أطفال باكستانيون مهددون بالشلل لإهمال آبائهم

أطفال باكستانيون مهددون بالشلل لإهمال آبائهم

15 اغسطس 2016
بعض الحملات يجري بمواكبة أمنية (باناراس خان/ فرانس برس)
+ الخط -
باكستان إحدى الدول التي تعاني من مرض شلل الأطفال، بالرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة بالتنسيق مع المجتمع الدولي. وبسبب الضغوط الدولية المتزايدة، أعلنت السلطات عن الكثير من الخطوات لاستئصال جذور المرض، منها تنظيم حملات تلقيح متكررة، وإعلان حالة الطوارئ، وتشكيل لجنة تضم وزراء في الحكومة المركزية للإشراف على الجهود التي تبذل في هذا الصدد.

للجهود المبذولة تأثير كبير وواضح في المدن، لكنّها في الأرياف ذات تأثير محدود، فالمرض ما زال ينتشر. ويأتي ذلك بالرغم من تفاؤل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في أنّ الأشهر القليلة المقبلة ستؤدي إلى استئصال جذور المرض من باكستان.

يقول مندوب "يونيسف" في باكستان الدكتور ميشل تيرين إنّ البلاد تشهد حملات متواصلة ومكثفة تغطي جميع أنحائها ضد شلل الأطفال. وبفضل تلك الحملات يتوقع أن يتم استئصال المرض الذي تمكنت كثير من دول العالم من القضاء عليه، وما زال ينتشر في باكستان وجارتها أفغانستان خصوصاً.

لكن، ثمة عوائق كثيرة في وجه حملات التطعيم ضد المرض، خصوصاً في مناطق الشمال الغربي والمناطق القبلية التي تعاني من أوضاع أمنية سيئة، وتجري فيها قوات الجيش عمليات مكثفة منذ فترة طويلة أدت إلى تدهور جميع قطاعات الحياة. لكنّ المشكلة الأكبر رفض الآباء تلقيح أولادهم. إذ يظن هؤلاء أنّ التطعيم ضد الشلل يضرّ الأطفال، ويتسبب في العقم. لا يرفض هؤلاء تطعيم أولادهم فحسب، بل غدوا يتعاملون مع فرق حملات التطعيم بكلّ قسوة.
وقد أدت هجمات المسلحين على فرق شلل الأطفال إلى مقتل عشرات من العاملين والعاملات فيها، آخرها الهجوم على مركز لمكافحة الشلل في مدينة كراتشي، مما أدى إلى مقتل سبعة من عناصر الأمن، كانوا يحرسونه.

نسرين بي بي، والتي عملت منذ أعوام عدة في فرق تطعيم الأطفال ضد الشلل في المناطق النائية في إقليم بلوشستان، تشير إلى أنّ "بعض الآباء تعاملوا معنا بقسوة وعنف، وكأننا أعداؤهم وأعداء أطفالهم. بعضهم يغضبون عندما تأتي الفرق إلى منازلهم، فهم لا يرغبون في تلقيح أطفالهم". تضيف أنّها وجميع العاملين والعاملات في الحملة تحملوا جميع أنواع المخاطر في الوصول إلى المناطق النائية والبعيدة غير الآمنة، لتطعيم الأطفال ضد الشلل الذي يهدد مستقبلهم، لكن عندما يتعامل الآباء بهذه الطريقة يشعر العاملون بالإحباط.



تؤكد بي بي أنّ السبب خلف رفض الآباء اعتقادهم أنّ التلقيح يتسبب في العقم، أو أنّ الدواء مصنوع من مادة محرمة، كما يقول بعض رجال الدين هناك. أيضاً، تشير إلى أنّ الفرق التابعة لحملة مكافحة شلل الأطفال تواجه تهديدات أخرى كثيرة، كتهديد المسلحين لهم بالقتل والخطف، معربة عن أسفها الشديد إزاء تعامل الحكومة، والتي هي الأخرى تظلم فرق الأطباء، على حد وصفها.

من جهته، يقول مركز مكافحة الشلل الوطني في باكستان إنّ حملة التلقيح التي أطلقت في نهاية يوليو/ تموز الماضي جرى خلالها تلقيح نحو 36 مليون طفل في مختلف أرجاء باكستان. كذلك، ستتواصل الحملة حتى تطعيم جميع الأطفال، وستتكرر بين الفينة والأخرى حتى القضاء نهائياً على الشلل.

يضيف المركز أنّ نحو 83 ألفاً من الآباء رفضوا تلقيح أبنائهم في البداية من دون ذكر السبب. لكنّ المركز قرر معاودة الحملة والتركيز على المناطق التي رفض فيها الآباء بالذات، وبالفعل، جرى إقناع الآلاف. مع ذلك، يصرّ 46 ألفاً من الآباء على الرفض، ولم تتمكن فرق حملة التطعيم من إقناعهم بالرغم من أساليبها المختلفة. لكنّ المركز يلفت إلى من يرفضون تلقيح أطفالهم في المناطق النائية من إقليم بلوشستان وخيبربختونخوا ستتعامل معهم السلطات وفقاً للقانون.

بدوره، يلفت المنسق العام للحملة ضد الشلل الدكتور رانا محمد صفدر إلى أنّ "تنظيم حملات التلقيح في باكستان أمر في غاية الصعوبة ويحتاج إلى الكثير من الجهود، لكننا سنواصل العمل حتى تكون باكستان من بين الدول التي قضت على هذا المرض". يؤكد المسؤول أنّ المركز يعتزم ترتيب مزيد من حملات التلقيح على خمسة أدوار مختلفة. وسيستعين المركز برجال الدين لإقناع الآباء، كي لا يبقى أيّ طفل دون الخامسة من دون تلقيح.

جدير بالذكر أنّ الحكومة المحلية في إقليم خيبربختونخوا اعتقلت قبل فترة مئات الآباء وزجت بهم في السجون بعد رفضهم تطعيم أطفالهم. وأكدت أنّ حملة الاعتقالات جرت في القرى المجاورة لمدينة بيشاور، عاصمة الإقليم، وأنّ الأمر قد يمتد إلى مدن أخرى إن استدعت الحاجة، مشيرة إلى أنّ ذلك يؤكد نيتها القضاء على هذا المرض.

المساهمون