أعرق محكمة مصرية تبحث عن رئيس منذ أسبوع

أعرق محكمة مصرية تبحث عن رئيس منذ أسبوع

06 يوليو 2019
يمعن السيسي في السيطرة على القضاء (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

تدخل حالة الفراغ غير المسبوقة التي تسيطر على إدارتي محكمة النقض وهيئة النيابة الإدارية في مصر، يومها السابع، بسبب تأخر صدور قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين رئيس للهيئتين القضائيتين. وانتهى العام القضائي 2018-2019 مع غروب شمس الأحد 30 يونيو/ حزيران الماضي، وبدأت فترة العطلة القضائية، الإثنين 1 يوليو/ تموز الحالي، من دون أن يعرف أعضاء الهيئتين هوية رئيسهم المقبل، وفقاً للتعديلات الدستورية الجديدة التي أقرت في إبريل/ نيسان الماضي، بأن يختار السيسي لكل جهة أو هيئة قضائية رئيساً من بين أقدم سبعة من نواب رؤسائها، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغ المعني سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله. وبالنسبة للمحكمة الدستورية العليا، فسيتم اختيار رئيسها من بين أقدم خمسة نواب حاليين لرئيس المحكمة.

وقالت مصادر قضائية في محكمة النقض، إن قضاة المحكمة يشعرون بالغضب والاستغراب، نتيجة تأخر تعيين رئيسهم الجديد، ما اعتبره بعضهم دلالة على عدم الاكتراث بأقدم وأعرق هيئة قضائية في مصر، خصوصاً أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن السيسي استقر بالفعل على اختيار المستشار عبد الله عصر، خامس أقدم قاضٍ بالمحكمة لهذا المنصب، ما يعني استبعاد 4 أقدم منه. وأشارت المصادر إلى أن عصر، المعروف بعلاقته الطيبة برئيس المحكمة السابق مجدي أبو العلا وشقيق السيسي القاضي أحمد السيسي، لم يتلقَ أي اتصال حتى صباح أمس، الجمعة، لتحديد موعد أداء اليمين أمام السيسي، علماً أن الرئيس سيغادر القاهرة في زيارة خارجية غداً الأحد.

وسبق أن قالت مصادر قضائية إن عصر، باعتباره رئيس المكتب الفني، يدير شؤون المحكمة ومجلس القضاء الأعلى حالياً في ظل غياب أي معلومات عن هوية رئيس المحكمة المقبل. أما في النيابة الإدارية فتدير شؤون الهيئة مؤقتاً المستشارة فاطمة غرابة، وهي أقدم أعضاء الهيئة حالياً، والتي كان من المفترض أن تُعين تلقائياً رئيسة لها لولا القانون الذي أصدره السيسي في إبريل/ نيسان 2017 بإلغاء نظام الأقدمية المعمول به منذ نشأة القضاء المصري، ومنح رئيس الجمهورية سلطة اختيار رؤساء الهيئات، ثم تمت دسترة النظام الجديد في التعديلات الدستورية الأخيرة.

من جهته، رجح مصدر في وزارة العدل أن يكون سبب تأخير تعيين رئيسي النقض والنيابة الإدارية، هو أن السيسي يرغب في اختيار باقي رؤساء الهيئات الذين سيتوالى تعيينهم في الأشهر المقبلة، حسب مواعيد تقاعد الرؤساء الحاليين، ما تطلّب إجراء التحريات الخاصة بهم في وقت قصير. وذكر المصدر أن عملية الاستعلام الأمني عن جميع المرشحين في محكمة النقض والنيابة الإدارية كانت قد انتهت بالفعل، وأنه سبق وطلبت هيئة الأمن القومي وجهاز الأمن الوطني من وزارة العدل ومن الأمانة العامة لكل هيئة صوراً ضوئية من الملفات الشخصية الخاصة بكل قاضٍ من المرشحين، وهي الملفات التي تشمل الدرجات الوظيفية التي شغلها، والجهات الحكومية التي انتدب بها، ودخله الشهري الإجمالي، والقروض السابقة، وحتى الأموال التي حصل عليها من مشروع علاج القضاة وأسرهم.


