أزمة في تعز: الإمارات تريد استنساخ "الحزام الأمني"

أزمة في تعز: الإمارات تريد استنساخ "الحزام الأمني"

16 ابريل 2018
رفض في تعز لاستنساخ "الحزام الأمني" (نبيل حسان/فرانس برس)
+ الخط -

أزمة محتدمة في تعز اليمنية، متعددة الأقطاب، تصاعدت وتيرتها أخيراً مع خروج تظاهرات وخطابات وبيانات سياسية، بعد أنباء عن سعي الإمارات إلى استنساخ تجربة ما يُعرف بـ"قوات الحزام الأمني" في المدينة، ووصول قوات موالية لنجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، العميد طارق صالح، إلى الجزء الغربي من تعز، في ظل التباينات التي تشهدها المدينة بين الأطراف المتعددة الفاعلة عسكرياً وسياسياً.

وأكدت مصادر محلية في تعز، لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة، عقب خروج تظاهرة جماهيرية، السبت الماضي، بدعوة مما يُعرف بـ"رابطة أبناء الشهداء والجرحى"، التي تُحسب على حزب التجمع اليمني للإصلاح، في نظر خصومه على الأقل. ورفع المشاركون في التظاهرة لافتات ترفض أي دور لطارق صالح أو أي من أفراد عائلة الرئيس الراحل. كما ردد المشاركون فيها شعارات تطالب باستكمال تحرير المحافظة، ورفض أي توجه لاستنساخ تجربة "الحزام الأمني"، الموالية للإمارات، في تعز.

وعلى الرغم من أن العنوان الأكبر للتصعيد في تعز، كان رفض وجود طارق صالح، الذي وصلت قوات موالية له، من عدن إلى المخا غرب تعز، إلا أن التصعيد أخذ بعداً آخر في الصراع بين الأقطاب المحلية المؤثرة، إذ رأت مصادر محلية قريبة من المحافظ، أمين أحمد محمود، أن التصعيد موجه في الأساس ضد الخطوات التي يتخذها قائد اللواء 35 مدرع، العميد عدنان الحمادي، المحسوب على أطياف بعينها داخل المدينة، بما في ذلك التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي اليمني. واضطرت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، وتحديداً الأمين العام المساعد للحزب، سلطان البركاني، إلى التأكيد أن طارق صالح لن يتجه إلى تعز. وقال، في تغريدة، مخاطباً من قال إنهم "يتصارعون على طواحين الهواء"، إنه "يؤسفني أن نقول لهم إن كل المعلومات المؤكدة تشير إلى عدم صحة ما تزعمونه، وهو أمر ليس له وجود إطلاقاً".



من جانبه، وعلى ضوء الأزمة، خرج محافظ تعز، أمين محمود، ببيان مطول لأبناء تعز، اعتبر فيه أن "هناك طابوراً خامساً يعمل ضدكم، ومهمته إشعال الحرائق والفتن بينكم، ويتساوى في نتائج ما يقوم به من دعوة للتظاهرات والدعايات والبيانات الكاذبة مع أهداف الانقلاب الحوثي في إبقاء تعز رهينة للحصار والقتل والتجويع"، وهو التصريح الذي أثار انتقادات الأطراف الداعية إلى تظاهرة السبت، إذ أصدرت "رابطة أسر شهداء تعز" بياناً قالت فيه إنها "دعت إلى مسيرة سلمية مع سماعها ومتابعتها لخطوات تمكين طارق صالح والإعداد له للتوجه إلى تعز"، وإنها "تأسف كل الأسف من كلام محافظ المحافظة". وكان محمود تطرق، في الخطاب نفسه، إلى الخطوات التي يتخذها. ودافع ضمنياً عن التحالف بواجهته الإماراتية في تعز. وقال إن "تحرير تعز واليمن لن يكون بالإساءة وتوجيه الاتهامات الزائفة لحلفائنا الذين هبّوا لنصرتنا ولم يبخلوا بأموالهم ودمائهم في سبيل ذلك". واعتبر أنه بدأ "المسير بخطوات ثابتة وواثقة نحو إعادة بناء وتفعيل مؤسسات الدولة المختلفة، وباشرنا العمل الدؤوب في إعادة هيكلة ألوية الجيش وإعادة بنائها على أسس علمية حديثة". وتابع "شهدنا تخرّج أول دفعة من قوات الأمن، بعدد 300 جندي، سيشكلون طليعة شرطة تعز، وسيتم استدعاء كافة أفراد الشرطة الذين لا يزالون مؤهلين للخدمة من أبناء تعز".

ويصف معارضو محافظ تعز، المعين منذ شهور، بأنه مقرّب من الإمارات، أو يتمتع بعلاقة جيدة معها على الأقل، إذ كان قد ظهر في خطاب سابق له، عبر وكالة أنباء الإمارات، ليعلن انطلاق عملية عسكرية لاستكمال تحرير المحافظة، انتهت كغيرها من العمليات السابقة، دون أي تقدم حاسم. وعادت الأزمة أخيراً مع زيارة قام بها وفد من التحالف العربي إلى اللواء 35 مدرع في تعز، إذ تردد أن هدف الزيارة هو تأسيس "قوات الحزام الأمني"- فرع تعز، وهو ما أثار أزمة وردود فعل واسعة، اضطرت قائد اللواء إلى إصدار بيان يوضح فيه ملابسات الزيارة، مؤكداً أن الوفد كان برئاسة قائد القوات السعودية، العميد أبوعبدالله، إلى جانب وجود مندوب عن القوات الإماراتية وآخر عن القوات البحرينية، حيث تفقّد الوفد قطاعات اللواء، إلا أن ردود الفعل كانت أسرع، وتوجهت أصابع الاتهامات نحو اللواء بالتنسيق مع أبوظبي.

وتكتسب الأزمة، من جهة أخرى، بعداً سياسياً، إذ إن اللواء 35 مدرع والمحافظ مدعومين من القوى اليسارية، وأبرزها التنظيم الناصري في تعز، الذي أصدر بياناً، السبت الماضي، أعلن فيه دعمه للمحافظ وما ورد في خطابه، مشيراً إلى أنه تابع "المواقف المرتجلة والتحريض غير المسؤول تجاه شركاء العمل السياسي والعسكري والتحالف العربي من قبل البعض في تعز"، في إشارة على ما يبدو إلى محسوبين على حزب "الإصلاح". وقال التنظيم الناصري إنه يرفض "كل محاولات الزج بتعز وأبنائها في خصومات اعتباطية مع دول الإقليم، ويؤكد أن فقدان ثقة بعض الأطراف المحلية أو الإقليمية، ببعض القيادات والأطراف يجب ألا تتحول إلى معارك استقطابية داخل المجتمع، بما يؤثر على محافظة تعز سلباً ويتسبب في تأخير عملية التحرير، والإضرار بالمصالح الجمعية بسبب تصادم المصالح أو الاختلاف في الرؤى مع الشرعية أو التحالف العربي المساند لها". وتتولى الإمارات واجهة العمليات العسكرية للتحالف في المناطق الجنوبية لليمن، بما فيها تعز، التي لطالما كان تأخير تحريرها مرتبطا بعوامل سياسية، خصوصاً ما يتعلق بمخاوف أبوظبي من قوة حزب "الإصلاح" في المدينة، في مقابل الرفض السائد لتوجه الإمارات الرامي إلى استنساخ القوات المدعومة منها في الجنوب، والتي صنفتها الشرعية كأحد المخاطر في طريقها.