أشهر الصيحات الفنية في المونديال العالمي..شرح تكتيكي (2)

16 يوليو 2014
التكتيك الفني في كرة القدم أساس اللعبة (Getty)
+ الخط -

في الجزء الثاني من أبرز الخطط التكتيكية الحديثة التي ظهرت في المونديال البرازيلي، سيتمُ التطرق الى تكتيك رباعي الارتكاز، وبعض الخطط الفنية التي لم تشهدها الساحرة المستديرة منذ سنوات وعقود.

# رباعي الارتكاز 

في بطولة عام 2010، كانت الخطة الأشهر هي (4-2-3-1)، حيثُ قال ديل بوسكي بعد التتويج في جنوب إفريقيا: إن هذه الطريقة توفر توازناً دفاعياً كبيراً لوجود ثنائي في الارتكاز أمام رباعي الدفاع، ما يؤدي إلى تضييق المساحات في المنطقة الخطرة، وهذه الخطة لعبت بها معظم منتخبات البطولة، وكان النهائي بين هولندا وإسبانيا أكبر دليل على ذلك.

بينما في عام 2014 فإن رباعية الارتكاز هي العلامة الأشهر، طريقة لعب (4-4-2) التي تتحول إلى (4-4-1-1)، وهي الخطة التي اشتهر بها دييجو سيميوني مع أتليتكو مدريد، ووصل سابيا إلى النهائي الكبير بعد الاعتماد عليها خلال الثلاث مباريات الأخيرة، من خلال تواجد ماسكيرانو الى جوار بيليا يساعد الدفاع على الصمود، لكن تحول الثنائي بيريز ولافيتزي إلى المنتصف، هو الأمر الجديد.





وظهر المنتخب الأرجنتيني بشكل متحد في الخطوط الثلاثة، الكل متمركز في نصف الملعب الأول، الدفاع والوسط والهجوم بينهم مسافة صغيرة، وعليه فمن الصعب جداً اختراق الصفوف لدرجة أن الأرجنتين لم يدخل مرماه أي هدف خلال مباريات ثمن، ربع، نصف النهائي، وحتى المباراة الأخيرة أمام ألمانيا، سجل جوتزه في الشوط الإضافي، لينجح "راقصو التانجو" في صنع الخلطة الدفاعية، لكن ليست كل النهايات سعيدة.

# الثمانينات
في عام 1982، قدمت "فيفا" دراسة فنية تقول إن المنتخبات التي تتميز بخط وسط قوي بدنياً تتمتع بفرصة أكبر للفوز مقابل خصومها، وخلال مباراة نصف نهائي مونديال 1982 بين ألمانيا الغربية وفرنسا، تم تطبيق هذه القاعدة بامتياز طوال اللقاء، وبدأ مدربو المنتخبات في زيادة التدريبات البدنية لأفراد فريقهم خصوصاً لاعبي الوسط.

وفي مونديال 2014، لعبت بعض المنتخبات بلياقة بدنية حقيقية خصوصاً منتخبي هولندا وألمانيا حيثُ استخدم لويس فان جال أسلوب الرقابة الفردية في المنتصف، وكأنه يعيد طريقة الثمانينات لكن مع تحديث أكبر، في يحين أن "الطواحين" لعبت بثلاثة لاعبين في المنتصف، شنايدر يضغط على لاعب المنافس الذي يبدأ الهجمة، والثنائي الآخر يراقب بنظام رجل لرجل، مع صعود اللاعب الثالث دي فريج، لكي يضغط على المهاجم المتأخر أو صانع اللعب في المركز 10 .





دي فريج ليس مدافعاً صريحاً ولا لاعب ارتكاز بل أقرب إلى الـ Center Half دور إدميلسون في مونديال عام 2002، هو اللاعب الذي يبدأ بين قلبي الدفاع، وحينما يتم الاستحواذ، يصعد قليلا إلى الأمام لدفع زملائه إلى منطقة الوسط الهجومي.