وذكر المصدر أن هذه البيانات ستضاف بالطبع إلى معلومات أخرى خاصة بالجوانب الأمنية والسياسية للقضاة وأفراد أسرهم، خصوصاً أبنائهم وزوجاتهم، وسيتم توثيقها بصور من حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. ولذلك فقد وجّه بعض المسؤولين نصائح للقضاة المرشحين الراغبين في الوصول للمنصب بأن يغلق أبناؤهم صفحاتهم الشخصية على "فيسبوك" و"تويتر"، تحسباً لاصطياد أي منشورات قديمة تحتوي على سخرية أو معارضة لسياسات النظام. والمرشحون السبعة الذين سيختار السيسي من بينهم رئيس محكمة النقض هم طه قاسم صاحب حكم تخفيف الإعدام لمتهمي قضية خلية الظواهري، وعاطف عبد السميع صاحب حكم إلغاء سجن ضابطي الأمن الوطني المتهمين بتعذيب محامٍ حتى الموت وتأييد إدراج الرئيس الراحل محمد مرسي على قائمة الإرهاب على ذمة قضية التخابر، وحسن الصعيدي صاحب حكم تخفيف عقوبات الإعدام والمؤبد في القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية وجدي غنيم"، وعمر بريك صاحب حكم إلغاء السجن المؤبد على الناشط السياسي أحمد دومة وكذلك إعادة محاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في قضية فساد الداخلية، وعبد الله عصر رئيس المكتب الفني لرئيس المحكمة السابق مجدي أبو العلا، وفتحي المصري مساعد وزير العدل الأسبق للدراسات القضائية، وأحمد عبد القوي صاحب الحكم النهائي ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك من قتل المتظاهرين. أما المرشحون الذين سيختار منهم السيسي رئيس النيابة الإدارية فهم فاطمة غرابة، وسمير يوسف، ومحمد عبد الخالق، وأحمد أبو دقة، وبدرية عبد اللطيف، ونيفين الغرياني، وعصام المنشاوي.

وأشارت مصادر بالنيابة الإدارية إلى أن المنشاوي، سابع أقدم أعضاء الهيئة، هو صاحب الحظ الأوفر للتعيين في المنصب، ما سيمثل سابقة بأن يرأس المجلس الأعلى للهيئة أصغر الأعضاء سناً. أما رئيس المحكمة الدستورية الجديد فمن المقرر أن يعين في الأول من أغسطس/ آب المقبل من بين أقدم 5 أعضاء بالمحكمة، أرسلت الجمعية العامة للمحكمة أسماءهم ليختار السيسي أحدهم، وهم محمد خيري وسعيد مرعي وعمر شريف ورجب سليم وبولس فهمي. والأمر نفسه بالنسبة إلى مجلس الدولة الذي سيتم تعيين رئيسه الجديد منتصف سبتمبر/ أيلول المقبل. والمرشحون هم أقدم 7 أعضاء بالمجلس: يسري الشيخ ويحيى خضري وحسن شلال ومحمد حسام وأنور خليل وأسامة محرم وأحمد عبد التواب.

ويكتسب تطبيق النص الدستوري الجديد هذا العام أهمية استثنائية، لأن هذا العام سيشهد تغيير جميع رؤساء الهيئات، وهم المستشار حنفي جبالي رئيس المحكمة الدستورية وآخر من وصل لهذا المنصب بالأقدمية المطلقة، والمستشار أحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة الذي تم تعيينه بالمخالفة للأقدمية في 2017، والمستشار مجدي أبو العلا رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض الذي تم تعيينه بالمخالفة للأقدمية في 2017، والمستشارة أماني الرافعي رئيسة النيابة الإدارية التي تم تعيينها بالمخالفة للأقدمية في 2018، والمستشار حسين عبده خليل رئيس هيئة قضايا الدولة الذي تم تعيينه بالمخالفة للأقدمية في 2017. لكن مخالفة الأقدمية وفقاً للنص الدستوري الجديد ستكون مغايرة للمخالفة التي طبقت في 2017 بإصدار السيسي القانون الذي يمكنه من اختيار رؤساء الهيئات بهدف التخلص من المستشار يحيى دكروري في مجلس الدولة، والمستشار أنس عمارة في محكمة النقض. وكان القانون السابق يمنح المجالس العليا للهيئات سلطة إرسال قائمة قصيرة، مكونة من 3 مرشحين، ليختار السيسي أحدهم رئيساً للهيئة، أما النص الدستوري الجديد، وإمعاناً في امتهان القضاة، فقد جعل من حق السيسي الاختيار دون شروط من بين أقدم 7 نواب، وهو ما يعني عملياً انتقال سلطة الاختيار والاستبعاد إلى الجهات الأمنية والاستخباراتية التي ستعد للسيسي بياناً بشأن كل مرشح محتمل ومميزاته ومشاكله.

المساهمون