماتهم، وأثوابهم، وبعض السنين التي قضوها في الأزهر، من دون استحقاق لشرفها.
هذه المرة، فتاة ترقص أمام لجنة الانتخابات، ويوافق شيوخ، مع أنهم غير مضطرين للتعليق، وفتاة تغتصب ويكشف جسدها في الميدان، فلا ينبسون ببنت شفه. لا عجب، فمن أيد القتل، وحرق الجثث، واعتبر أن الملائكة تساند من يفعل هذا، ليس غريباً عليه أن يشجع الرقص ويدّعي الفضلَ والأجر والثواب لمرتكب هذه الأفعال. عسى ألا تصير الرذيلة واجباً وطنياً، والتزوير فرضاً شرعياً، والقتل ضرورة قومية، ودكتاتورية العسكر، رحمة من عند الله.
 
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)