أشهر 3 منتخبات لم تفز بكأس العالم(2).. المجر 1954

07 يونيو 2014
صورة أرشيفية لمباراة ألمانيا والمجر 1954 (Getty)
+ الخط -

كرة القدم لعبة الفوز والهزيمة، لكنها ليست كذلك فقط، بل هناك مفهوم أشمل وأدق وأوضح من ذلك بمراحل، إنها تلك الفلسفة التي لا يحكمها أي منطق أو عقل في بعض الأحيان لذلك عرفت بالساحرة المستديرة، التي تأسر قلوب محبيها وتأخذ عقولهم إلى زمن آخر، ووسط الأبطال الذين فازوا بكأس العالم، هناك بعض الأجيال التي خسرت البطولة دون سابق إنذار، وليس هناك جواب حتى اليوم، من خسّر الآخر، المنتخبات أم البطولة المونديالية الكبيرة؟

 المجر 1954

احتضن ملعب "ويمبلي" القديم، مباراة بين منتخبي إنجلترا والمجر، حيثُ لعبت إنجلترا بطريقة (3-2-2-3)، أو "الدبليو إم" وواجهت منتخباً من الصعب تحديد الطريقة التي يلعب بها، هي على الورق أقرب على (2-3-3-2)، أو ما يعرف "بالإم إم" لكن في الملعب كان التنفيذ مختلفاً تماماً، ومن الصعب تحديد مركز كل لاعب وذلك بسبب حالة من الفوضى المقصودة التي انتهجها المنتخب المجري أمام كل منافسيه.

 

منتخب يضم لاعبين من فريق واحد إلى فريقين يلعب بطريقة جديدة وبتوزيع غريب، وكان المتبع وقتها أن كل مركز في الملعب يرتدي صاحبه رقماً معيناً على قميصه، لكن في المجر كان الأمر مغايراً، إذ لاعب الوسط المتأخر يرتدي مثلاً رقم 5 ويراقب الرقم 9 في الفريق الخصم الذي يكون مهاجماً.

 

في المباراة جونستون الإنجليزي وجد نفسه أمام الرقم 9 هيديكوتي، على الورق مهاجم لكن في الملعب لاعب وسط وبالتالي كان العمق البريطاني مفتوحاً على مصراعيه وليس هذا فقط فبوشكاش وكوتشيك يرتديان أرقام 8 و10، لذلك اعتقد الجميع أنهما يلعبان كثنائي هجومي متأخر ولكنهما في الملعب ثنائي هجومي يدخل إلى منطقة الجزاء بالتبادل مع تحركات هيديكوتي.

 
النحلة

كان أداء الإنجليز ومعظم المنتخبات حينها أقرب إلى تحرك كل لاعب في مكانه لكن المجر لعبت مثل النحلة تقريباً، 11 لاعباً لا يتوقف عن الحركة لذلك كان من المستحيل إيقافهم، لذلك عنونت الجارديان البريطانية بعد المباراة الشهيرة بأن المنتخب الإنجليزي حصل على درس مجاني في علوم وفنون كرة القدم.

 

 وكأن الخصم المجري قادم من مجرة أو كوكب آخر يلعب كرة قدم غير معهودة ولم يشاهدها أحد من قبل، هزيمة بريطانية بمثابة جرس الإنذار والصدمة التي جعلتهم يغيرون كثيراً من افكارهم ومعتقداتهم حول اللعبة.

 

في المقابل وضع هيديكوتي وبوشكاش وبقية النجوم نهاية مأسوية للكبرياء الكروي ليصبح المنتخب المجري أول منتخب غير بريطاني يفوز على انجلترا في ملعب ويمبلي، قبل أن يعيد الكرة مرة أخرى في المجر ويهزمهم بسبعة أهداف مقابل هدف يتيم، في حين أن انتصارات متتالية وأهداف بالجملة وضعت كرة القدم الهجومية في مقام رفيع ورفعت بعرابها جيمي هوجان إلى عنان السماء.

