أفضل ما في الكرة بخلاف كل ما تحركه من الإنسان من مشاعر متضاربة يختلط فيها الحزن مع الفرح والسعادة مع المعاناة، هو أنها مليئة بالحكايات والقصص الغريبة التي شهدتها بطولاتها ومبارياتها طوال السنوات الماضية.
تعود دائما وأبدا أفضل القصص الغريبة والطريفة في عالم الكرة إلى أمريكا اللاتينية، ذلك المكان الذي أنجب ولن يتوقف عن إنجاب الكثير من المواهب الفذة التي تعطي لعالم الساحرة المستديرة معنى، ولكن هذه الواقعة التي تعود لمونديال أوروغواي 1930 ربما تكون الأكثر غرابة على الاطلاق.
كان مشجعو ناسيونال الأوروغواياني يؤكدون أن مرمى ملعب (باركي سنترال) المطل على طريق للسكة الحديدية ملعون، حيث أنه في كل مرة يمر قطار من خلفه إذا ما قرر سائقه إطلاق الصافرة فإن شباكه كانت لا بد وأن تهتز بهدف.
ولعبت الأرجنتين أمام فرنسا على أرض هذا الملعب في 15 يوليو/تموز بعد تعافي الحارس أليكس ثيبو في معجزة حقيقية، فعلى الرغم من أنه قبلها بيومين كان تعرض للإغماء أمام المكسيك إلا أنه أثناء هذه الليلة كان رائعا، حيث لم يفهم مهاجمو الأرجنتين كيف تمكن ثيبو، من التحرك برشاقة القط للتصدي لتسديداتهم بيديهم وقدميه وكوعيه بل وحتى صدره.
وقبل عشر دقائق فقط على نهاية اللقاء حينما كان يسود التعادل السلبي بدت الأمور صعبة للغاية، ولكن مهاجم الألبيسيلستي خوان ايفاريستو تعرض لتدخل قوي من قبل أجوستين شانتريل على بعد 35 مترا من مرمى فرنسا واحتسب الحكم البرازيلي ألميدا ريجو ركلة حرة، وعلى الرغم من أن مكان الخطأ كان على الناحية اليمنى قريبا من زاوية الملعب أي أنه لا يشكل خطرا في حالة التسديد المباشر، قرر ثيبو تشكيل حائط من ثلاثة لاعبين هم شانتريل ومارسيل كابيل واتيان ماتليه على البعد الذي تقره اللوائح ووقف في وسط المرمى حيث كانت زاويته تعطيه الأفضلية.
وطلب مهاجمو الأرجنتين، الذين ظهر عليهم اليأس من تألق ثيبو، من لاعب الوسط لويس مونتي الشهير بـ"دوبلي أنتشو"، التقدم للعب الكرة نظرا لتسديداته القوية وأثناء قيام مهاجم سان لورنزو بهذا الأمر مر قطار خلف المرمى الفرنسي وقام السائق حينما رأى الملعب ممتلئا بالجماهير بإطلاق الصافرة.
سدد مونتي كرة قوية في نفس اللحظة اخترقت ثغرة في الحائط الفرنسي لتخترق الزاوية اليمنى العليا للمرمى دون أن يقدر ثيبو على التعامل معها وليقفز كل لاعبي الأرجنتيني فوق زميلهم الذي أحرز الهدف، فيما كان البعض من محبي الأرجنتين الذين يعرفون قصة القطار لديهم رغبة في احتضان السائق الذي أطلق الصافرة ومعها لعنة المرمى.