# الوهمي 

اللاعب المزور أو الوهمي يعود من جديد إلى الساحة، ليس فقط كمهاجم بل أيضاً كصانع ألعاب وكان جيمس رودريجز أحد أبرز نجوم البطولة، برع كثيراً في صناعة الألعاب بين الخطوط مع منتخب كولومبيا، حيثُ يبدأ أمام المنتصف وبين الأجنحة لكنه يتحرك في كل مكان بالملعب، مع الدور التكتيكي الذي يقدمه المهاجم الصريح جوتيريز وجاكسون وباكا في التشكيلة .

الكرة في المنتصف، المهاجم الصريح يتحرك يميناً أو يساراً، يأخذ معه مدافعاً أو اثنين، هنا ينطلق رودريجز من المثلث الهجومي إلى منطقة الجزاء أو خارجها ليصبح رأس حربة وهميّاً بلا أي رقابة لأنه بمثابة الموج الذي يأتي من دون حسبان، شنايدر قديماً مع "الإنتر" قام بهذا الدور بالتبادل مع ميليتو، وجيمس أعاده من جديد في البرازيل.

أوزيل في ألمانيا أيضاً لاعب وهمي لكن كجناح، مسعود يبدأ المباراة على الطرف لكنه يدخل كثيراً في العمق لكي يصنع اللعب، أما ماريو جوتزه فقد سجل هدف الانتصار الغالي بعد خروج كلوزة المهاجم الصريح ونزول اللاعب الشاب، كما أوجد جوارديولا مركزاً لماريو الذي يلعب داخل منطقة الجزاء ولوف استخدمه بدهاء في آخر الدقائق .


# ذو الوجهين
تدور كرة القدم الحقيقية حول المساحات وكيفية التحكم فيها، من الممكن أن تأخذ الكرة لكن ليس بالضرورة أن تتحكم في سير المباراة، ومنتخب تشيلي من المنتخبات التي تعتمد بشكل كلي على التحركات، لأن المنتخب ضعيف بعض الشيء أثناء الاستحواذ، ولا يضم مجموعة لاعبين قادرين على بناء الهجمة بشكل سليم من الدفاع إلى الهجوم.

ثنائي مثل سانشيز وفارجاس، لا تستطيع أن تُصّنفهم كمهاجمين أو صناع لعب أو أجنحة، بل هم ثنائي يجيد وبشدة التحرك في المناطق المزدوجة والانتقال بحرية بين المراكز داخل المستطيل الأخضر، سانشيز يلعب كمهاجم في بعض الأوقات وجناح عند الحاجة، وصانع ألعاب حينما يدخل فيدال داخل منطقة الجزاء، إنه الاستغلال الأمثل لكل مساحة في الملعب.

في مباراة البرازيل وتشيلي، المنتخبان لا يجيدان أبداً الاستحواذ وبناء الهجمة وتناقل الكرة، لذلك كانت المباراة تسير في اتجاه واحد، من يضغط أكثر يحصل على الكرة، ومن يجري بذكاء يسيطر على مجريات اللعب، وتشيلي تمتاز باستعداد أفضل حول هذا الجانب لذلك كانت أخطر حتى آخر الدقائق.

وفي النهاية، يجب أن نختم بتصريح مهم من المدرب الذي خسر مونديال 94 بضربات الجزاء، لتأكيد أن اللعبة خلفها مفاهيم عديدة، وليست فقط خاصة بالفوز والخسارة، كرة القدم ليست حقيقة بل هي فن البحث المستمر عن الحقيقة وعظمتها تكمن في نقصانها وعدم اكتمالها أبداً.

 "ومهما وصلت إلى مستوى كبير من الأداء والإبداع، فسيظل هناك جزء ما غير مكتمل يحتاج إلى فكرة جديدة وابتكار مستمر، والنجاح الحقيقي هو محاولة الوصول إلى شق جديد ومستوى آخر في اللعبة المستديرة، أي نقلها إلى مكانة تسمح برؤية جديدة ومهمة متجددة".


 
دلالات
المساهمون