أزمة مياه كارثية تهدّد أفريقيا

أزمة مياه كارثية تهدّد أفريقيا: جفاف ونمو سكاني وبنى تحتية متهالكة

20 مارس 2019
شح المياه كلفته عالية (لويس تاتو/فرانس برس)
+ الخط -
تشتد أزمة المياه في عدد من دول القارة الأفريقية في سياق أزمة عالمية تطاول أكثر من ملياري نسمة، نتيجة الجفاف على وجه الخصوص، إضافة إلى النمو السكاني الذي يقابله ضعف في البنى التحية والاستثمارات في قطاعات الطاقة والمياه، والتي تعتبر جميعها عوامل أساسية مؤدية للتغير المناخي.

وأشار تقرير أصدره موقع "بلومبيرغ" للمعلومات والتكنولوجيا، أمس الثلاثاء، إلى أن أزمة المياه بدأت تلقي بثقلها على مدن وبلدات في العديد من الدول الأفريقية منها موزمبيق وزيمبابوي وساحل العاج وغانا وحتى جنوب أفريقيا مع نقص ملحوظ للمياه في الأشهر الأخيرة، ضمن مظاهر أزمة عالمية ناجمة عن الجفاف والنمو السكاني والتحضر وعدم كفاية الاستثمار في السدود وغيرها من الهياكل الأساسية.

واستند تقرير "بلومبيرغ" إلى معطيات أظهرها تقرير الأمم المتحدة المتعلق بتنمية المياه في العالم لعام 2019، والصادر من جنيف أمس تحت عنوان "لن يترك أحد بدون مياه"، ليشير إلى أن استخدام المياه في العالم يزداد بنحو 1 في المائة سنوياً منذ الثمانينيات، ويعيش الآن أكثر من ملياري شخص في بلدان تعاني من اشتداد أزمة المياه، ومن المتوقع أن ينمو الطلب على هذه المادة الحيوية بما يصل إلى 30 في المائة بحلول عام 2050.


ضعف الاستثمار في البنى التحتية

ولفت تقرير "بلومبيرغ" إلى التوقعات بأن تصبح أزمة المياه الكارثية أسوأ بكثير في القارة الأفريقية، بناءً على توقعات الأمم المتحدة بأن يتضاعف عدد سكان أفقر قارات العالم إلى 2.5 مليار بحلول عام 2050، 59 في المائة منهم سيقيمون في المناطق الحضرية بحلول ذلك الوقت، وهو ارتفاع كبير مقارنة بقديرات اليوم التي تبيّن أن 43 في المائة من سكان تلك القارات الفقيرة يسكنون المدن وضواحيها.

وأوضح التقرير أن الحاجة إلى المياه تزداد مع الزيادة الهائلة في الإنتاج الزراعي المفروض لإطعام الجميع، ما يضاعف الضغوط الناجمة عن ارتفاع الطلب على المياه المنزلية، مشيراً إلى أن الدول ذات الموارد المائية الوفيرة أيضاً قد لا تكون قادرة على بناء السدود وخطوط الأنابيب ومحطات الضخ ومحطات تنقية كافية لضمان الإمداد الكافي من المياه.


وذكّر "بلومبيرغ" بدراسة نشرها بنك التنمية الأفريقي عام 2018 بيّنت أن القارة الأقريقية بحاجة إلى إنفاق ما لا يقل عن 130 مليار دولار لمعالجة مشاكل وضعف البنية التحتية، منها نحو 66 مليار دولار تحتاجها لتوفير إمكانية وصول الجميع إلى مصادر المياه وشبكات الصرف الصحي، في حين يظهر الواقع فجوة في التمويل قدرها 68 مليار دولار.

وارتكز على رأي منظمة The Global Infrastructure Hub (منظمة البنية التحتية العالمية) القائل إن "الاستثمارات في المشاريع الكبرى، والاعتبارات السياسية قصيرة الأجل، والقيود المفروضة على الاقتراض الحكومي تعرقل بناء البنية التحتية، مع وجود مشكلة حادة بشكل خاص في أفريقيا". كما اعتبرت المنظمة التي أنشأتها مجموعة العشرين من الدول المتقدمة لتعزيز التنمية، أن "الفوائد التي تقدمها المشاريع للمجتمع بأسره قد تفوق العوائد التي يجنيها المشغلون، وهو رادع محتمل للاستثمار الخاص الذي يجني الربح".

تقنين المياه في دول أفريقيا

وتابع الموقع أن البنية التحتية المتهالكة ضاعفت أثر الجفاف الذي يضرب زيمبابوي التي تعاني من ضائقة مالية، ما أدى إلى ترشيد استهلاك المياه في أكبر مدينتين فيها، وهما هراري العاصمة وبولاوايو. وكذلك الأمر في مابوتو عاصمة موزمبيق، حيث قطعت إمدادات المياه في أيام متناوبة منذ شهر يناير/كانون الثاني 2019 بعد انخفاض مستويات السدود إلى أقل من ربع طاقتها.

ولفت إلى اقتراب الصنابير من الجفاف في كيب تاون، ثالث أكبر المدن في جنوب أفريقيا وقبلة السياحة فيها، بسبب القحط العام الماضي قبل أن تجلب الأمطار الشتوية الجيدة فترة من أسوأ مرحلة جفاف تشهدها المنطقة. كما أصبح كابوس نقص المياه حقيقة واقعة في العام الماضي في بواكي، ثاني أكبر مدن ساحل العاج مع انحباس الأمطار، ما اضطر الحكومة إلى استخدام صهاريج لنقل إمدادات المياه في سياق أزمة الطوارئ، ووصلت الأزمة إلى حد نقل آلاف الناس مؤقتا من المدينة.


كما أضاء على نقص المياه في أكرا عاصمة غانا، الذي يحصل في الغالب لعدم هطول الأمطار بانتظام، كما أن عدم كفاية وصيانة أنابيب ومحطات الضخ ومحطات التنقية من الأسباب الرئيسة لأزمة المدينة. ويعيش نحو 4.9 ملايين شخص في المدينة والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك مدينة تيما الساحلية.

وتدرك شركة غانا للمياه، وهي شركة مملوكة للدولة، أن بعض أحياء أكرا تعاني من نقص في إمدادات المياه أو تعاني من ضغوط منخفضة، لكنها تواجه معركة شاقة لمعالجة المشكلة لأن الأحياء الجديدة يتم تطويرها بسرعة نفوق ما يجب أن يوازيها من توفير وتطوير للبنية التحتية.