 

سيطرت طريقة "الدبليو إم" على الكرة في السنوات الأولى، هوجان لم يقتنع بها وفكرة الدفاع لم تكن تستهويه على الإطلاق، كانت كرة القدم بالنسبة له لعبة الشعوب، لذلك يجب أن تكون حماسية مع قليل من الفن والمهارة والجانب التقني، لذلك عمل مع لاعبيه في المجر على تحسين النواحي الفنية خصوصاً في دقة التمرير والتحرك بدون كرة وعدم التقيد بالمراكز بالإضافة إلى تعليم اللاعبين كيفية التحكم بالكرة، إذ كان يطمح إلى وجود 11 لاعباً يجيدون فنون كرة القدم.

 

 لذلك كان هو صاحب فكرة اللعب الجماعي بشموليته، التي أخذت طابعاً أخر فيما بعد، ومع تولي المدرب الشاب مارتون بوكوفي تدريب فريق بودابست، وجد الرجل أرضاً خصبة وبيئة صالحة تماماً للعمل نتيجة مجهود جيمي هوجان السابق، وبدأ المدرب الجديد في إيجاد خطة جديدة تنسف تماما خطة "الدبليو إم" التي تحتاج إلى رأس حربي كلاسيكي ولاعبين وسط بنزعة دفاعية.

 الهجوم المتأخر

قام المنتخب المجري بتحريك المهاجم الأساسي كي يتحول إلى المنتصف، وهي بالأساس فكرة هوجان، ولم يكتف بذلك فقط بل قام بتصعيد ثنائي الهجوم المتأخر إلى منطقة الجزاء لكي يصبح شكل الخطة أقرب إلى (2-3-1-4)، أي ثنائي دفاعي وثلاثي بالوسط مع مهاجم متأخر ورباعي بالأمام.

 

وحين تولى جوستاف سيبس مهمة تدريب المنتخب المجري، قام بابتكار فكرة جديدة بالدفاع، قام بوضع ثنائي الوسط في العمق بطريقة عكسية، لاعب يقوم بدور هجومي رفقة المهاجم الوهمي المتأخر، والأخر يعود إلى الخلف لمساندة لاعب الارتكاز، من العمق في مهامه الدفاعية وتمرير الكرات إلى الأمام، فأصبحت الطريقة أقرب إلى (2-2-2-2)، أو بشكل أوضح رباعي خلفي ثنائي ارتكاز وثنائي دفاعي مع ثنائي بالوسط ورباعي بالهجوم، أي طريقة (4-2-4) أو ما يسمى بطريقة "الدبليو إم".

 

هل هناك حظ في الكرة؟ قد يكون الجواب نعم أو كلا، لكن هناك بعض المنتخبات التي أضاعت كأس العالم بسبب هفوات بسيطة أو أشياء غريبة، ومنتخب المجر في الخمسينيات أكبر دليل على ذلك، إذ إن المجر لعبت وألمانيا هي التي فازت في نهائي 1954، ومشوار المجر حتى النهائي كان في غاية المتعة، المنتخب الرائع الذي هزم البرازيل في ربع النهائي بالأربعة، في ظل تألق غير عادي للجميع، هيدكيوتي وكوسيس ولانتوس والبقية.

 

وفي الدور نصف النهائي، فاز على منتخب الأوروجواي حامل اللقب في نسخة 1950 حيثُ كانت الأوروجواي الأقرب للفوز بالبطولة، لكن المجريين فازوا بسهولة أيضاً وبنفس نتيجة ربع النهائي، بأربع أهداف مقابل هدفين في مباراة من جانب واحد.

 

فبعد أن سجلت المجر هدفين في أول عشر دقائق واستحوذت على الكرة بشكل كامل في ظل سيطرة مطلقة، لكن اللغز لم يُحل حتى اليوم، عن كيفية إنقلاب أحداث المباراة، ليستهزئ المجريون وترتفع روح الألمان ليقلبوا موازين المباراة رأساً على عقب، من التأخر بهدفين إلى التعادل في الشوط الأول، وقبل نهاية المباراة الألمان يسجلون هدف الانتصار في مفاجأة مدوية أذهلت الجميع.

دلالات
المساهمون