أسئلة كردية

أسئلة كردية

01 أكتوبر 2017
+ الخط -
من حق الكرد أن يقرّروا مصيرهم، ويحق للكرد الذهاب نحو تكوين الدولة التي يطمحون إليها، خصوصا أن تجارب "العيش المشترك" لم تعط الكرد إلا الإهمال والإقصاء والوعود الكاذبة منذ عقود عديدة، إلى درجة يمكن القول معها إنّ الكرد لم يصلوا إلى هذه اللحظة التي وصلوا إليها اليوم إلا بفضل تلك السياسات "القومجية" التي رسمت سيوفها خرائط التعذيب على أجساد العرب والكرد على السواء.
إلا أنّ أحد مآسي الكرد، وربما، حيل التاريخ، تكمن اليوم في أن الدولة القومية لم تعد محط أنظار أحد في العالم، فهذه الدولة أثبتت التجارب أنها الأكثر فشلا واستبدادا وقدرة على إثارة التخريب والحروب الأهلية، ناهيك عن كون أن الزمن االذي يفصلنا عن عصر القوميات بات يقاس بالعقود إن لم نقل بالقرون، فلم التمسك في فكرة دولة عفا عليها الزمن، بدلا من التطلع نحو المستقبل؟ وهل هذا التشبث بالماضي (سبق للعرب أن تشبثوا به، وللإسلاميين أن تشبثوا به) سيحقق للكرد أحلامهم؟ هل تمكنت نظم "القومية العربية" من تقديم الكرامة للعرب وغيرهم حتى تقدّمها للكرد اليوم؟
ولكن، من جهة أخرى: ألا يمكن للكرد أن يخطوا طريقا مختلفا عن الطريق التي سلكتها الدولة العربية؟ وأليست تجربة الإقليم الناحجة (إذا ما قورنت بالفشل الذريع في بغداد) هي دليل على أنه يمكن للكرد أن يبدعوا ويقدموا جديدا هنا؟
أكد البرزاني، في خطابه أكثر من مرة، أنه لن يقيم دولة كردية بل دولة لكل مواطنيها، دولة يكون فيها للجميع حقوق المواطنة. وهذا كلام نبيل وجميل، إلأ أن العبرة تبقى في التجربة التي تعترضها صعوبات كثيرة، فقوة الحضور القومي الكردي، شعبيا وسلطويا، لن تسمح بولادة هذه المواطنة التي تحتاج قوى ديمقراطية، خرجت من براثن الدين والقوميات، وهو ما يجعل الدولة التي يعمل عليها مسعود البارزاني ذات بعد قومي بطريقة أو بأخرى، لأن البناء التحتي هو ما يقيم البناء الفوقي، ونحن هنا إزاء مكونيين لا يمكن الخروج عليهما بسهولة، البعد القومي الشعبوي، والسلطوية التي يدار بها الإقليم، وهو ما يتيح للثانية أن تستغل الأول للبقاء في السلطة، مكررة بذلك تجارب سبق أن رأينا نتائجها.
avata
avata
ماهر سمعان (سورية)
ماهر سمعان (سورية)