أسرار وخبايا في مصر وتركيا، ورعاية روسية!

أسرار وخبايا في مصر وتركيا، ورعاية روسية!

14 ديسمبر 2017
+ الخط -
منتصف الأسبوع الماضي أعلنت موسكو عن ترتيب زيارة مفاجئة مكوكية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كل من سورية ومصر وتركيا، على أن تتم زيارة تلك الدول لمدة سويعات قليلة في يوم واحد! كان ذلك يوم الاثنين 11 ديسمبر/ كانون الأول 2017. وزيارات رؤساء الدول العظمى -كما نعلم- تكون مرتبة قبلها بشهور!

كان الهدف من زيارة بوتين لسورية هو زيارة القوات الروسية في إحدى القواعد العسكرية، وإعطاء الأمر لتلك القوات بالبدء في الانسحاب. أما الهدف الأساسي المعلن لزيارة كلٍ من مصر وتركيا فكان توقيع الاتفاق النهائي لبناء محطة نووية روسية في كلا البلدين.

بعد ذلك الإعلان بيوم واحد، انتشرت في مصر على صفحات التواصل الاجتماعي الداعمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منشورات –لا يُعلم مصدرها- تتحدث عن انكشاف محاولة اغتيال للفريق أحمد شفيق في باريس، تضطلع بها تركيا، ويحركها السياسي المصري المعارض المقيم في تركيا، أيمن نور، وأن الفريق شفيق جارى أيمن نور، وأبلغ السلطات المصرية، وأن ترحيله من الإمارات بعد إعلانه ترشحه للرئاسة المصرية عبر فيديو نشرته وكالة "رويترز"، ثم إعلانه عبر فيديو آخر بثته قناة "الجزيرة" أنه ممنوع من السفر إلى باريس لإعداد مؤتمر لإعلان ترشحه للرئاسة المصرية، كان من أجل الحفاظ على حياته.


وبما أن أي جهة مسؤولة في الدولة المصرية لم تُعلن عن هذا الأمر الخطير فقد تأكد لكل ذي بصيرة أنه خبر كاذب، كما أنه لا أثر لأي مقطع ولو قصير لتسريب من تلك المكالمات المدّعاة بين الفريق شفيق وأيمن نور، وإذا أضفنا إلى ذلك أن كثيرًا من المقربين للفريق شفيق والذين زاروه في الإمارات كانوا قد استشعروا رغبته في الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية 2018، فإنه لا يبقى أي سبب لتصديق ذلك الادعاء حول تدبير تركيا لاغتيال الفريق شفيق في باريس.

لكن بقي السؤال عالقًا حول سبب نشر تلك الشائعة على صفحات التواصل الاجتماعي، وإن كان وراءها أنه كانت حقًا هناك محاولة اغتيال للرجل اكتشفتها مخابرات أجنبية، ونظرًا لتواجد عناصر مصرية في باريس فهم يحاولون إلصاق الأمر بتركيا، وتفسير وجود تلك العناصر المصرية على أنهم كانوا موجودين لحمايته.

زاد من ذلك الاحتمال تلك الأنباء التي أشيعت في مصر عن خلافات بين كبار العسكريين، وأن أغلبهم يقف في صف ترشح الفريق شفيق، بينما رجال المخابرات تحديدًا تفضل عدم ترشحه وتفضل احتفاظ السيسي بالرئاسة.

ثم انقضت أيام ذلك الأسبوع سريعًا، التهينا فيها بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمةً لإسرائيل، وحل يوم الاثنين 11 ديسمبر/ كانون الأول 2017، وهو موعد زيارة بوتين الطارئة للقاهرة، والمفترض أن يتم فيها توقيع الاتفاق النهائي لمشروع محطة الضبعة للطاقة النووية، كما أُعلِن.

لم أشاهد مراسم التوقيع الخاصة بمشروع الضبعة النووي، لكن اجتهدت في قراءة كل ما قابلني على المواقع الإخبارية التي ذكرت أنه تم توقيع اتفاقية لأتأكد إن كان هذا هو العقد النهائي، ولم أجد تأكيدًا على ذلك.

واتفقت وكالات الأنباء على أن الطرفين الموقعين كانا وزير الكهرباء المصري ورئيس شركة روس أتوم النووية الروسية التي ستتولى المشروع، وهي مملوكة للحكومة الروسية.

وكالة "رويترز" أيضًا قالت إن ما تم توقيعه هو عقد لبدء تنفيذ المشروع، كما نقلت موافقة تسويفية لبوتين على عودة الطيران الروسي إلى مصر. قال بوتين: "أبلغتني أجهزة الأمن الروسية بأننا، بشكل عام، مستعدون لفتح الطريق الجوي المباشر بين موسكو والقاهرة". وأضاف: "هذا يتطلب توقيع بروتوكول يتصل بالأمر بين الحكومتين".

إذًا فغالبًا ليس هذا هو العقد النهائي الذي كان يلزم توقيعه من الرئيسين، وإلا فلماذا حضر بوتين؟!

خاصة أنني قرأت أيضا على صفحات "المصري اليوم" خبرًا بعنوان "خبير: ضغوط أمريكية وخليجية لعدم تنفيذ محطة الضبعة النووية". لفتتني الفقرة الأخيرة منه: "وعُقدت، الاثنين، قمة مصرية روسية بين الزعيمين عبدالفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قصر الاتحادية، تم خلالها مناقشة سبل التعاون الثنائي والملفات العالقة في الشرق الأوسط". أي أن الخبر وصف ما دار بين الرئيسين وصفًا عامًا ولم يشر لتوقيعهما أي اتفاقية.

السؤال الآن: لماذا لم يتم توقيع العقد النهائي للاتفاقية بين الرئيسين؟
والسؤال الأهم: لماذا زار بوتين تركيا في نفس اليوم؟ وما علاقة ذلك بالملفات العالقة في الشرق الأوسط التي تمت مناقشتها مع السيسي؟

الخلاصة أن هناك الكثير مما يجري وراء الستار في الشرق الأوسط هذه الأيام، خاصة في مصر وتركيا، خاصة ما يخص ملفي الإخوان وانتخابات الرئاسة المصرية. وأعتقد أن التطورات ستجري بأسرع مما نتوقع خلال الأيام القادمة، وأن تغيرات كبيرة ستطرأ.
080466BE-4B84-427B-ADA4-6430655C36F1
منى زيتون

باحثة وكاتبة، دكتور الفلسفة تخصص علم النفس التربوي من جامعة القاهرة.