أسخر من الموت في وجهه

أسخر من الموت في وجهه

10 مايو 2020
بسنيك مصطفى
+ الخط -

أسخر من الموت في وجهه،
قابلتُه وجهاً لوجه
لا تسألوني كيف كان،
لا تسألوني عن صورته!
يمكن أن أقول لكم فقط:
كان مرعباً،
ما كان فيه أيّة رومانسية.

أيتها الحياة، حبيبتي التي لن تشيخ أبداً.
سأنام معك كل ليلة،
لكي تلدي لي الأطفال في الصباح.
الكثير من الأطفال لكي أجمعهم حولي في المساء،
لأخبرهم كيف أحرق الطرواديون الحصان الخشبي لليونانيين
قبل أن يطأ المدينة،
كيف لفظ أوديسيوس روحه بين صرخات القنوط والحزن
بشكل أسوأ من أخيل
الذي نالوا منه بالمَكر.

سأخبركم عن الاحتفال الكبير
الذي شارك فيه السمك في الماء،
والماعز البرّي في أعالي الجبل
حين أصبتُ البيرقراطية في قلبها
وبقيتْ في مكانها دونما حركة.

أيتها الحياة، حبيبتي التي لن تشيخ أبداً.
سأنام معك كل ليلة،
وأنت كل صباح ستلدين لي الأطفال،
الأطفال الذين سيعيدون الدفء للبيت
والطاقة للذرّة.

قابلتُ الموت وجهاً لوجه
كان مرعباً،
كان مرعباً إلى حدّ أني حين نجوتُ
بدتْ لي الحياة قصيرة جدّاً.
بدت لي الديماغوجيا وعبادة الشخصية والأساطير
أخطر مما كانت تبدو لي من قبل،
حتى إنها كانت تجعل الحياة على قصرها مزيّفة.


* شاعر وروائي ودبلوماسي ألباني من مواليد عام 1958 في قرية بشمال ألبانيا. تخرَّجَ مِن قسم اللغة الفرنسية وآدابها في جامعة تيرانا. اشتغل أوّلاً في التعليم ثم في صحيفة الحزب الشيوعي "صوت الشعب"، ثم مترجماً في "معهد الدراسات الماركسية اللينينية" (1983 - 1988)، لينتقل بعدها إلى اتحاد الكتّاب ويتولى رئاسة تحرير "الجريدة الأدبية".

كان من أوائل المنضمّين إلى الحراك الديمقراطي في 1990، ومن مؤسّسي "الحزب الديموقراطي" الذي دعا إلى تفكيك الحكم الشمولي. في 1991، أصبح عضواً في أوّل برلمان ديمقراطي في البلاد، وفي 1992 أصبح أوّل سفير لألبانيا الديمقراطية في باريس. في 2005، أصبح وزيراً للخارجية ليستقيل في 2007 من الحكومة و"الحزب الديمقراطي" احتجاجاً على ما آل إليه الحال مع رفاق الأمس.

أصدر أول مجموعة شعرية عام 1978 بعنوان "موتيفات فرحة"، ثم صدرت له مجموعات شعرية وروايات عدّة، وصولاً إلى رواية "حلم الدكتور" في 2017 التي سخر فيها من الطبقة السياسية الجديدة في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية. تُرجم عدد من أعماله إلى الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية واليونانية.

** ترجمة عن الألبانية محمد م. الأرناؤوط

المساهمون