أزمة نفايات موريتانيا عصيّة على الحل

أزمة نفايات موريتانيا عصيّة على الحل

09 سبتمبر 2016
يتم الاعتماد على شاحنات نقل عادية (العربي الجديد)
+ الخط -
تتحدث أم كلثوم بنت أحمد، وهي من سكان حي تفرغ زينة، مع "العربي الجديد" عن معاناة سكان الحي من مكب للنفايات ينشر الأمراض والأوبئة ويزكم الأنوف بالروائح الكريهة، التي تصل إلى مئات الأمتار. وتناشد بنت أحمد المجموعة الحضرية (البلدية المركزية) بتخليصهم من هذا المكب، "الذي تلقى فيه القمامة بشكل عشوائي دون مراعاة تحوّل محيطه منذ سنوات إلى حي سكني راقٍ يسكنه مئات المواطنين".

بدوره، يقول اعل ولد التاه، وهو شيخ مسنّ من سكان الحي، إن حالات من السعال والإسهال تصيب السكان بسبب النفايات، ويضيف: "لم نعد نستطيع أن نتحمل أكثر". ويؤكد ولد التاه لـ"العربي الجديد" أن "البعوض المنتشر فى الحي، وفي أغلب أحياء نواكشوط، نجمت عنه أمراض كثيرة وخطيرة كالملاريا وغيرها من الأمراض"، قبل أن يرفع مطلبه: "نريد حقنا في هواء نقي".

على صعيد متصل، أطلق ناشطون شباب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي حول خطر انتشار القمامة، ونشروا صوراً لأكوام النفايات المتكدسة فى بعض الأحياء والمراكز.
وتزامن انتشار القمامة في نواكشوط مع موسم الأمطار وما خلّفته من مستنقعات، مما يهدد السكان بمخاطر صحية وبيئية كبيرة، وسط تدافع للمسؤولية وحالة من التخبط وفق المتابعين، حول تعامل مجموعة نواكشوط الحضرية مع أزمة النفايات فى العاصمة.

في العام 2007 سحبت صلاحية النظافة من بلديات نواكشوط التسع لصالح البلدية المركزية (المجموعة الحضرية)، وهو ما فسّر حينها بالرغبة في التضييق على المعارضة، بعد أن فازت الأخيرة فى غالبية بلديات العاصمة. وتم توقيع عقد يمتد لعشر سنوات مع شركة "بيزيرنو" الفرنسية لتنظيف العاصمة، غير أن خلافات بين الطرفين أدت إلى إلغاء العقد من طرف وكالة التنمية الحضرية (مؤسسة حكومية مسؤولة عن الجوانب المالية في البلديات) عام 2014 ، بعد أن توقفت الشركة عن العمل احتجاجاً على تأخر بعض مستحقاتها المالية.

وفيما لجأت المجموعة الحضرية إلى القيام بمهمة تنظيف العاصمة، أعلنت في شهر يوليو/تموز الماضي عن تكليف ثلاث شركات محلية بمهمة تنظيف العاصمة. وقال مصدر في مجموعة نواكشوط الحضرية، لـ"العربي الجديد"، إن "المجموعة الحضرية بذلت جهوداً مضنية لتنظيف العاصمة وحققت نتائج طيبة، وقد اختارت الآن أن توكل المهمة إلى ثلاث شركات وطنية تشجيعاً للمقاولات الوطنية، وتم إجراء مناقصة شفافة أشرفت عليها اللجنة الوطنية للصفقات".

وأكد المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "الشركات الثلاث المكلفة بتنظيف نواكشوط تتوفّر على الوسائل المطلوبة للقيام بالمهمة وهي لا تزال فى بداية عملها". وشدد على أن "هناك مبالغة في ما ينشر ويقال بشأن تفاقم النفايات وأن هناك دوراً مهماً يرتبط بالمواطن، حيث أن بعض السكان يرمون النفايات فى أماكن غير مخصصة لها وهي أزمة تتعلق بالوعي وتحتاج إلى حملات توعية أكثر".

من جهته، يشرح الباحث، محمد محفوظ ولد أحمد، لـ"العربي الجديد"، أسباب وخلفيات أزمة النفايات وفشل الجهات المعنية فى حلّها، فيقول: "تواجه عملية تنظيف نواكشوط، وكذلك المدن الأخرى، معضلة أساسية هي عدم تعاون المواطنين الذين هم المصدر والهدف من هذه العملية، وذلك لأسباب رئيسية ثلاثة: الأول هو غلبة الطابع البدوي على نمط الحياة، حيث لم تكن حياة الترحال تتطلب نظاماً ثابتاً للنظافة. الثاني: أنه لا توجد توعية تربوية ولا إعلامية لتغيير العقلية البدوية، ومساعدة الناس على معرفة أهمية النظافة وضرورة التعاون والجهد الجماعي لتحقيقها. الثالث: انعدام بنية عملية وعملاتية تساعد الناس وتغريهم بالتعاون". ويستطرد ولد أحمد في الحديث عن غياب وسائل وآليات تجميع القمامة: "بلغ قصور الجهد العام، في هذا الصدد، أنه لا توجد نقاط لتجميع القمامة قبل نقلها إلى المكبات، مما جعل البعض يرميها في أي مكان، مما يسبب انتشارها أفقياً، ويؤدي أحياناً إلى نزاعات وتجاوزات بين الجيران. يضاف إلى ذلك غياب الصرف الصحي، وخلو التخطيط العمراني من أية مرافق لجمع وحفظ المخلفات والقمامة".

يتابع الباحث المهتم بالمجال التنموي فيقول: "السلطات الحكومية والمحلية لم تستطع يوماً أن تضع برنامجاً أو نظاماً ثابتاً لعملية النظافة، وإنما ظلت تتداولها عدة جهات، ويقام بها في إطار حملات موسمية، بعد أن تبلغ حداً لا يمكن التغاضي عنه".
ويشدد الباحث، محمد محفوظ، على أن "من أكبر المشاكل والثغرات التي يعاني منها النظام الجديد اعتماده على شاحنات نقل عادية ليست معدة لهذا الغرض، وبعضها متهالك، ويقال إن المحسوبية والفساد وراء تأجير بعض تلك الآليات السيئة. إضافة إلى أن العاملين في هذا الميدان لا يتمتعون بأية خبرة ولا تدريب".

المساهمون